ويتحدث ريمي كاتوس باسمهم في الرسالة التي نشرتها مجلة اكسبرس الفرنسية عن المأساة التي يعيشها أولئك , والتي يصفها بالجحيم يقول في الرسالة:
بعد خدمتي في الشركة بتفان وإخلاص لمدة ستة أعوام كمهندس معماري رموني الآن وزملائي على قارعة الطريق , لم نقبض منذ شهر أيلول المنصرم أي قرش من الشركة , حيث يبلغ ما يترتب أن تدفعه الشركة لي حوالي 65000 يورو . ونعيش الآن في هذا البلد , حيث يبلغ تعدادنا 200 موظف فرنسي في جحيم حقيقي وسط لا مبالاة عامة . بدأت قصتنا في التأخير في دفع الرواتب منذ عامين , ولكن انقطاعها بشكل كامل بدأت معنا منذ ستة أشهر .
ويشرح في الرسالة ظروف انهيار الشركة: منذ سبعة أعوام تعهدت الشركة التي تسلم إدارتها سعد الحريري خلفاً لوالده رفيق الحريري , حيث بدأت أحوال الشركة مذاك الحين بالتدهور بسببه وبسبب المحيطين فيه , بناء أضخم جامعة للمرأة في العالم خلال مدة عامين . إلا أن التقديرات المالية للكلفة كانت خاطئة , ولذلك فقدت الشركة مليارات الدولارات وبدأت مشاريعها تتعثر .
وقبل توقف رواتبنا ومنذ أن بدأت الشركة تتأخر في دفع تعويضاتنا أضرب بعض العمال , عندها أقدم المدير إلى حسم نصف يوم من أجورنا . وشيئاً فشيئاً بدأت الشركة تتوقف عن دفع فواتير المياه والوقود الضروري لتغذية مجموعة المولدات الكهربائية لموقع العمل الجديد الذي نقلتنا إليه الشركة فيما بعد . مواقع عمل لا كهرباء فيها , وبالتالي الحواسيب لا تعمل . لا مكيفات في صحراء تصل درجة الحرارة في الصيف إلى أكثر من 50 درجة وتهبط في الشتاء إلى ما دون الصفر . وقد طالبنا الشركة في رسالة وجهناها لها عن طريق محامي في فرنسا يدافع عن المغتربين الفرنسيين ندعوها للتفاوض حول شروط خروجنا . ولكن بقيت الشركة غير مبالية في طلباتنا , لأنها تعمل وفق قانون العمل السعودي . وعندما يتوقف راتب العامل في السعودية فإنه يفقد حقه في العمل . تتوقف حساباته المصرفية تلقائياً وبطاقته التأمينية وحتى حقه في الهاتف الخليوي , وذلك في بلد يعتبر نظام العمل فيه كارثيا وبالطبع لا وجود لشيء اسمه نقابات .
ولأنه لا يمكننا التقدم بطلب الحصول على تأشيرة خروج , هناك عائلات بأكملها محاصرة في السعودية منذ عدة أشهر . بعض زملائي فقدوا بعض أفراد عائلاتهم وأطفالهم , زوجة أو أم في بلادهم وهم غير قادرين على مغادرة الرياض لحضور جنازاتهم . وعلى الرغم أن جميع موظفي شركة اوجيه البالغ تعدادهم 50,000 موظف يعيشون نفس تلك الظروف الكارثية , إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء جماعي , لأنهم يعرفون أنهم لن يجدوا أي فرصة عمل . ومن يفكر في عقد اجتماعات من أجل إيجاد حلول , ينسف عمله ويتم استبعاده من العمل فوراً .
لقد خطينا رسالة إلى وزير الخارجية الفرنسية جان-مارك ايرلوت عبر الصحفي الفرنسي كلارنس رودريغز المقيم في الرياض , الذي أبدى تعاطفا مع قضيتنا , ولكن بقيت رسالتنا حبرا على ورق ولم يهتم بها أحد, حيث الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يتاجر بمطالبهم بصفقات مشبوهة.
وفي انتظار من يهتم بوضعنا , لا زال هناك 200 فرنسي مغترب مع عائلاتهم محاصرون في السعودية ،ويواصلون العمل لكن دون رواتب , ويريدون العودة إلى ديارهم ولكنهم لا يستطيعون , محرومون من أي حق , ينتظرون في صمت أن تتطور أمور في صالحهم .