لكن القضية الأكثر إشكالية في موضوع الحب هي في العلاقة العاطفية التي تسير في الاتجاهين بين الأهل والأبناء، وهل الآباء والأمهات يحبوّن أبناءهم أكثر من محبة الأبناء لهم؟
درت بهذا السؤال على العديد من الأسر ومن الطرفين (الأهل والأبناء) فدافع كل طرف عن حبه الكبير للطرف الآخر فكيف نفسر هذه الحالة؟
لو سألت شخصاً غير متزوج كما فعلت لقال لك كما قال لي: أهلي هم فضائي، أما أنا وأخواتي فلسنا فضاء أهلنا لوحدنا، بل إن أهلهم (أهل الأهل) شركاء في هذا الفضاء, ومن الطبيعي أن يكون حب الأبناء لأهلهم هو الأكبر لأنه ليس لدينا أبناء حالياً لنوزع حبنا عليهم وعلى أهلنا، بينما لأهلي أهل وأبناء والحالة الطبيعية هي أن يوزعوا الحب بيننا وبين أهلهم وعندما يصبح لدينا أولاد سنقف موقف أهلنا حالياً...
أما من لديهم أبناء وقد انتقل أهلهم إلى جوار ربهم فيقولون: الأبناء هم كل شيء (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) لكن بعضهم يستدرك قائلا: إذا كان الولد صالحاً فهو أساس كل حب دون أن ننسى حصة الأهل وإن ماتوا من هذا الحبّ، ومن لديه أهل وأبناء لاينكر أن لكل طرف حصته من الحب لكن الحصة الأكبر للأبناء، وقد حاول الشيخ (عبد الهادي) حسم هذا الجدل بقوله: سمعت أن مستشرقاً قد طرح هذا السؤال على أناس كثر واستمع إلى إجابات مختلفة ومتنافرة دون حجة دامغة من أصحاب هذا الرأي أو ذاك فقاده البحث إلى شيخ جليل وطرح عليه ذات السؤال فأجابه الشيخ دون تردد: الأهل يحبون أبناءهم أكثر من حب الأبناء لأهلهم ,والدليل أن سيدنا آدم عليه السلام وسيدتنا حواء عليها السلام لم يكن لهما أهل فوضعا كل حبهّما لأبنائهما، ونحن أبناء آدم وحواء وطباعنا من طباعهما بالتأكيد!
كل ماقيل وما سيقال صحيح لأن الإنسان في النهاية كتلة مشاعر وأحاسيس فهو يحب أهله كسبب لوجوده في هذه الحياة ويحبهم اعترافاً منه بفضلهم بعد الله عليه، ويحب أبناءه أيضاً كامتداد لوجوده أو كتتويج لكل مابذله من جهد وعناء وحب في هذه الدنيا أو لأنهم الهدف الأسمى لكل مايفعله فيها.. أما الحبّ الآخر، ذلك الحب الذي قد يقتل صاحبه فله حكايته الخاصة ، وأصبحنا جميعاً نجهز الورود الحمراء يوم الرابع عشر من شباط وحتى ذلك اليوم نستطيع أن نزرع وردة الحبّ في كل قلب بدل قطفها من ثم رميها عندما تذبل!...