و السؤال الذي يطرح نفسه : لماذا يغير المبدع اسمه , أهو تغيير ذاتي أم أنه هوية تعطى له?!..
هؤلاء كما تشير الدراسات لم يختاروا ألقابهم , بل ربما جاءتهم نتيجة موقف ما أو حدث معين , لكن ثمة مبدعين اختاروا لأنفسهم ألقاباً يعرفون بها .
و هذه الظاهرة الاختيارية عرفت في أدبنا العربي أكثر من الأداب الاوروبية , فهل نتذكر المتنبي , أبا العلاء , أبا تمام و غيرهم ?على كل حال استمرت و تجددت الظاهرة في العصر الحديث و صارت أكثر انتشاراً .
بالجملة
في القرن العشرين اشتهر شعراء كثيرون و حققوا مكانة عالية و مرموقة و غادروا أسماءهم إلى غير رجعة من هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر محمد سليمان الأحمد الذي لقب ببدوي الجبل و قد اختاره له صاحب جريدة الألف باء الذي نشر له وهو طفل صغير و الحكاية معروفة و مشهورة و مسجلة في مقدمة ديوانه .
أيضاً لا ننسى الشاعر بشارة الخوري الذي اختار لنفسه لقب الأخطل الصغير ليميزه عن الأخطل الذي عاش العصر الاموي.
أما رشيد سليم الخوري فهو الشاعر القروي كما لقبه أحد خصومه و قد سرّ رشيد سليم الخوري بهذا اللقب و ذيل به أعماله الإبداعية , و شاعر أخر لقب نفسه بالشاعر المدني , و اخر مغمور لقب نفسه بفتى البحر .
و سيدة دمشق كانت توقع باسم ام عصام , و في مصر عرفت الدكتورة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطىء . و في هذا العصر نشير إلى الشاعر الشهير علي أحمد سعيد أسبر المعروف باسم (أدونيس ) و هو لقب اسطوري اشتهر به هذا الشاعر, ملأ إبداعه الوطن العربي و العالم وفي عالم الفن الجميل و الراقي هناك أسماء هامة ليست هي الأسماء الحقيقية كفيروز و أم كلثوم و صباح وغيرهن و بالتأكيد ليست هذه أسماؤهن الحقيقية بل هي ألقاب ولكل لقب حكاية أو دلالة يمكن الوقوف عند معناها و أسبابها لمن يريد أن يتوسع في ذلك .
معجم ألقاب أرباب السلطان
واذا تركنا المبدعين في الفن و الأدب و ما أكثرها و انتقلنا إلى الشخصيات السياسية فإننا نجد أن الألقاب أكثرا اتساعاً و هي تضع أمام الباحث كما يقول الدكتور قتيبة الشهابي مشكلة حقيقية و لهذا قام بوضع كتاب أسماه معجم ألقاب أرباب السلطان في الدول الإسلامية من العصر الراشدي حتى بداية القرن العشرين يقول في مقدمة كتابه :
يعاني كثير من الباحثين و الدارسين و هواة التاريخ من متاهات و إرباكات بعض المؤرخين عند ذكرهم لأسماء أرباب النفوذ من الخلفاء و السلاطين و الملوك و الامراء و الوزراء و غيرهم, أو عند ذكرهم ألقابهم فقط أو ألقابهم و نعوتهم أو ألقابهم و الأسماء التي يكنون بها, و في كثير من الأحيان يكتفون بالنعت أو الكنية و في حالات اخرى يوردون أسماءهم فقط , الأمر الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى التباس الشخصية التي يتحدثون عنها مع شخصية اخرى , و كم من مرة ورد فيها مثلاً ذكر الملك الناصر دون أي معلومة اخرى فمن هو المقصود بالناصر ? هناك ستة عشر ملكاً ناصراً منهم ثمانية ايوبين وخمسة مماليك و ثلاثة من بني رسول في اليمن في بعض الاحيان يكتفون بذكر الناصر بدلاً من الملك الناصر و هناك ثلاثة يحملون هذا اللقب و احد في المغرب و آخر من دول الطوائف بالاندلس والثالث في تونس .
و كذا الحال في لقب ناصر الدولة الذي يحمله خمسة واحد فاطمي و آخر حمداني و ثالث من أصحاب قلعة شيزر قرب مدينة حماة في سورية و الرابع والخامس من دول الطوائف بالاندلس . و لا بد من الإشارة الى ان ثمة معجمات تعنى بألقاب و كنى المبدعين و ما قدمه قتيبة الشهابي يأتي تتمة لما بدأه المعنيون بهذا الجانب و يبقى السؤال: ما شعور هؤلاء و هم يغادرون أسماءهم ماذا لو أن أحداً ما ناداهم بهذا الاسم هل يجيبون ?..