وفي كل الأحوال مازالت هذه التجربة مقبلة على الكثير من التطورات وبشكل طبيعي سواء على مستوى الخدمات والاستثمار أو على مستوى استيعاب المزيد من التقنيات الحديثة وتلبية المزيد من الاحتياجات داخل المجتمع السوري وفي كل ذلك مازال السوق السوري قابلاً لاستيعاب المزيد من المصارف وبشكل أدق فهو بحاجة لاستقطاب مصارف عالمية قد لايكتمل المشهد المصرفي من دونها.
العروض كثيرة وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها فهناك مصارف عالمية عديدة عرضت افتتاح فروع لها في سورية ولكن هذه العروض مازالت تصطدم بالتشريع الذي لا يتيح افتتاح فروع وإنما يركز على إقامة مصارف سورية لا تقل المشاركة السورية فيها عن 51 %.
من حيث المبدأ قد يكون مبرراً للمشرع وصاحب القرار التفكير في هذا الاتجاه بالنسبة لسوق ينفتح بعد انغلاق دام عقوداً وفي السوق يحتاج لمزيد من فرص العمل ومصارف قوية قادرة على جذب المدخرات السورية الداخلية والخارجية وتوظيفها في قنوات استثمارية مضمونة بحيث لا تبتعد العملية بمجملها عن رعاية القوانين السورية. وحتى الآن نجحت هذه السياسة إلى حدٍّ ما وتمكنت سورية من أن تستقطب تسعة مصارف خاصة سبعة منها تعمل بشكل نشط واثنان في طور إطلاق خدماتها ,هذا إلى جانب مصرفين إسلاميين حققا نجاحاً لافتاً ينسجم مع نمو الصيرفة الإسلامية على مستوى العالم.
والى جانب هذا العدد الجيد هناك مصارف تنسج خيوط دخولها إلى السوق السورية فهناك مصرف عراقي وآخر إماراتي وثالث يمني ورابع لبناني بشكل يرشح لارتفاع عدد المصارف الخاصة في غضون عامين إلى 13 مصرفاً خاصاً كما أن عدد المصارف الإسلامية مرشح لأن يرتفع إلى أربعة ودون أن ننسى هنا ما تخطط له شركة شام القابضة في المجال المصرفي والذي قد يسفر عن ولادة مصرف خاص أيضاً.
الآن ومع وجود هذا العدد الكبير من المصارف الخاصة السورية ومع وجود نشاط تجاري متنامي ولافت مع مجموعة من الدول مثل إيران وتركيا والصين وربما لاحقاً الهند ودون أن ننسى الشريك التجاري الأول لسورية أي الاتحاد الأوروبي ألا تبدو الحاجة ملحة لافتتاح فروع مصرفية لمصارف هذه الدول في سورية لتخديم النشاط التجاري المتنامي وربما الاستثماري حتى..? خاصة وأن هذه الدول أعلنت بوضوح عبر مسؤوليها ورجال أعمالها حاجتها الملحة لافتتاح فروع مصرفية لها في سورية فتركيا مثلاً عبرت بوضوح أنها لا تنوي إقامة مصرف خاص في سورية ومصلحتها تكمن في افتتاح فروع لمصارفها فهذا يكفي لتخديم نشاطاتها التجارية والاستثمارية مع سورية ومثلها إيران التي عبرت بوضوح عن الرغبة ذاتها .
على كلٍ هو جدل يجب أن يحسم داخل أروقة الجهات الوصائية المعنية خاصة وأن هناك انقسام في الرأي بين مؤيد لافتتاح فروع مصرفية وآخر معارض. إذ لابد من إدارة علاقاتنا الاقتصادية مع الدول الإستراتيجية بالنسبة لنا بشكل كامل ودون أية نواقص فكيف إذا كان هذا الأمر يتعلق بتركيا التي أقمنا معها منطقة تجارية حرة أو مع إيران التي نسير معها نحو إقامة منطقة تجارية حرة أيضاً أو مع أوروبا التي تبدو العلاقات معها مقبلة على تطورات هامة.
وفي كل الأحوال الأمر بات يستحق المناقشة خاصة وأن تعديل قانون المصارف الذي صدر العام الماضي كان يشمل في مسودته نص واضح بالسماح بافتتاح فروع مصرفية أي أن الفكرة كانت مطروحة بقوة نظراً للحاجة الكبرى لها وإن لم يوافق عليها في التعديل الأول فإننا نجد أن تعديلاً ثانياً في هذا الاتجاه من شأنه أن يسمح بإضافة الفروع الأجنبية إلى التركيبة المصرفية السورية وعلى غرار ما هو سائد في دول العالم كلها.