ولا سيما في مدينة شيخون ومحيطها، بعيد عمليات نوعية ومركزة قام بها الجيش العربي السوري خلال الأيام القليلة الماضية سيطر من خلالها على عدد من البلدات والمحاور المهمة والاستراتيجية التي استطاع من خلالها إطباق الطوق كاملاً وعزل المدينة عن محيطها ليصبح مع هذا الإنجاز الجديد للجيش العربي السوري جيب ريف حماة الشمالي الذي يضمّ نقطة المراقبة التركية في مورك معزولاً تماماً عن محيطه وبحكم الساقط عسكرياً.
وفيما يواصل الجيش العربي السوري عملياته في محيط إدلب، بدا لافتاً انهيار المجموعات الإرهابية بشكل متدحرج ومتسارع وسط أنباء متواترة عن ارتفاع وتيرة الخلافات بين تلك الميليشيات الإرهابية التي راحت تتبادل وتتقاذف الاتهامات حول أسباب انهيارها وسرعة هروبها وانسحابها أمام وحدات الجيش العربي السوري المتقدمة على كل المحاور ومن كافة الاتجاهات، وهو الأمر الذي ينبئ بتطورات وتحولات قد تغير وجه المشهد برمته.
وفيما عكست الإنجازات الميدانية المتواصلة للدولة السورية حالة الانهيار والتخبّط الواضحة في صفوف المجموعات الإرهابية، بدت على المقلب الآخر حالة الهستيرية والعجز تظهر عند النظام التركي الذي أظهرت تصريحاته الاستعراضية والإيحائية قلقاً وتوتراً شديداً في مشهد قد تضرب تداعياته الكارثية سريعاً في قلب المجاميع الإرهابية التي يدعمها ويحميها، خصوصاً بعد تواتر المعلومات عن استجداءات وتوسلات لنظام أردوغان للتوصل مع موسكو إلى اتفاق بشأن الوضع المستجد في المنطقة يتضمن وعودا بتنفيذ تعهدات آستنة.
ضمن هذا السياق يبدو المشهد أمام مرحلة جديدة من تعاطي دمشق وحلفائها مع الواقع الذي حاولت المجموعات الإرهابية بدعم من الولايات المتحدة ونظام أردوغان فرضه على الأرض، حيث يتوقع أن تشرع الأبواب على كافة الاحتمالات والخيارات التي كانت حتى وقت قريب مؤجلة لأسباب تتعلق بمنح مزيد من الفرص لأنقرة الضامنة لاتفاقات سوتشي وآستنة لتنفيذ التزاماتها وتعهداتها، الأمر الذي يفتح الباب على انعطافات جديدة في العمليات العسكرية التي يحتمل أن تنتقل إلى مناطق ومحاور قد دخلت ضمن ارتدادات لحظة الحسم التي بات حضورها أمراً ضرورياً وحاسماً.
ما هو مؤكد أن الأيام القليلة القادمة سوف تحمل الكثير من التحولات الميدانية التي سوف تكون ممهداً لانزياحات مرتقبة في المواقف السياسية خاصة ونحن على بعد ثلاثة أسابيع من موعد انعقاد القمة الثلاثية لـ (ضامني آستنة) في الحادي عشر من أيلول المقبل في ضوء الحديث عن أن هذه القمة سوف تكون حاسمة لكثير من الملفات والقضايا العالقة والإشكالية وفق جداول زمنية محددة وواضحة سوف تنسحب على الوقع الميداني والسياسي على الأرض.
على الأرض تبدو بوصلة الجيش العربي السوري مضبوطة على كل الاتجاهات التي يعيث فيها الإرهابيون خراباً ودماراً وقتلاً حيث واصلت وحدات من الجيش العربي السوري عملياتها ضد تنظيم جبهة النصرة والمجموعات الإرهابية التابعة له في منطقتي خان شيخون والتمانعة موسعة نطاق سيطرتها بريف إدلب الجنوبي، واشتبكت مع مجموعات إرهابية تابعة لتنظيم جبهة النصرة على محور تل ترعي الاستراتيجي الواقع بين بلدتي التمانعة ومورك أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من الإرهابيين وفرار الباقين باتجاه بلدة التمانعة تاركين خلفهم عدداً من جثث قتلاهم وأسلحة وذخائر كانت بحوزتهم، كما وجهت وحدات الجيش ضربات مركزة على محاور تحرك وخطوط إمداد المجموعات الإرهابية التي تحاول نجدة فلول الإرهابيين المندحرين في أطراف منطقة خان شيخون أسفرت عن تدمير العديد من الآليات ومقتل وإصابة عدد من إرهابيي جبهة النصرة التي تراشقت الاتهامات مع مجموعات إرهابية أخرى حول المسؤولية عن الانهيار والانكسار الكبير الذي مُنيت به، حيث حاولت جبهة (هيئة تحرير الشام) الإرهابية الإيحاء بأن المسؤولية تقع على عاتق معظم المجموعات الإرهابية الأخرى التي وصفتها بـ (غير الجهادية)، ولا سيما (الجبهة الوطنية للتحرير) و(الجيش الوطني) المدعوم من النظام التركي بشكل معلن لأنها (تخلّفت عن الانخراط في المعركة بالزخم المناسب)، فيما اتُّهمت فصيل (جيش العزة) الإرهابي بتنفيذ انسحابات (سابقة لأوانها)، وبالمقابل، عزا (جيش العزة) الإرهابي انسحاباته من كلّ من اللطامنة وكفر زيتا إلى (فشل الهيئة في استعادة مدايا وتلة النمر، وعجزها عن منع سقوط خان شيخون)، ما يجعل (التشبث بكفر زيتا واللطامنة مهمة مستحيلة، مفتوحة على خسارات فادحة) بحسب التنسيقيات التابعة له.