إذ تفيد التقارير بأن أعمال العنف قد تصاعدت في هذا البلد في الأشهر الخمسة الأخيرة بنسبة 40% وتعرض أقسام كبيرة في الأجزاء الشمالية الغربية من البلاد لخطر السقوط بين أيدي الجماعات المتطرفة,كما أن الحكومة الباكستانية تعاني من ضغوط كبيرة من قبل الإدارة الأميركية التي تتهمها بالتساهل في ضبط حدودها مع أفغانستان التي باتت ملجأً ومنطلقاً لتجمع المسلحين والانطلاق في هجماتهم تجاه الأراضي الأفغانية.
ناهيك عن توتر العلاقة بين الباكستان وأفغانستان وتبادل الاتهامات المختلفة بين البلدين والتي كان ضمنها اتهام المخابرات الباكستانية بالضلوع في محاولة اغتيال الرئيس الأفغاني حامد قرضاي في نيسان الماضي.الأمر الذي نفته إسلام آباد جملة وتفصيلا.
وكان قرضاي قد هدد في وقت سابق بشن هجمات على الأراضي الباكستانية لاستهداف مسلحين يشنون هجمات على أفغانستان.وكأن المقصود من وراء كل ذلك إبقاء هذا البلد,تحت دائرة العنف وعدم الاستقرار والتخبط,لكي يبقى عرضةً للابتزاز والمساومة وبخاصة من قبل الجانب الأميركي الذي يسعى دائماً إلى تحميل أزماته على أكتاف الأخرين,بغية الضغط عليهم وحملهم إلى تنفيذ إملاءاته تحت عوامل الضغط والابتزاز والتهويل والتهديد.
هذا الأمر ظهر مؤخراً على لسان روبرت غيتس وزير الدفاع الأميركي الذي حاول تحميل الطرف الباكستاني مسؤولية الفشل الأميركي في أفغانستان عبر اتهام اسلام آباد بعدم قدرتها على ضبط حدودها مع أفغانستان ,وبالتالي تمكن حركة طالبان من شن هجماتها عبر هذه الحدود,وانتقاد الحكومة الباكستانية بخصوص اتفاق السلام الذي وقعته مع أكثر من جهة,واعتبرت واشنطن أن ذلك مكنهم من تجميع قواهم من جديد,بعد أن تمتعوا »بحرية أكبر« في اجتياز الحدود وخلق»المتاعب« للأميركيين!
الضغوط الأميركية على اسلام آباد دفعها,لشن عملية عسكرية كبيرة على الجهة الشمالية الغربية من البلاد,وتحديداً مدينة بيشاور التي يتحصن فيها المسلحون ,الأمر الذي أجهض جهود المفاوضات بين الحكومة الباكستانية والمسلحين,ودفع بمعظم الموقعين على اتفاق السلام لإعلان تعليق المحادثات.
كل ذلك ينبىء بحسب المراقبين إلى بوادر فشل سياسي وعسكري للحكومة الباكستانية ناتج من تفاقم الأوضاع الداخلية من جهة,ومن جهة ثانية الضغوط الأميركية المتزايدة على اسلام آباد لخوض حرب بالوكالة عن واشنطن.
وتوتر العلاقة مع أفغانستان وتبادل الاتهامات المتبادلة بين البلدين بتحميل كل منهما مسؤولية تدهور الوضع الأمني في البلد الآخر.
كل ذلك ينبىء باستمرار مخطط تغذية الانقسامات الباكستانية,وخاصة بعد اخفاق الأحزاب المؤيدة لواشنطن سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.والتي تحاول الإدارة الأميركية إبقاء الأمور سائرة تحت فلكها وبما يخدم مصالحها,وإبقاء الباكستان ضمن مخطط التبعية لهاو»الحليف الاستراتيجي «في الحرب المزعومة على »الإرهاب« .
خاصة أن الموقع-الجيو-سياسي لباكستان يؤهلها للعب دور أكبر,وخلق نوع من التوازن من الجارة الحدودية ايران.ناهيك عن طبيعة التأثيرات المتبادلة والمتداخلة بين الباكستان وأفغانستان والحدود الطويلة بينهما,إضافة إلى أهميةالباكستان كونها تقع بين الجارين العملاقين الصيني والهندي.كما أن الباكستان دولة إسلامية تملك السلاح النووي.وتخشى واشنطن من خروج الأحداث في هذا البلد من دائرة سيطرتها ووقوع التقنية النووية في أيد مناوئة لها.
لذلك تحاول واشنطن إبقاء خيوط الأزمة الباكستانية بيديها.حتى لو أدى ذلك إلى مزيدٍ من الانقسامات والصراعات والعنف بين أبناء البلد الواحد.