كُلُّ شيءٍ راقدٌ في الظلِّ، إلا صحوةُ الوجعِ القديمَةُ في أنينِ النَّاي..
أو قلقُ المزاميرِ العصيُّ على مدارِ الرُّوح.. أو فرحٌ بِعِيدِكْ..
مفتونةٌ بكَ كلُّ قاماتِ الحُرُوفِ.. و كلُّ آلاءِ الجَمَالِ.. وكلُّ بوحٍ في قصيدِكْ...
مذ جُمِّعَتْ فيها لغاتُ اللهِ في يَمٍّ منَ الأسرار، كلُّ قصيدةٍ أضحتْ شراعاً لاكتشافِ الشِّعرِ..
وامرأةً تنامُ على يدَيْ زَبَدِ النَّبُوءَة في نَشِيدِكْ..
مَنْ يُخرجُ الشُّعراءَ منْ تيهِ المَرايا..؟
مَنْ يعودُ بهمْ إلى زمنِ السَّنابلِ والأيائلِ والمُرُوءاتِ الأصِيلَـة..
من يُجَمِّلُ في انهماكِكَ بالمآثرِ هذهِ الأحزانَ لي..
ولأيِّ بَـرٍّ ألتَجِي إنْ كانَ وجهُكَ غيرَ مفتُونٍ بروحِ قصائدي...؟
يا قامَةَ الضَّوءِ البَهيَّةَ..
ما لديكَ الآنَ غيرُ قصائدٍ وزَّعتَها في الأرضِ حتى قلَّ هذا العتمُ..
وامتلأتْ يدُ الشُّعراءِ بالياقوتِ.. وانتشَرَ اليَمامُ على مآذنَ منْ دمِ الشُّهداءْ..!
وتعيشُ توقَ الأنقياءِ إلى خلاصِ الرُّوح مُنتَضِياً عذابَ البائسين الأبرياء..
وهذهِ «حمصُ» العديَّة مثلُ داليةٍ:
/«زجرتَها.. مطلقاً في الكأسِ همهمةً:/
فأمطرتْ شجناً على الميماسِ.. وامتلأتْ جوانحُكَ النَّديَّةُ بالبُكاءِ..وَبالغِنَاءْ:
/خلِّ الملامَ..فهذي سكرةُ العنبِ..»/!
أوَ هذهِ هيَ ثروةُ الشُّعراءْ..؟
أتراكَ تجهدُ مثلما النُّورِ العظيمِ يقُودُ ليلَ المُدلجينَ إلى الضِّياءْ؟
بِيَدَينِ قِندِيلَيْنِ:
زيتُهُما منَ الحِبرِ الغَويِّ، وكرمةٍ ثَمِلَتْ بها تلكَ الدَّواةُ، و منْ كراماتِ الثِّـقاتِ الأولياءْ..
ستظلُّ فينا حاديَ الدَّربِ البهيَّ.. تقدُّ قمصان السُّؤال على ذرا طُورِ التَّرقُّبِ باصطبارِ العَارفينَ محاولاً حُجُبَ الحقيقةِ و الكمال..
يا أجملَ الشعراءْ..
أذِّن لوقتِ الشِّعرِ فينا، ثم حَيِّ على الجمالْ
لا وقتَ إلا للجمالْ...
لا وقتَ إلا للجمال يضيءُ صبحَكَ..
أو لأفراحِ القصيدةِ يوم عيدِكْ..
(*) صدر وعجز لبيت من قصيدة للأستاذ عبد الكريم الناعم من مجموعته الشعرية «من سكر الطين»
«زجرتَها.. مطلقاً في الكأسِ همهمةً: خلِّ الملامَ..فهذي سكرةُ العنبِ..»!
طرطوس - حمص / تشرين الأول 2017 ــــ المحرَّم 1439 هــ