تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


محاضــــــــــــرة.. تجديــــــد الـتـــــــراث الفلســــــــفي

ثقافة
الأثنين 7-12-2009م
نجلاء دنورة

إن دراسة الفلسفة العربية الإسلامية ذات خصوصية متميزة من حيث جذورها التاريخية، ازدهارها وتألقها العالمي الذي امتد عبر التاريخ لعدة قرون،

وإن الرؤية المعاصرة تعني التطوير والابداع والانبعاث الحي من الذات وريادة آفاق الحياة الحديثة بكل أطيافها العلمية والثقافية والتربوية من خلال مفاهيم وقيم أرست دعائمها عبرالتاريخ فلسفة عربية إسلامية ثابتة.‏

وفي هذا الإطار كانت محاضرات حول التراث الفكري الاجتماعي ضمن فعاليات المؤتمر السنوي الثامن لمجمع اللغة العربية، وتحدث خلالها كل من الدكتور عبد الكريم خليفة والدكتور عبد الحميد مدكور والدكتور محمود خضرة، وكانت البداية مع الدكتور خليفة الذي قدم رسالة في فلسفة الأخلاق (الأخلاق والسير في مداواة النفوس) للإمام ابن حزم الأندلسي الأديب والشاعر والمؤرخ والنساب والفقيه والفيلسوف والذي يعتبر أحد عظماء الحضارة العربية الإسلامية، وكانت له نظريات قيمة في مجال الفلسفة ولاسيما في نظرية المعرفة وفي فلسفة الأخلاق وينطلق في فكره وفلسفته من إيمان عميق بالله سبحانه وتعالى والالتزام بأحكام القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف إلى جانب ماتتصف به شخصيته من زهد وورع وأن فكره وفلسفته في جميع مصنفاته ينبثقان عن هذا الإيمان.‏

ووضع فلسفة أخلاقية عربية إسلامية تعالج حياة الإنسان في حياته العملية ونهج في ذلك نهجاً أصيلاً ومبدعاً ميزه عن فلاسفة الأخلاق المسلمين الآخرين حيث ألف كتابه (الأخلاق والسير في مداواة النفوس) ووضعه في فقرات وعلى منهج الاشارات والتنبيهات وصنفها حول موضوعات جامعة ويبدو أن ابن حزم كتب هذه الرسالة في آخر حياته فهي ثمرة سني نضوجه فقد ضمنها نتائج دراساته العميقة وملاحظاته الحية لشؤون الناس وتصرفاتهم نافذاً إلى طبيعة سلوك الإنسان وحياته النفسية وقد حدد غرضه من هذه الرسالة والجمهور الذي يخاطبه بصورة واضحة ودقيقة منذ البداية.‏

وأشار خليفة إلى تأمل ابن حزم حياة الإنسان فينظر في النفس الإنسانية من حيث طبيعتها خارج الأجناس والألوان والعقائد وخارج الزمان والمكان ليمدد الفرض الجامع.‏

وتحتل قيمة العدل وقيمة الحق مكانة أساسية في فلسفته الأخلاقية إذ يفيد بأن أفضل نعم الله على المرء أن يطبعه على العدل وحبه وعلى الحق وإيثاره، ويتأمل ابن حزم مفاهيم الموت والحياة تأملاً طويلاً وتبقى هذه المفاهيم تشغل فكره طويلاً ويتوقف عند الجسد والروح وعند الجسد والنفس وأن النفس تأنس بالنفس على حين الجسد مستثقل مهروم به.‏

وينحو ابن حزم الفيلسوف الأخلاقي إلى الحديث عن المفاهيم وأنواع الفضائل وفي مقالته عن الأخوان والصداقة والنصيحة نراه كما هو شأنه في كتابيه (السير والأخلاق) و(طوق الحمامة) يغوص في أعماق النفس الإنسانية محللاً سلوكها وتصرفها ودوافعها في أجواء من الروابط الاجتماعية واستئناس النفس بالنفس.‏

الفكر الاجتماعي‏

بدوره الدكتور عبد الحميد مدكود تحدث عن الفكر الاجتماعي في الفلسفة الإسلامية وبدأها بالحديث عن الإنسان الذي يعتبر اجتماعياً بطبعه لأنه لايستطيع أن يلبي حاجاته ولا أن يقوم بمصالح نفسه وحده بل هو محتاج في هذه الحاجات والمصالح إلى معونة الآخرين.‏

ومن شأن بني البشر الذين يحيون في ظل هذه النظم الاجتماعية المختلفة أن تختلف مطالبهم وغاياتهم وأن تتنوع علاقاتهم وكان لزاماً عليهم أن يبدؤوا أولاً بفهم هذه العلاقات وتحليلها وملاحظة عناصرها وجوانبها المختلفة ومن ثم ظهر في نطاق العلوم الإنسانية الاهتمام بدراسة هذه الظواهر الاجتماعية التي اجتذبت أنظار الحكماء والمفكرين منذ زمن بعيد وقد حاولوا أن يحددوا أسباب نشأتها والقوانين التي تحكمها ولعل خير دليل على ذلك هو ماقدمه أفلاطون في كتابه (الجمهورية) الذي يعد من أهم كتبه ولم يخل هذا الكتاب من الاهتمام بالجانب الاجتماعي حيث سعى فيه إلى تقديم تخطيط لإقامة هذا المجتمع.‏

وهكذا كان على علم الاجتماع أن ينتظر طويلاً حتى يتخلص من تبعيته للفلسفة أو دراسته- دراسة غير مباشرة- ضمن بحوثها وليتحول إلى علم تميز بمنهجه وموضوعاته عن غيره من العلوم وليخصص في الكشف عن حقيقة الظواهر الاجتماعية ونشأتها وأسبابها وعلاقتها بالظواهر الأخرى.‏

وقد اختار الدكتور مدكور الفيلسوف (أبا نصر الفارابي) لإلقاء الضوء على بعض أفكاره التي تتناول شيئاً من هذا العلم لعدة عوامل منها أن الفارابي يعد واحداً من كبار الفلاسفة الاسلاميين وهو أحد المؤسسين لها كما أن كثيراً من مؤلفاته وشروحه لاتزال باقية إضافة إلى جهده الكبير في تأسيس الفلسفة وتأثيره في أقطابها.‏

أما الدكتور محمود خضرة فقد ألقى الضوء على تجديد التراث الفلسفي العربي منطلقاً من ضرورة الفلسفة للإنسان في كل زمان ومكان وحتى الإنسان الوثوقي- البراغماتي هو بحاجة للفلسفة.‏

وأوضح الدكتور خضرة أن هذه الحاجة تنبع من أمرين اثنين الأول هو أن هناك مسائل ميتافيز يقية كبرى تطرح نفسها باستمرار على كل إنسان في كل زمان ومكان ومن أهم هذه المسائل هي مسألة وجود العالم من أين أتى لكونه موجوداً وما السبب في أن هناك عالماً ما العلة في أن يكون هناك وجود وألايكون هناك عدم، أما الأمر الثاني فهو مشكلات الإنسان الحياتية اليومية التي تتجدد باستمرار في كل زمان ومكان وتحاول الفلسفة أن تقدم لها الحلول.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية