يمكن أن ينجح في إنزال رجل فضاء صيني على سطح القمر قبل أن تتمكن الوكالة من استئناف رحلاتها الهادفة لإرسال رجال فضاء أمريكيين الى القمر والمريخ في إطار المشروع المقترح من الوكالة في هذا الخصوص.
وقد يتحول التهديد الصيني الى ورقة رابحة يمكن أن يستخدمها-جريفين-لصالح الوكالة في الكونغرس, لا سيما أنه يسعى في الوقت الحاضر للحصول على التمويل اللازم لبرنامج رحلات الفضاء المأهولة الى القمر والمريخ في المستقبل.
والخوف الذي يستحوذ على أمريكا حالياً ناتج عن شعور الأمريكيين بأن تفوقهم الفضائي الذي استمر 35 عاماً قد أصبح مهدداً حالياًبظهور منافسين جدد في الساحة الدولية. وتمثل الصين التحدي الأكبر للولايات المتحدة بعد أن أصبحت الدولة الثالثة بإرسال بشر الى الفضاء عام ,2003 ثم أرسلت رجلين الى الفضاء في رحلة حول الأرض عام .2005 وتخطط حالياً لإرسال سفينة مدارية الى القمر قريباً, كما تهيىء خططاً لإطلاق سفينة تحمل ثلاثة رواد لإنزالهم على سطح القمر.
ولم تعد الصين الدولة الرئيسية المنافسة لأمريكا في مجال الفضاء, حيث نجد الهند حالياً تعمل على تطوير برنامج لرحلات الفضاء, وتأمل أن ترسل رواداً في مركبة تدور حول الأرض بحلول عام ,2014 وهناك أيضاً أوروبا واليابان تحرصان دائماً على إرسال رواد فضاء للمشاركة في رحلات المكوكات الفضائية. وقد عملت اليابان أيضاً على تنفيذ مهمة للدوران حول كواكب صغيرة تقع بين الأرض والمريخ. ويتوقع لوكالة الفضاء الأوروبية أن تكون قادرة على تشغيل شبكة-غاليليو-الملاحية, والتي تشمل 30 قمرا, لتكون بديلاً عن نظام تحديد الموضع العالمي المستخدم في أمريكا حالياً.
أما روسيا التي كانت سابقاً المنافس الوحيد لأمريكا في مجال الفضاء, فقد خرجت من اللعبة بعد تفكك الاتحاد السوفييتي السابق, وإن كان بعض المراقبين يتوقعون أن تؤدي الأموال التي تتدفق على روسيا بسبب زيادة أسعار النفط الى البحث عن طرق لإعادة تكريس وضع بلادهم على الساحة الدولية, لاسيما وأن روسيا قد وصلت الى درجة متقدمة عالية.
وفي هذا الإطار يقول-جون لوجسدون- استاذ علم تاريخ الفضاء في جامعة جورج واشنطن, بأنه تتوافر لدى روسيا القدرات الفضائية والقاعدة الصناعية الكبيرة والكوادر المدربة والقدرة التقنية على اطلاق رحلات فضائية في جميع الأجواء. وبعد مرور 50 عاماً على انطلاق أول رحلة فضائية, لا يزال التقدم في علوم الفضاء وبرامجها يمثل مقياساً لقدرة الدول على الانجاز وعلى المكانة التي تستحقها عالمياً.
علاوة على ذلك, فقد تحول الفضاء في السنوات القليلة الماضية الى مشروع تجاري مربح, وساحة للتنافس العسكري بين الدول المختلفة. فالرساميل الضخمة لا تزال تستخدم في تمويل بناء السفن الفضائية للحكومات, كما أن شركات الطيران الكبيرة في مختلف أنحاء العالم مثل -بوينغ-ولوكهيد-والشركة الأوروبية الجوية للدفاع والفضاء-وشركة روسيا- تركز جميعها على ذلك الأمر أيضاً. أما تصنيع الأقمار الفضائية التجارية فهو مشروع أكثر تواضعاً بكثير, وهو ما يتبين من خلال معرفة ان دول العالم المختلفة قد انتجت 80 قمراً صناعياً منذ عام ,2004 كان نصيب الصين منها ثلاثة أقمار.
وهناك صناعة فضائية مربحة تحتكرها روسيا تتمثل في تشغيل خدمة التوصيل الى المحطة الفضائية الدولية باستخدام مركبتها الفضائية المعروفة (سايوز) ومنذ عام 2001 دفع 20 سائحاً فضائياً ثرياً 20 مليون جنيه للسائح الواحد 2 من أجل زيادة المحطة الدولية. ويشار الى أن (سايوز) قد تولت عملية نقل رواد فضاء أمريكيين الى المحطة المذكورة بعد الحادث الذي تعرض له المكوك (كولومبيا) والذي أدى الى تعطل اسطول الفضاء الامريكي بكامله.
وتعكف الولايات المتحدة حالياً على تطوير مركبات اطلاق متطورة قادرة على إعادة رواد الفضاء الأمريكيين مرة ثانية الى القمر ونقلهم في نهاية المطاف الى كوكب المريخ. إن مثل هذا الطموح الفضائي لإنجاز مهام فضائية ذات درجة خطورة عالية, كان هو الذي منح أمريكا دائماً التفوق في المجال الفضائي.
جاي جاجليوتا كاتب أمريكي متخصص في الشؤون العلمية