والتي استوعبها بطل التصحيح القائد المؤسس الخالد حافظ الأسد؛ الجدار الصلب المتين في مواجهة ما اقترفه أعداء الأمة سابقاً، وما يخططون لاقترافه مجدداً بغية القضاء على هذه المنطقة، بكل ما تتضمنه من تاريخ وثقافة وجغرافيا ونقاط البداية لولادة الديانات السماوية وانتشارها.
عند طلوع فجر التصحيح المجيد هرعت الجماهير السورية بكل أطيافها السياسية والاقتصادية والثقافية بدون إملاءات أو توجيهات أو دولارات، لتصب في نهر هذا التيار الجديد الذي يعيد عقارب الساعة إلى ضبط وتوازن كبيرين على الصعيدين الوطني والقومي، وقفزت هذه الأطياف فوق خلافاتها وتبايناتها في عزيمة صلبة لمواجهة تحديات تلوح في الأفق تزيد عن التحديات الموجودة.
قلة قليلة جداً لم تنخرط في تحرك السوريين - الذي مثل طوفاناً مؤيداً - وصبّ في صفوف الحركة التصحيحية قبل سبعة وأربعين عاماً، عندما رأينا البعثي والشيوعي والناصري والقومي السوري والكثير معهم من المسميات والتصنيفات المتعددة تسير مع خيوط شمس ذاك اليوم المبارك التي أشرقت وأضاءت دروب سورية على يدي بطلها القائد الخالد.
هذه القلة القليلة جداً من السوريين التي غردت خارج السرب بعيداً عن تاريخها وانتمائها وهويتها، لم تؤثر قيد أنملة في سير مجريات الحركة التصحيحية النهضوية، بل بقيت في جحورها تتحين الفرصة للانقضاض على هذا المشروع المستقبلي للأمة. وكثيراً ما حذر بطل التصحيح من خطرها ووجودها؛ داعياً إلى أخذ الحيطة والحذر من تحركاتها المشبوهة على أي صعيد.
إلى ذلك لم يكن برنامج التصحيح غائباً عن أي ثغرة، فقد كان شاملاً ومتوازناً وعلمياً متكاملاً، أخذ بعين الاعتبار مناحي الحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية والتنموية، وبناء جيش عقائدي يحمي سياج الوطن، ويستعد لتحرير الأراضي المغتصبة، ويكون متأهباً للدفاع عن حرية وسيادة وكرامة سورية.
كل هذه الأمور كانت في صلب وجوهر بيان التصحيح، غير أن الوحدة الوطنية أخذت اهتماماً بالغاً، بحيث كانت متن البيان وعنوانه، إيماناً من قائد التصحيح بأنها الحجر الأساسي لأي تطور أو تقدم أو نهوض.
وبالفعل تحققت الوحدة الوطنية، وهبت الجماهير في الأرياف والمدن والمعامل والجامعات والمدارس وغيرها تهتف مهللة ومرحبة بهذا الفجر الجديد، لأنها وجدت فيه خير ممثل لآلامها وآمالها وطموحاتها المشروعة في حياة حرة كريمة يكون فيها المواطن وكرامته غاية الغايات، وجرى العمل سريعاً على ترسيخ هذه الوحدة في مجالات الحياة السورية كافة، وكان لا بد من تتويجها وتأطيرها في مؤسسة أبدعها بطل التصحيح، وسبق فيها كثير من الدول، تمثلت بإقامة الجبهة الوطنية التقدمية، التي وصفها كثير من المفكرين بأنها «إنجاز يرقى إلى مستوى الإبداع».. الإبداع الذي طوى صفحة الفراغ السياسي، أو بالأحرى التناحر السياسي بين أحزاب وطنية تقدمية يجمعها الكثير من الآمال والأهداف والطموحات إلى درجة التطابق أحياناً.
وقد حققت هذه الجبهة كثيراً من الإنجازات الوطنية، وقامت بدور مشهود في هزيمة مؤامرة الإخوان الشياطين قبل ثلاثة عقود، ناهيك عن المشاركة في مسيرة بناء سورية على غير صعيد، وإرساء دعائم الوحدة الوطنية التي وضعت كل فئات الشعب وطبقاته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في خندق البناء والتحرير بمواجهة العواصف والأعاصير.
في ذكرى التصحيح المجيد، ننحني إجلالاً وإكباراً لأرواح الشهداء، ونعاهدهم على مواصلة طريق العزة والكرامة.. طريق الشهادة أو النصر، ولنا في رافع رايات التصحيح عالية خفاقة الأنموذج الأمثل في الصمود والتضحية والإقدام..
من نهج التصحيحح ننهل ونستمد الكبرياء الوطني والقومي، ومن صمود السيد الرئيس بشار الأسد، نستمد الصبر والعزيمة والثقة والأمل بأننا قادرون على تحقيق النصر الكبير وارتياد آفاق المستقبل واجتراح المستحيل حتى تحقيق الأهداف والغايات النبيلة بكل فخر واعتزاز تحت راياته العالية وقيادته الفذة الحكيمة.
* محافظ ريف دمشق