من خلال عمله عرس الشاعر ثم ساعي بريد نيرودا الى أن تم تحويلها الى فيلم سينمائي ترشح لعدة جوائز أوسكار.
سكارمتيا المولود في مدينة أنتو فاغاستا التشيلية سنة 1940 عمد الى تصوير تاريخ سكان ساحل ماليسيا على البحر الأدرياتيكي الذين هاجروا الى تشيلي هرباً من الحروب التي اجتاحت القارة الأوروبية بأكملها في روايته عرس الشاعر روى أسباب ذلك الهروب وكشف عن المصير الغريب الذي تعرض له أبطال تلك الرواية, وفي رواية فتاة الترومبون يواصل سرد وقص الحكاية لكن على الأرض التشيلية.
سكارميتا جعل الرواية على لسان الفتاة آليا إيمار كوبيتا التي تعي مبكراً أنه كونها شقراء وبعينين زرقاوين.
(أول ما يسألك الناس عنه عندما لا يكون لك أب ولا أم هو ما اسم أبويك وإذا كنت لا تعرفين اسميهما وكان الأب يدعى بكل بساطة (بابا) والأم ليست سوى (ماما) فإنهم سيقولون لك يا للمسكينة وسيقولون إنك جميلة وإن عينيك زرقاوان وأشياء من هذا القبيل.
جميع البنات في السينما زرقاوات العيون ويتكلمن الانكليزية, أما الناس في انتوفاغاستا باستثناء جدي استيبان فلهم بشرة قاتمة وأعين بلون القهوة وهم قصار القامة جداً, أما (جدو) فقادر عندما يلعب كرة السلة على إدخال الكرة في السلة دون أن يقفز).
آليا الفتاة الشقراء الصغيرة ذات العامين تصل أحضان الجد المفترض ذات نهار حين يظن عازف ترومبون ترافقه هذه الفتاة ويقوم عازف الترومبون بتقديمها لاستيبان كوبيتا على أنها حفيدته ودون تمحيص كثير أو أدنى تشكيك بما يقوله عازف الترومبون بشأن الفتاة الصغيرة يقبل استيبان تبني ولا يهمه أصلاً إن كانت حفيدته أولا كان بأمس الحاجة الى تلك الكائنة الجميلة لتسلي وحدته البعيدة في تلك القارة النائية وتذكره بماضيه الجميل في تلك السواحل التي هجرها قسراً ومع الحفيدة الجديدة يبدأ حياة جديدة.
ما إن تكبر قليلاً حتى يكون حلمها الرئيسي هو مغادرة تشيلي وتحديداً الى نيويورك لأسباب كثيرة أهمها اختلاف عرقها ولون بشرتها عن أقرانها.
(ولأنني كنت مختلفة عن البنات الأخريات فقد كان أقصى ما أتطلع إليه هو أن أكون مثلهن فكنت أريد في المقام الأول أن تتحول بشرتي إلى السمرة وكنت أعرض نفسي للشمس بالاستلقاء على منشفة الى جوار قن الدجاج لكن بشرتي لم تكن تكتسب السمرة بعد ساعة من ذلك وإنما تصير أشبه ببيضة مقلية فيضع لي الجد مرهماً وأهدىء أنا الحريق باسناد خدي الى أكياس من الثلج الذي يحيط بزجاجات البيرة في المتجر).
في حفلات أعياد الميلاد كانت الأمهات يوزعن على الأطفال أدوارهم للألعاب الطفولية فيعطونها دوماً دور بياض الثلج أو ذات القبعة الحمراء لأنها كانت تبدو كواحدة من فتيات أفلام السينما لهذا إضافة الى رغبتها بامتلاك أب وأم أصبحت تريد أن تصبح ممثلة سينمائية.
حين يتوفى الجد يتركها بعهدة زوجته جوفانا التي تحرص على سلامة الفتاة الشقراء المتهورة وتبدأ سلسلة من الصدمات الودية في كثير من الأحيان مصدرها إصرار جوفانا على آليا بالتقيد بتعليماتها.
وخلال مراهقتها تأتيها هدية من السماء على شكل سيارة شفروليه التي تنضم الى دراجة جدها النارية لتصبح مالكة لشيئين فيهما فائدة ويصبح لديها دخل مادي معقول.
خلال مسار حياة آليا يرسم سكارميتا لوحة ذكية تقدم لنا وضع التشيلي السياسي قبيل وصول الليندي الى سدة الحكم ويشرح لنا أسباب وطرق تشكل التيارات السياسية.
الحب وحده يستطيع تغيير دفة أحلام آليا وذلك حين تعيش مع حبيب الطفولة بيدروبلاتيوس وبدلاً من معاناتها لأحلامها وطموحاتها الكبيرة تحولت المعاناة الى الحب: (سيذهب إلى الجحيم شعاري بأن الحب في المقام الأول هو حب الآخر! ولكنني منخورة بالغيرة! غيرة حاضرة ومستقبلية وماضية! يغمى علي بمجرد تصوري يوماً أقضيه دون حضوره كما أنني أشرب الحليب وأشتري من الصيدلية أقراص حديد , سيجارة واحدة في اليوم فقط, وأشخص في المرآة إصابتي بقليل من فقر الدم).
خلال ذلك تعيش التشيلي شلالات وتصادمات الأشياء تندفع متسارعة والأشخاص يصطدم بعضهم ببعض بسبب مرشحي الليندي مرشح اليسار ومرشح اليمين خورخي أليساندري.. وهناك من يريد تأسيس جيش مواز شعبي وبلا جمهور عقائدي وتبدو الأخبار السياسية بمقام المعلومات الحميمية التي يحظر تداولها الا همساً أو سراً.
فيما هي تعيش أزمة من نوع آخر حبيبها بلاتيوس يحصل على منحة دراسية في نيويورك أي يحقق حلمه ويتزامن هذا مع حمله لطفلة دون أن يعلم وأصبحت مهددة بأن تظل أماً عازبة إذ ما غادرها بلاتيوس الى طموحاته.
(حب ملعون بصورة دقيقة! عليه أن يصيبني أنا!
منبوذة البحر المحيط, بلا أبوين ولا أرض ولا ذكريات وبدلاً من أن أصنع نفسي بنفسي مثلما أعلنت في أيامي الضارية أريد الآن أن ألتصق ببشرة رجل, لي الحق في أن أكون طفيلية..الأسئلة وأجوبتها المحتملة شلتني جميعها تقودني الى الأمر نفسه).
هكذا تجد نفسها غاضبة عاشقة حانقة تستهلك نفسها بنارها الى أن تتدخل إحدى صديقاتها وتقوم بإخبار بلاتيوس بأمر الطفل المنتظر ويتغير كل شيء.
لا تخلو النهاية من رومانتيكية يحسن التقاطها سكارميتا ويذيل روايته بنهاية سعيدة تحظى بها البطلة ويتزامن ذلك مع وصول الليندي الى سدة الحكم.