تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كشمير.. اللعبة الدولية في عقلة الإصبع الأميركي!!

دراسات
الجمعة 23-8-2019
ترجمة وإعداد سراب الأسمر

إقليم كشمير أمام محكمة العدل الدولية، هذا ما وعدت به باكستان وتوعدت من خلاله الهند بالانتقام لما يجري على حدود البلدين من نزيف تاريخي،

فالمناوشات بين البلدين على الحدود لا تزال تسفر عن قتلى وجرحى، في حين تصب واشنطن زيت الإفراج عن المعتقلين ورفع القيود عن الحريات على نار الخلاف.‏

وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي في تصريحات تلفزيونية قال: (قررت باكستان التعامل مع محكمة العدل الدولية بشأن قضية كشمير بعد النظر في جميع الجوانب القانونية)، مضيفاً أن وزارة القانون ستصدر قريباً كل التفاصيل المتعلقة بالأمر.‏

وأوضح قريشي أن القضية ستتركز على انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الهند في إقليم كشمير ذي الأغلبية المسلمة، علماً أن قرار المحكمة لا يحمل سوى الصفة الاستشارية ما لم توافق الدولتان عليه مسبقاً.‏

وعلى الصعيد الميداني، قال الجيش الباكستاني إن مدنيين اثنين قتلا الأحد في القطاع الذي تديره باكستان من كشمير، وقتل ثلاثة جنود باكستانيين على الأقل في الاشتباكات التي وقعت الخميس الماضي.‏

في المقابل، ذكرت مصادر الجيش الهندي أن جندياً هندياً قتل وأصيب أربعة جنود آخرين، بعد أن فتحت القوات الباكستانية النار على مراكز حدودية هندية في إقليم كشمير، مضيفة أن الهند ردت على الهجوم وأوقعت قتلى وجرحى بين الجنود الباكستانيين.‏

وترددت أنباء عن حدوث احتجاجات ورشق بالحجارة في سريناغار، وهي المدينة الرئيسية في القطاع الهندي من كشمير، ما نتج عنه إصابات للعديد من الأشخاص، وفقاً لما قاله مسؤولون.‏

وقالت مصادر حكومية إن أكثر من 100 مسؤول محلي وناشط وأكاديمي اعتقلوا في كشمير منذ ألغت السلطات الهندية الحكم الذاتي للإقليم في 5 آب الجاري وفرضت إغلاقاً أمنياً شاملاً، لكن السكان يؤكدون أن الشرطة الهندية احتجزت الكثير من الشبان بعد خروج احتجاجات ضد الهند. وفي محاولة لوقف مداهمات الشرطة، نصب سكان منطقة سورا في سريناغار الحواجز وحفروا الخنادق في الطرقات المؤدية إلى تجمعات منازلهم.‏

فهل سينفض هذا النزاع المزمن في كشمير وهل سيدول ملفه وتتدخل الدول الكبرى ليصبح لعبة سياسية بيد واشنطن؟‏

تاريخياً كشمير هذه المنطقة الجغرافية التي تقع في جنوب جبال الهمالايا من جهة الغرب لطالما شكلّت نقطة صراع بين الدول المحيطة بها الباكستان والهند باعتبارها عصب حياة المنطقة لما يمكن أن تزود به جاراتها من مصادر المياه الوفيرة. فمنذ استقلال الباكستان والهند عام ١٩٤٧ و كلٍّ منها تطالب بضم كشمير إليها، ونشبت بينهما ثلاثة حروب بسبب هذا الخلاف، وكانت الهند قد نشرت حوالي ٥٠٠ ألف جندي على طول الخط الفاصل وهي تلقي باللوم على الباكستان لدعمها الخفي لتسلل المتمردين.‏

في ٢٦ شباط الماضي اخترقت الطائرات الهندية الأجواء الباكستانية وسددت (ضربة وقائية) على ما قالت إنه معسكر تدريب جماعي كبير في المنطقة المتاخمة لكشمير وتعد هذه الضربة هي الأولى من نوعها منذ حرب عام ١٩٧١ حول بنغلادش الحالية وهذا قبل أن تصبح كلا الدولتين نوويتين.‏

بعد الاختراق الهندي للأجواء الباكستانية ردت هذه الأخيرة بإسقاط طائرتين هنديتين واحدة في كشمير الهندية والأخرى في كشمير الباكستانية، ثم أعلنت الباكستان عن إغلاق مجالها الجوي، في حين عمدت الهند إلى إغلاق تسع مطارات أمام الرحلات المدنية، ودعت الصين إلى ضبط النفس واستئناف الحوار بين البلدين، قال الناطق باسم الجيش الباكستاني إن بلده (لا تريد خوض حرب)، وكذلك وزير الخارجية الهندية سوشما سواراج أكد أن الهند لا تريد تصعيد الأمور.‏

وعادت إسلام أباد لتنفيذ ضربات على وقف إطلاق النار الذي يعد خطاً فعلياً بين البلدين في كشمير وأصرت الديبلوماسية الباكستانية أن هذا ليس انتقاماً فالهدف الوحيد هو إظهار حقها وإرادتها وقدرتها في الدفاع عن النفس وأنها مستعدة لأي حوار حول الإرهاب أو أي قضية من جانب الهند فدعت مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات، انزعج المجتمع الدولي من إثارة الوضع بهذا الشكل وخشي حدوث صراع مفتوح بين هاتين القوتين النوويتين الجارتين، يقول محللون إن الكثير سيعتمدون الآن على ردة فعل الهند، ففي حوار على محطة بلوميرج مع مايكل كوجلمان المحلل في مركز ويلسون يقول: (إذا ردت الهند مرة أخرى فقد يعطي هذا للأحداث أهمية جديدة).‏

أما راهول روي شودري من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية فيقول إن لدى البلدين قنوات اتصال محدودة تزيد من احتمال سوء الفهم وسوء التقدير، إذا كان البلدان يتعرضان لضغوط لتجنب حرب حقيقية فالحكومات أيضاً مترددة وتترك كلمة الفصل للرأي العام، .‏

إذاً مع استمرار الصراع في كشمير تتزايد موجة الإرهاب الدولي في كلتا الدولتين وتتأزم الأمور على الداخل بدعم القوى المعادية الإقليمية والدولية، كما تشكل مسألة الأمن والسلام في المنطقة وبناء الثقة والتعاون مصدراً للتوتر بين الدولتين اللتين تعيشان حالة صراع، والخلافات القائمة بينهما هي التي أدت إلى سباق التسلح النووي ولا سيما بعد فوز بهاراتيا جاناتا في انتخابات ١٩٩٨ حين بدأت الهند بتجاربها النووية وردت عليها الباكستان بعد شهر بنفس الأسلوب ما أدى إلى بلوغ الصراع أوجه وأخذت تتدهور العلاقات أكثر بين البلدين. عام ٢٠٠٤ وقعت الدولتان على اتفاقية خطر إجراء التجارب النووية وهي أولى خطوات السير نحو بناء الثقة بينهما، لكن تدخل القوى الكبرى في الصراع لا يزال يعمل على عرقلة التهدئة بينهما لأهداف عدة تخدم مصالح الغرب في منع تسرب التكنولوجيا والمواد والخبرات بالإضافة إلى الرغبة في اختراق آسيا عبر الهند ومحاولة فرض العزلة على باكستان والحد من تسلح آسيا في مجال الصواريخ المضادة، ففي سباق الدولتين نحو التسلح أثبتت الدولتان للمجتمع الدولي أن هناك تحولاً جديداً في جنوب آسيا الأمر الذي أثار السخط الدولي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية