وهو أيضاً مصدر الطاقة الرئيسي للتطور العلمي والتقدم التكنولوجي, كما أن أسعاره تنعكس على مستوى حياة الشعوب أفراداً وأسر. فموجة الارتفاع الأخير في أسعاره أدت ببعض دول الجنوب إلى رفع الدعم عن المحروقات والبعض الآخر - ونحن منها - يحث الخطا للسير على نفس الطريق تحت مسميات مختلفة: إعادة توزيع الدعم - إيصال الدعم لمستحقيه - تقليص عجز الموازنة - التخفيف من أعباء الدولة.
فما مستقبل سلعة الحرب والسلام تلك من حيث وفرتها ومن حيث أسعارها?
منذ أن بدئ باستغلال النفط اقتصادياً عام 1859 في الولايات المتحدة الأمريكية (ولاية بنسلفانيا) وحتى مطلع القرن الحالي قدرت الاكتشافات النفطية في العالم بنحو 280 مليار طن ( نحو 2000 مليار برميل ) استهلكت البشرية منها نحو 135 مليار طن وبقي كاحتياطي مؤكد حالياً نحو 145 مليار طن تعادل حوالى 1015 مليار برميل.
معظم الاحتياطات النفطية تتركز في منطقة الخليج العربي: السعودية 25% - إيران 12% - العراق 11.5% - الكويت 10% .
ومن الجدير بالإشارة في هذا السياق أن احتياطي الولايات المتحدة الأمريكية يشكل 1.8% كما يشكل الاحتياطي النفطي لروسيا الاتحادية 6.3% من الاحتياطي العالمي.
في حال عدم حصول اكتشافات جديدة هامة على الصعيد العالمي فإن الاحتياطي الحالي يكفي العالم لنحو 40 سنة قادمة وفق معدلات الاستهلاك الحالية البالغة نحو 3.6 مليارات طن سنوياً.
وبالنسبة لنا في سورية فالبيانات تشير إلى وجود احتياطي نفطي يقدر بحوالى 3.1 مليارات برميل تكفي وفق معدلات الإنتاج الحالية وفي حال عدم وجود اكتشافات جديدة بكميات اقتصادية لحوالى 20 سنة قادمة.
تلك الوقائع وغيرها دفع العالم منذ سنوات لأن يتهيأ لعصر ما بعد النفط بالبحث عن بدائل آمنة ملائمة بيئياً ومجدية اقتصادياً. فهل توفق البشرية إلى ذلك? هذا مانرجوه جميعاً وهذا ماتسعى إليه مؤسسات البحوث والدراسات خاصة في العالم المتقدم صناعياً.
وفي مجال الأسعار المستقبلية للنفط الخام فمعظم الدراسات ترجح استمرار ارتفاع أسعار هذه السلعة في السوق العالمية حيث يقدر البعض أن تصل خلال عام 2008 لما يزيد عن 150 دولاراً للبرميل الواحد, ذلك لأسباب عديدة أبرزها:
- نمو الاقتصاد العالمي بمعدلات غير مسبوقة, حيث حقق الاقتصاد العالمي معدلات نمو بلغت 4.9 % و 5.4 % على التوالي في العامين 2005 و .2006 من أبرزها المعدلات المرتفعة لنمو اقتصاديات روسيا الاتحادية, الصين, الهند ودول جنوب وشرق آسيا الأخرى مما زاد الطلب العالمي على الطاقة والنفط بلا شك مصدرها الأهم.
- انخفاض سعر الدولار الأمريكي بنسبة قاربت ال 20% خلال السنوات الخمس الماضية, علماً بأن معظم عقود النفط تسعر بالدولار الأمريكي ما جعل مصدري النفط يطالبون بأسعار أعلى لتعويض الانخفاض الحاصل في القوة الشرائية الحقيقية للدولار الأمريكي وهذا الاتجاه مرشح للاستمرار بسبب تفاقم أعباء الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة لكلف مغامراتها العسكرية في العالم وتراجع أداء اقتصادها.
- المضاربات الجارية في أسواق النفط.. وغير ذلك.
جملة القول إن العالم بعد حوالى نصف قرن من الآن مضطر لأن يعيش بدون نفط وهو في الوقت نفسه مطالب بالحفاظ على تطوره العلمي وتقدمه التكنولوجي لتأمين مستلزمات حضارته ورفاه شعوبه, ما سيزيد من حمى البحث عن بدائل. وحتى ذلك الوقت ستظل منطقتنا مركزاً لصراع قوى النفوذ في العالم كونها خزان النفط الأكبر على الأرض فهل سنكون موضوعاً لهذا الصراع أم طرفاً فيه? الإجابة لدى الزمن فلنتابع مستجداته ومتغيرات موازين القوى السائدة فيه.