والتي تتناقض تماماً مع ما أعلنه في بداية رئاسته، أو من خلال الكلمات التي وجهها للعرب والمسلمين من جامعة القاهرة عندما أعلن فيها تفهمه للقضايا العربية عامة ولقضية فلسطين خاصة، وعلى سبيل المثال:
-أثناء زيارة نتنياهو الأخيرة للبيت الأبيض أكد الرئيس أوباما لرئيس الوزراء الإسرائيلي واللوبي الصهيوني الأميركي أنه يتحيز كل التحيز لإسرائيل رغم كل ممارساتها العدوانية وانتهاكاتها للأعراف الدولية.
-أوباما أكد أيضاً أن الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل لم ولن يتغير ومنه على سبيل المثال الدعم لمسألة امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية ،عندما قال : «إننا مقتنعون تماماً أنه بالنظر لحجم إسرائيل والتهديدات التي تواجهها ...فإن لإسرائيل متطلبات أمنية خاصة واستثنائية» بمعنى أن «أوباما» يوافق تماماً على حرمان كافة دول الشرق الأوسط من امتلاك الطاقة النووية حتى للأغراض السلمية، بينما يبارك أهمية السلاح النووي لإسرائيل ،لأن لإسرائيل متطلبات أمنية استثنائية ؟؟؟ حسب قوله.
- في الوقت نفسه أعلن نائب الرئيس الأميركي«بايدن» في تصريحات صحفية أن لإسرائيل الحق الكامل في اعتراض السفن المتجهة إلى غزة ،وبرر الاعتداء الإسرائيلي على قافلة الحرية، كذلك صوتت الولايات المتحدة في مجلس حقوق الإنسان ضد قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ،عندما أعلن المندوب الأميركي في المجلس المذكور أن إدانة إسرائيل لمهاجمتها سفن قافلة الحرية حكم متسرع ،في الوقت نفسه أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية «فيليب كراوكي» أن قرار مجلس حقوق الإنسان جاء متسرعاً في إدانة إسرائيل، علماً بأن مجلس حقوق الإنسان كان قد أدان العدوان الإسرائيلي على قافلة الحرية بموافقة 32 دولة،ومعارضة ثلاث دول فقط هي : الولايات المتحدة وإيطاليا وهولندا .
والسؤال المهم هوالتالي: لماذا غير الرئيس «أوباما» مواقفه السابقة؟
الإجابة واضحة وضوح الشمس كما يقال ،السبب الأول لهذا التغيير الضغوط الإسرائيلية وضغوط اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ، حيث بالغ أوباما في الترحيب والاحتفاء بنتنياهو تجاوباً مع هذه الضغوط وهكذا فإن الزيارة الأخيرة لنتنياهو إلى البيت الأبيض مؤخراً عبرت عن ذلك التغيير الكبير في سياسة أوباما وإدارته.
لقد كشفت صحيفة «الاندبندنت» البريطانية عن سر ذلك التغيير عندما أكدت أن هناك قيوداً داخلية أميركية تجبر السياسيين الأمريكيين على عدم استخدام لهجة حادة في التعامل مع اسرائيل، ذلك أنه في الأشهر الأخيرة ارتفعت أصوات داخل المؤسسات الامنية الأميركية تنتقد تصرفات إسرائيل التي يمكن أن تؤثر على صورة وسمعة الولايات المتحدة في العالم.
أحد العاملين في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية أعلن أن التزام أميركا تجاه اسرائيل لايبرر تصرفات أي حكومة اسرائيلية تجعل من إسرائيل عائقاً استراتيجياً أمام الولايات المتحدة ، ذلك في الوقت الذي كان من المنتظر أن تكون تصرفات اسرائيل مصدر قوة للولايات المتحدة.
الصحفي البريطاني «باتريك كوكبيرن» نشر تحقيقاً في صحيفة بريطانية أكد فيه «أن الولايات المتحدة تبدو حساسة تجاه التعليقات السلبية المترتبة على تصرفات إسرائيل في الشرق الأوسط ويرى المعلق البريطاني أن مصلحة الولايات المتحدة في العمل على كبح جماح إسرائيل، ولكن ذلك لم ولن يحصل ».
وخير مثال على ذلك أن الجنرال «بترايوس» حاول أن يظهر للأميركيين أن دعم الولايات المتحدة لممارسات اسرائيل في الشرق الأوسط يعرض سلامة الجنود الاميركيين للخطر، إلا أنه تراجع عن ذلك ، لأنه يسعى إلى خوض انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2012 عن الحزب الجمهوري ، وبالتالي فهو لايريد خسارة أصوات الناخبين اليهود. وهذا يشير إلى أن الساسة الأميركيين لايستطيعون المغامرة بتوجيه أي نقد لاسرائيل، لأن اللوبي الصهيوني له سلطة تفوق سلطات الدولة الأميركية، ولأنه قادر على إنهاء ليس الحياة السياسية للرؤساء الأميركيين، بل إنهاء الحياة الشخصية لهم كما حدث مع الرئيس الأميركي /جون كينيدي/.
ومن بين أبرز مفاهيم السيطرة الصهيونية على الإعلام الاميركي، ماحصل للصحفية الأميركية المخضرمة «هيلين توماس» البالغة من العمر /89/ عاماً، والتي عملت مراسلة لوكالة «يوفيتدبرس» داخل البيت الأبيض منذ عام 1960 أثناء الاحتفال السنوي بمناسبة التراث اليهودي - الأميركي عندما سألها مراسل إحدى القنوات الفضائية عما إذا كان لديها تعليق على إسرائيل في هذه المناسبة .. كان رد هيلين توماس على النحو التالي أخبروهم أن يغادروا فلسطين .. تذكروا أن الفلسطينيين تم احتلال أرضهم رغم أن أراضي اليهود في ألمانيا وبولندا وعلى الإسرائيليين أن يذهبوا لألمانيا وبولندا وأميركا أو أي بلد آخر. هذه الإجابة الصحيحة مئة في المئة أدت إلى إيقاف تلك الصحفية المشهورة عن عملها وتوبيخها بعد أن وصفت تصريحاتها بأنها عدائية وغير مسؤولة ..!
هذه هي الحرية الأميركية عندما يتعلق الأمر بإسرائيل ...!
باختصار إن الولايات المتحدة الأمريكية تؤكد أنها لن تسمح بأي ضغوط على إسرائيل وبالتالي فالحل الذي لابد للعرب أن يعودوا إليه هو خيار المقاومة وأن أي مراهنة على سياسة الولايات المتحدة هي خاسرة .