وما وجود الغابات إلا شاهد حي على بقايا تلك الغابات.. هذه الغابات التي قطعها المحتل الإرهابي الصهيوني مشوهاً بذلك جمال الجولان الساحر ظناً من هذا المحتل أنه يغير من طبيعة الأرض التي حباها الله جمالاً وسحراً..
وقد تناسى المحتل الإرهابي أن الأرض التي احتلها ترفضه وتقاومه لأنها أرض عربية سورية ولاتقبل أن يطأ ترابها إلا أبناؤها الحقيقيون.
في عددنا هذا نتابع نشر المواقع الغابية المنتشرة في جولاننا الغالي في إطار الذاكرة التي لايمكن أن تنسى كل شبر من أرض الجولان الحبيب.. الجولان العائد إلى الوطن الأم سورية.
حرج العرام «أبو الندى»
تشكل أشجار السماق أكثر من 40% من مكونات هذا الحرج، وهي شجيرات قصيرة نفضية أطراف أوراقها مسننة، وثمارها تتدلى من الأغصان على شكل عناقيد.. وهي ثمار صغيرة حمراء دبقة، وتدخل في عداد التوابل، حيث تستخدم في بعض الأطعمة بعد تجفيفها وطحنها وقد استقدم الإنسان في العصور القديمة قشرتها وسويقاتها في إعداد مادة دباغية، من أجل دباغة الجلود وتنعيمها.
وكذلك، تشكل أنواع من الفصيلة الوردية نحو 40% من مكونات هذا الحرج، منها: خوخ الدب بأزهاره الجميلة، والأجاص السوري بثماره اللذيذة، والشيح الوردي بأزهاره البيضاء، ذي الرائحة الطيبة، ويعرف أيضاً باسم (ورد الكلب) ويحضر من أزهاره عطر في تركيا وبلاد فارس، يدعى ماء الورد، كما تنمو في هذا الحرج أشجار اللوز البري.
وفق ماتقدم نجد أن مايزيد عن 80% من مكونات هذا الحرج، تمثل أنواعاً من الشجر تعد ثمارها مصدراً غذائياً للإنسان، وقد أثار وجود هذا التشكيل في منطقة محددة تساؤلاً عما إذا كان هذا التركيب طبيعياً، ويعتقد أن هذا الحرج هو بقية حضارة جولانية زرعت هذه الأنواع في هذه المنطقة وعادت هذه الأشجار وتوحشت نتيجة الإهمال الطويل وربما هو نبيت طبيعي، حافظ عليه الإنسان دون الأنواع الأخرى، ومهما يكن يعد هذا الحرج معلماً طبيعياً سياحياً فريداً من نوعه.
حرج حزيقة- حامي قرصه
يقع هذا الحرج في وسط الجولان، ويغطي كتلة المخاريط البركانية المعروفة بكتلة حزيقة - حامي قرصه، ويشكل تل الحزيقة مركزه، وتزداد كثافة الأشجار وأحجامها من المحيط إلى المركز، ويعد حالة انتقالية بين حرج مسعدة، وحرج اليعربية، فهو أقرب إلى الحرج مقارنة مع الأول، وأقرب إلى الغابة مقارنة مع الثاني.
في هذا الحرج ثلاثة أنواع من السنديان والبلوط، إلى جانب أنواع من الفصيلة الوردية، منها الإجاص السوري، والبرقوق، والزعرور، إضافة إلى نوعين من البطم، ويغطي أرضه البازلتية غطاء عشبي متنوع، يضم أعشاباً علفية وأنواعاً عدة من الزهور ولاسيما زنبقة الجولان الرائعة، كما تنمو فيه أنواع من الطحالب والفطر، وتعيش فيه حيوانات كالذئب.. والثعلب، والأرنب، والطيور ولاسيما الحجل، والحمام البري، والطيور الجارحة.
وهو عموماً حرج سنديان وبلوط، ويضم مساحات من الأراضي الزراعية، وأخرى رعوية، تحيط بها أشجار الحرج، على شكل سياج، وتوجد فيه بركة طبيعية إلى الشمال الشرقي من تل خريعة، وموقع قديم إلى الشرق من هذا التل، ربما يعود إلى العصر الكالكوليتي.
حرج اليعربية
حرج كبير، حيث يغطي نحو 66-70كم2 وفي منطقة صخرية عموماً ويتميز هذا الحرج بالمسافات الكبيرة بين الشجرة والأخرى، إذ لاتغطي الأشجار أكثر من عشرمساحة الانتشار العام، وترتفع أشجاره إلى 8-10م، وتنمو داخل أكوام من الحجارة، تؤمن لها الرطوبة في أيام الحر والجفاف، وتحميها من الحرائق التي تندلع في المنطقة، نتيجة جفاف الغطاء العشبي في الصيف.
يشكل السنديان والبلوط والبطم معظم مكونات هذا الحرج، ويلاحظ هنا أن أشجار السنديان والبلوط هي الغالبة في القسم العلوي/ الشرقي في حين يغلب البطم ولاسيما البطم الأطلسي في القسم السفلي/ الغربي، وتنمو فيه أنواع أخرى، كالتفاح البري الشائك والإجاص السوري، ولانجد فيه أشجار الشيح، والنباتات المتسلقة، كما هو الحال في حرج مسعدة.
وكذلك، يتميز هذا الحرج بغطاء عشبي غني جداً، يضم أعشاباً علفية، كالبرسيم. والنفل، وشعير الثعلب كما يضم أنواعاً من الزهور، التي تتفتح في أوقات مختلفة، تغطي معظم فصول السنة، منها العنصلات الذي يزهر في أيلول، والزعفران في تشرين الأول والبخور في كانون الثاني، إضافة إلى أنواع أخرى تزهر في فصلي الربيع والصيف، منها شقائق النعمان بألوانها الفاقعة والحلبولوب، والكتان، والعشبة الزرقاء، وتعيش فيه حيوانات برية، كالخنزير، والغزال، والأرنب، والوبر الصخري، الشبيه بالأرنب الصغير، إلى جانب الطيور العادية، والجارحة.
عموماً، يعد هذا الحرج مرعى جيداً، ولاسيما للأبقار وكنزاً سياحياً بمكوناته النباتية، والأودية التي تقع فيه، والمواقع الآثارية في داخله وتخومه.
أحراج أخرى
إضافة إلى ماتقدم هناك أحراج أخرى، منها حرج جباتا الخشب، وحرج عين زيوان، ويغلب على مكوناتهما السنديان والبلوط، وحرج مسعود الذي ينمو فيه الخروب، إضافة إلى السنديان، والبطم والقضبان، والبرقوق، وكذلك هناك أحراج نجد فيها أشجاراً برية كالزيتون والكرمة، ولاسيما في الأودية التي تنتهي في سهل البطيحة كوادي السمك.
وختاماً تؤكد الدراسات الأخيرة أن منطقة الجولان كانت غابة حقيقية في العصور القديمة، وما الأحراج القائمة فيها اليوم سوى بقايا شاهدة تروي قصة الدمار، الذي لحق بها نتيجة الاحتلال الإرهابي الصهيوني، وتؤكد قدرتها على العودة إلى مستوى الغابة المتوسطية على الأقل، إذا ما تم تحويلها إلى محميات طبيعية، وتشكل جزراً خضراء في مشهد يبدو عموماً عارياً، وتزداد أهميتها سياحياً بمكوناتها الغابية والعشبية، ومعالمها التضريسية، ومواقعها الآثارية.