تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بوح.. المراكب المســـافرة

ثقافة
الخميس 16-11-2017
منال محمد يوسف

و تصفرُّ الأوراق و نرتدي الزمن قصيدة حياةً..

تصفرُّ في ماهية القول، نراها شاحبة التفاصيل أو نرى بعض ذواتنا في مرآة الأماني..‏

تصفرُّ الأقوال والأفعال على الضفة الأخرى، ونسأل عن العبور؟‏

عن بعض لغاته؟ عن أوقاته..‏

نراها وقد تقادم بها العمرُ الخريفي، أو ربما تقادم بنا؟ لا ندري..‏

كل شيءٍ يفضح شوقنا الحالي، وكل شيءٍ يستوطن في أُتون الذكرى، بين حوافي الشعر الذي نكتب، و بين ما نأمل أن نكتب في قادمات الأيام..‏

حيث صوت الجمال وصداه، وقوافي الشعر و مداها، و فلسفات الحلم ومُتسع شوقها، مُتسع نبضها، حيث كل القصائد تُكتبُ، وبذات اللغة..‏

و بذات اللهجات نراها سيمفونية تحدٍّ..‏

نراها فلسفات مطرية البوح، مطرية الشيء الذي يعشق السُكّنى في الوجدان، ولايخافُ فلسفات الاصفرار، وكل الحكايات التي ما زالت تنتمي إليه..‏

في أحقيّة القول المُستكين إلى حاله، إلى شدو التعبير الخاص به..‏

و تصفرُّ الأوراق و كأنها الفصول تدور بنا، وترسم خرائطها على مسامات ذواتنا، وكأنه لذاك الليل صهيل آخر..‏

كأنه الصيف يريدُ الرحيل، كلمةً يعلو شأنها الشيء الدال على معاني الاصفرار الفعلي، أو معاني تعاقب الشيء الجمالي على الفصول و على ذواتنا نحن ربما..‏

و تصفرُّ الأوراق وكأنها الجمل تتحدث عن ذاتها، عن جماليات خاصة لها..‏

وتصفرُّ الأوراق وكأنه الصيف بدأ يلوّح لنا بالرحيل، كأنه أغنية تسافر على متن الزمن، أو متن الحروف، لا نعرف؟‏

كل شيء يبدو الآن، و كأنه يعشق الرحيل، وكأنه يُجهّز أمتعة سفره و لا تبقى في جيوب الذاكرة إلاّ صور من هذا الصيف وذاك.‏

كأنها تلك الأوراق تتحدث إلينا وتقول: إنها فلسفة الفصول، تدور بنا، ونحن على متن بواخرها، نودّع و نستقبل و لا شيء يلهو بنا سوى الأمل أو الألم..‏

الأمر سيّان عندما نتّحد، و تتّحدُ بنا عجائبية الفصول، عندما نتّحد، ونكتب ذات العناوين لكل ما نشتهي..‏

نكتب أبجديات تشبه حالنا، تشبه تراجيديا لم يكتبها أعظم كتّاب الدراما، وإنما الأيام هي من كتبت لنا..‏

كتبت لنا مشهدية الفصول، ونحن ما زلنا ننتظر بفارغ الصبر مشهدية تأتي يوماً زاهية الاحلام..‏

تأتي إلينا بلا مبرر، تشارك الفصول فكرة المجيء إلى بوتقة أيامنا..‏

ونحن مازلنا ننتظر على وجلٍ، أو ننتظر على وجعٍ من الأمنيات، من بريق الشوق والأشواق، ننتظر على شط البحر ربما، ننتظر أن يترك لنا الصيف شيئا من أحرفه، من أبجدياته، من جولاته في تلافيف الذاكرة التي تبدو واقفة على شط الصيف فعلاً..‏

ننتظر جماليات الخريف و قزحية الاصفرار، و كلمات تعبر من هنا وهناك، تعبّر عن ماهية الحالة الوجدانية إذا ما اصفرّت بها تلك الأوراق، وبدأت خربشات المطر تداعبُ شيئا من روحٍ حالمة، مازالت تنبضُ حياةً..‏

ما زالت تعشق، حتى المراكب المسافرة، تلوح لها، بشيءٍ يشبه الأمنيات..‏

يشبه القناديل المُضاءة، قناديل الصيف أو الخريف ربما، وقنديل الشيء الجميل ربما الذي نبتغي اختزاله في الذاكرة، بين حقائب الزمن الآتي، وحقائب لاتزال تحتفظ بجماليات خريفية الأوراق، خريفية التدثّر بجماليات الفصول وبعض عناوينها حتى لو اصفرت بها وبنا تلك الأوراق.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية