إنه التضليل الأميركي والمراوغة السياسية اللتان اعتاد العالم على رؤيتهما في صفحة الدبلوماسية الأميركية منذ بدء الأزمة في سورية وحتى يومنا هذا، ولندقق في كل الممارسات الأميركية في أروقة الأمم المتحدة وفي الميدان السوري فنجد كيف فعلت أميركا كل الموبقات تحت عباءة مكافحة الإرهاب ومحاربة تنظيم داعش المتطرف واجتثاث التنظيمات الإرهابية.
ألم توافق مراراً وتكراراً على القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والتي تتعلق بمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه ومعاقبة مموليه ثم مارست على أرض الواقع كل ما من شأنه طمس تلك القرارات وتجميدها والعمل حتى على إلغاء مفاعيلها على الأرض؟.
ألم تدعم إدارتها السابقة والحالية كل التنظيمات المتطرفة وفي مقدمتها تنظيم داعش التكفيري وأخواته وتسترت على جرائمها وهربت عناصرها من مكان لآخر لتستثمرهم في حروبها وغزواتها وفوضاها الهدامة ثم تباكت على نتائج الإرهاب المدمرة وعلى المدن المهدمة وعلى اللاجئين المنكوبين بسياساتها العدائية وبقصف طائرات تحالفها الوحشي في الرقة ودير الزور وريف حلب وغيرها الكثير من المناطق السورية؟.
وحتى في جميع محطات جنيف وآستنة وغيرهما حضرت واشنطن ليس لترسيخ الحلول بل لتفجيرها وتفخيخها ونسفها فادعت مراراً أنها ضد الحل العسكري وأنها مع الحوار بين السوريين ثم كانت ترتكب كل الجرائم على أرض الواقع وتدعم كل التنظيمات الإرهابية تحت يافطات الاعتدال مثل دعمها لداعش وقسد وغيرهما.
وآخر إبداعات إدارتها الترامبية في نسف الحل السياسي هو تفسيراتها المتناقضة والمزدوجة للبيان الرئاسي المشترك الصادر عن الرئيسين بوتين وترامب بشأن سورية خلا لقائهما الأخير، فقد أوحت أنها مع الحل السياسي ومع وحدة سورية وسيادتها على كامل ترابها الوطني ثم شرعت في تفسير البيان بما يرضي جشعها وسياساتها العدوانية، وأخيراً الحديث عن البدعة الجديدة المتمثلة بوضع شرط للانسحاب من الأراضي السورية وهو حدوث تقدم في جنيف وهي نفسها من يعرقله ويضع العصي في عجلاته.