فالأجيال العربية الجديدة تعيش مشكلات حادة على مختلف الأصعدة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية في وقت نشكو فيه من ضعف المؤسسات والهيئات الرسمية وغير الحكومية المستعدة للاستماع لمشاغل الشباب والتفاعل مع همومهم وقضاياهم, والإجابة عن تساؤلاتهم وتطلعاتهم الأمر الذي يبدو وكأنه مظهر من مظاهر أزمة العلاقة بين الشباب والدولة من جهة, وبينهم وبين المجتمع من جهة ثانية وهنا يمكن بحث علاقة هؤلاء بوسائل الاتصال الخارجية كإحدى تجليات تلك الأزمة.
في وقت من النادر أن تجد أسرة عربية لا يوجد بها من لا يملك هاتفاً جوالاً, إذا تفيد الاحصائيات أن لكل عشرة مواطنين هاتفاً, فالعلاقة بين العربي والتكنولوجيا قائمة ولكن السؤال الذي يطرح بعمق ووضوح كيف يوظف العرب وبالأخص المراهقون منهم هذه الوسائل الحديثة في عالم الاتصالات..?!
تقنيات للشباب
عندما تسأل الآباء والأمهات عن علاقتهم بتكنولوجيا الاتصال ومدى معرفتهم بخفاياها يجيبك أغلبهم بأن صلتهم بهذا المجال ترتبط بمعرفة أولادهم وبناتهم به, فهؤلاء هم مصدر المعارف الأولية بالنسبة إليهم حتى المتعلمين عندما تعترضهم صعوبة في الوصول إلى معلومة ما, أو يصطدمون بالرقابة وقد أغلقت موقعا ما ترى الكثير منهم يستنجدون بأحد الشبان يفك الطلاسم ويزوغ بالرقباء , وهذه ظاهرة عالمية وليست فقط عربية ويكفي أن نذكر بأن (بيل غيتس) بدأ يضع القاعدة الأولى لمؤسسته (ميكروسوفت) منذ أن كان في سن الرابعة عشرة.
لكن قدرة الشبان على التعلم واستخدام تكنولوجيا الاتصال تثير قلق الأهل والمربين إلى جانب الحكومات, لماذا?.
هل لأن الإقبال المتزايد من المراهقين والشبان العرب على اكتساب مهارات الحاسوب يتم بالتوازي مع تراجع إقبال هذه الفئة العمرية عن المطالعة, حيث تزايدت في الفترة الأخيرة صيحات الفزع من مخاطر هجرة الكتاب, وتدني مستويات الثقافة العامة وإن كان مثبت بدراسات وأرقام وهو ما شكل تحدياً للمربين والمدرسين في عملية تحفيز طلبتهم على جعل الكتاب صديقاً, لكن التحديات مستمرة, فالأسرة العربية التي وجدت نفسها مضطرة لإدخال الحاسوب إلى عالمها الحميمي دون أن تتوفر لديها القواعد الدنيا للثقافة المعلوماتية اللازمة.
فالانترنت سوق مفتوحة يوجد فيه كل شيء وفي كل وقت فعمليات ضخ المعلومات تتم بشكل رئيسي في اتجاه واحد أي من الشمال إلى الجنوب حيث يوجد في العالم 13 جهاز حاسوب خاص يتحكم في كامل شبكة الانترنت الممتدة في الساحة العالمية من بينها 12 حاسوباً موجوداً في الولايات المتحدة الأميركية.
من جهة أخرى يتكثف الاهتمام بالانترنت في مرحلة عمرية يميل فيها المراهقون نحو التمرد على مختلف أنواع السلطة الأمر الذي يدفعهم إلى الهروب إلى (مقاهي الانترنت) المنتشرة في معظم المدن العربية.
هناك من يعتقد بأن وسائل الاتصال الحديثة وفي مقدمتها الانترنت قد عمقت أزمة الهوية لدى الشباب العربي وذلك بسيطرة اللغة الإنكليزية على ثمانين بالمائة من المواد المعروضة داخلها.
وعلى الرغم من أن قطاعاً واسعاً من الشباب العربي لا يزال يتعامل مع وسائل الاتصال بشكل سطحي ولأغراض لا تتعدى الترفيه وربط علاقات ليست صحية بين الجنسين إلا أن الانترنت بالخصوص أخذ يؤثر تدريجيا في السلوك اليومي لعدد واسع منهم.
إذا كانت البيئة المحلية سليمة إلا أن تأثير التقنية يبقى محدوداً ولا تفتقر إلى الحرية واحترام شخصية وذاتية الشاب والشابة.