وأدعى حلف الناتو أن نظام هذا الموقع (لا يقدم أي قوة هجومية) وهو دفاعياً بحتاً يركز على التهديدات المحتملة التي قد ترد من خارج منطقة اليورو- الأطلسي، موقع ديفيسلي مزوداً بـ ٢٤ صاروخاً مثبتة بقاذفات رأسية تحت الأرض لاعتراض الصواريخ البالستية القصيرة ومتوسطة المدى، كما سيتم تزويد قاعدة أخرى مماثلة في بولندا عام ال ٢٠٢٠ وتنتشر أربع سفن تابعة للبحرية الأميركية في القاعدة الإسبانية روتا مزودة بنفس نوع القاذفات، وهي تعبر البحر المتوسط والبحر الأسود والبلطيق.
ومن المؤكد أن نشر هذه المنصات على هذا النحو ليس موجهاً للتهديد الإيراني على حد المزاعم الأميركية إنما موجهاً ضد روسيا، ووفقاً للشركة المصنعة لوكهيد مارتن فإن ما يُطلق عليه تسمية (الدرع) ليس (دفاعياً بحتاً) فنظام الدفاع هذا مخططاً لتثبيت أي صاروخ في أي منصة إطلاق، وبالتالي يتم تكييفه مع أي مهمة حربية حتى الهجوم على أهداف ارضية، كما تؤكد الشركة أن منصات الإطلاق الكبرى يمكنها إطلاق صواريخ باليستية بعيدة المدى، فالمنشآت الموجودة في رومانيا وبولندا والسفن الأربع لنظام إيجابي قد تكون مسلحة ليس بالصواريخ المضادة فقط، وحسب توثيق خدمات أبحاث الكونغرس (٢٤ تموز الماضي) فإن السفن الأميركية الأربعة (تعمل في المياه الأوروبية للدفاع عن أوروبا بحال حدوث هجوم باليسار محتمل على اوروبا) وهي تشكل جزءاً من ٣٨ سفينة إيجنيس والتي سيصل عددها إلى الى ٥٩ عام ٢٠٢٤ .
وتمٌ تخصيص ١،٨ مليار دولار للسنة المالية ٢٠٢٠ لتعزيز هذا النظام، حيث سيتم نشر سفن في آسيا والمحيط الهادي موجهة نحو الصين، وحسب المخطط سيتم تثبيت موقعين للصواريخ على الأراضي اليابانية، كما سأشتري كوريا الجنوبية واستراليا سفناً من نفس النظام من أميركا، الأكثر من ذلك، في الأشهر الثلاثة التي تم فيها إحضار تجهيزات ديفيسلي إلى أميركا لتحديثها تم نشر بطارية صواريخ ثاد تابعة للجيش الأميركي في رومانيا قادرة على إصابة صاروخ باليستي في الجو وكذلك القدرة على إطلاق صواريخ نووية بعيدة المدى. يقول حلف الناتو إنه مع نشر نظام إيجيس أعيد نشر ثاد، لكن لم يحدد أين، ونحن نعلم أن الجيش الأميركي نقل بطاريات صواريخ من هذا النوع من إسرائيل إلى جزيرة غوام Guam في المحيط الهادئ، في ضوء هذه الأحداث، نلاحظ أنه في الوقت الذي تخلت فيه أميركا عن المعاهدة النووية بدأت بتثبيت صواريخ نووية متوسطة المدى على الحدود الروسية والصينية. وبهذا لا نستغرب إعلان رئيس لجنة الدفاع الروسي فيكتور بونداريف أن روسيا قامت بتثبيت قاعدة صواريخ هجومية نووية من طراز TU-22M3 في شبه جزيرة القرم.
لكن بالكاد يهتم أحد في أوروبا للأمر لأن جهاز الإعلام السياسي يخفي مثل هذه الأمور، أما البنتاغون فقد أعلن عن قيامه بتجربة صاروخ كروز انطلاقاً من قاعدة أرضية متحركة من جزيرة سان نيكولاس بولاية كاليفورنيا وأصاب هدفه على بعد ٥٠٠ كم ، وأكد البنتاغون أن هذه المعطيات ستساهم مستقبلاً في تطوير قدرات الصواريخ المتوسطة المدى. فأميركا وبعد انسحابها من المعاهدة النووية لعام ١٩٨٧ - التي كانت تقضي بسحب جميع الصواريخ النووية الأميركية والروسية على حد سواء بما في ذلك كروز المتمركزة قاعدته في اسبانيا- ها هي تعطي الضوء الأخضر مجدداً لتسابق خطر وجديد نحو التسلح النووي. فإطلاق الصاروخ المذكور جاء بعد انسحابها من المعاهدة بـ ١٦ يوماً في ٢ آب، ما يعني أن أميركا وفيما كان مفعول المعاهدة شغالاً كانت تصنع صواريخاً من الصنف الممنوع في المعاهدة.
سابقاً عام ٢٠١٤ ، اتهمت إدارة أوباما روسيا بتجربة صاروخ كروز(9M729) دون أي دليل، ثم أعلنت عام ٢٠١٥عن رغبتها بنشر قاعدة صواريخ أرضية في أوروبا إزاء (انتهاك روسيا للمعاهدة النووية) ، بعدها وفي عام ٢٠١٨ قامت إدارة ترامب بتمويل برنامج (أبحاث تطوير صواريخ كروز انطلاقاً من قاعدة أرضية متحركة)، وصور التجارب التي نشرها البنتاغون مؤخراً تثبت أن الصاروخ انطلق من قاذفة رأسية وهو من النوع الذي يستخدمه إيجنيس. بمجرد أن تصنع أميركا صواريخاً نووية جديدة من الصنف المحظور للمعاهدة النووية ستطلب من حلفائها الأوروبيين (استضافتها) وبالتالي تكون الدول الأوروبية في خط المواجهة الأول مع روسيا.