اكتشافات الغاز الطبيعي في أعماق البحر الأبيض المتوسط تعد اكتشافات القرن فيما يخص الطاقة وهي ملك لعدة دول عربية وأجنبية إلا أن حكومة الاحتلال الصهيوني تريد الهيمنة كعادتها على كامل الثروة وهي لا شرعية لوجودها بالأصل في المنطقة، حيث كشفت شركة «هرئيل» للتأمين التابعة لحكومة الاحتلال الصهيوني عن مفاوضات تقوم بها لشراء حصة في حقل «تمار» للغاز الطبيعي المقابل لسواحل عدة دول هي سورية ولبنان وقبرص وفلسطين المحتلة ومصر، وتسعى الشركة التابعة للعدو الإسرائيلي إلى شراء حصة تصل إلى نحو 4% من الحقل من شركة «نوبل انرجي» الأميركية ومقرها تكساس في الولايات المتحدة.
وفي آب 2015، أبرمت حكومة الاحتلال الإسرائيلية اتفاقاً مع شركة كونسورسيوم التي تضم شركة نوبل_اينرجي الأميركية، لاستخراج الغاز قبالة السواحل الفلسطينية المحتلة في البحر المتوسط، وتستثمر «نوبل اينرجي» ومجموعة «ديليك» منذ العام 2013 حقل تمار للغاز الواقع على بعد 80 كلم قبالة سواحل مدينة حيفا، كما تتعاونان على تطوير حقل ليفيثان، اكبر حقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط على مسافة 130 كلم قبالة سواحل حيفا.
وتشكل شركة «نوبل إينرجي» الأميركية التي تأسست عام 2003 ومقرها الرئيسي هيوستن، ما يقارب 38% من إجمالي «كونسورسيوم» الذي تم توقيع الاتفاق مع الكيان الاسرائيلي معها، في وقت يمتلك فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري حصة من أسهم هذه الشركة، علماً أن غالبية المساهمين في رأس مالها هم من اليهود ، كما حصلت «نوبل اينرجي» على امتياز التنقيب في معظم البلوكات التي اغتصبتها «إسرائيل» في المياه الاقتصادية الخالصة لفلسطين المحتلة.
الثروات المقدرة بالأرقام ..
بحسب المسوحات البحرية، يقدر احتياطي حقل ليفيتان قبالة شواطئ حيفا بنحو 450 مليار متر مكعّب من الغاز، ليكون بذلك أكبر حقل من نوعه في العالم يجري اكتشافه في المياه العميقة على مدى عقد. وفي العام 2009، اكتشف حقل «تمار»، شرق البحر المتوسط ويعتبر تمار أكبر حقل للغاز الطبيعي يكتشف في المنطقة، على عمق 1700 متر تحت سطح البحر، ويبعد نحو 80 كلم عن حيفا و35 كم عن الحدود البحرية الجنوبية اللبنانية، وبدأ ضخ الغاز الطبيعي من الحقل في 31 آذار 2013، كما يضم 5 آبار متصلة بأنبوب مزدوج تحت الماء بطول 93 ميلاً لتوصيل الغاز لمنصة المعالجة على ساحل عسقلان، وقدر حجم الغاز الطبيعي المخزون بنحو 223 مليار متر مكعب كحجم مؤكد مع احتمال وجود كمية إضافية بين 84 مليار متر مكعب و 130 مليار متر مكعب، ما يعادل قيمة الغاز المستخدم منزلياً في الولايات المتحدة لمدة سنتين تقريباً.
وتشير الخرائط الجيولوجيّة إلى أن هذين الحقلين يبعدان نحو 35 كلم فقط عن الحدود الجنوبية البحرية للبنان، ما يؤشر إلى الكميات الكبيرة الواعدة التي يمكن أن يملكها لبنان في هذه النقطة. هذا الأمر لا يعني حتماً أن عين العدو الإسرائيلي ليست مسلّطة على الثروات اللبنانية خصوصا والعربية عموماً، ما يحتّم فعلاً على لبنان اتخاذ كل الإجراءات التي تحمي حقوقه عبر الإسراع في استغلال موارده الطبيعية بسبب تداعياتها إيجابية على قطاعاته الاقتصادية والمالية والأولوية اليوم يجب أن تكون لإقرار المراسيم التي لا تزال قابعة في مجلس الوزراء منذ أكثر من عامين لأسباب سياسية، علماً أن هيئة إدارة البترول أنجزت 95% على الأقل من الأمور التقنية في شأن عملية التنقيب، وهي لا تزال في انتظار إصدار مراسيم اتفاق الاستكشاف والإنتاج، ودفتر الشروط، إضافة إلى ترسيم البلوكات البحرية، ولكن هذه الخطوة قد لا تكون قريبة لأسباب عدة، منها الخلافات السياسية، والشلل الحكومي، والخلافات حيال عدد البلوكات التي يجب تلزيمها بالإضافة إلى استمرار الخلاف حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل من جهة، وبينه وبين قبرص وسورية.
اتفاقات الغاز من السرية إلى العلن
وفي سياق غير بعيد، تكشفت بعض التسريبات حول مضمون اللقاء المغلق الذي عقده رئيس النظام التركي رجب أردوغان مع وزير الطاقة في حكومة العدو الإسرائيلي، على هامش قمة الأمن النووي في واشنطن في آذار الماضي، وبحسب المعلومات، ملف الغاز في البحر المتوسط كان السبب الرئيسي وراء الجهود لإصلاح العلاقات الإسرائيلية - التركية، إذ يدور الحديث عن إمكانات تطوير «تل أبيب» حقول الغاز بقيمة مئات مليارات الدولارات والممتدة تحت المياه ما بين سواحل فلسطين المحتلة وقبرص، بمساعدة تركية، وتربط إسرائيل وقبرص علاقات متينة، وهما تسيطران على ما يقارب 3.5 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي الموزعة على حقل ليفيثان الضخم، وذلك بحسب الماسح الجيولوجي الأميركي، فيم تبلغ قيمة الاحتياطات المؤكدة فقط في هذا الحقل نحو 700 مليار دولار، ما يكفي لتلبية حاجات العالم برمته من الغاز لمدة عام. ولكن، من المستحيل على إسرائيل وقبرص تغطية تكاليف تطوير حقول أعماق البحر إلا عبر عقد عقود طويلة الأمد لتصدير الغاز، وهذه العقود يجب أن تلاحظ إيجاد وتحديد خطوط الأنابيب الخاصة بنقل هذا الغاز إلى الزبائن المحتملين، وهنا دور أنقرة المطلوب. وتراهن حكومة الاحتلال في هذا السياق أيضا على الخلاف المستمرة بين روسيا وتركيا لفرض غاز الحقول التي تسيطر عليها كبديل عن الغاز الروسي الذي يغطي حالياً الجزء الأكبر من الاستهلاك التركي، وهذا الواقع يحتم إصلاح العلاقات السياسية والديبلوماسية بين تل أبيب وأنقرة.