تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الباحثة اللبنانية الدكتورة سلوى الأمين ل (الثورة).. الحملة ضد سورية تستهدف تمرير المخطط المرسوم للمنطقة

بيروت
دراسات
الأحد 6/11/2005م
يوسف فريج

أكدت الباحثة اللبنانية الدكتورة سلوى الأمين على أن تقرير ديتليف ميليس يراد له أن يكون مطية للضغط على سورية والسيطرة على لبنان وهدر كرامة شعبه.

مشيرة إلى حجم المؤامرة والهجمة التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والتي فضحت أهدافها ومضامينها ألا وهي النيل من رمز العروبة سورية.‏

حول هذا التقرير الضبابي الألوان وأبرز وجوه التسييس به ونقاط الضعف الموجودة فيه, الثورة التقت الدكتورة الأمين وأجرت معها هذا الحوار:‏

* كيف قرأت تقرير ديتليف ميليس?‏

** تقرير ميليس حبل مشنقة التفت خيوطه على وطني لبنان وكرامة شعبه وقاربت الشقيقة سورية وكرامة الشعب العنيد فيها, قرأت يوم الجمعة العظيمة حيث يسوع علق على خشبة مرفوعاً على حد السيف في مواقعنا النضالية البطولية.‏

قرأته في فن التخاذل والتواطؤ واستباحة الكرامات وتوسل فتات الموائد في بلاد النبيذ المعتق, قرأته في غرائز الحقد الدفينة وتفاهة التفكير المعشش في طيات الصدور ممسكاً العضلات المفتولة قاذفاً بها صواريخ عابرة للقارات, ماذا قرأت في تقرير ميليس قرأت الخفة بعقولنا, والاستخفاف بمقدرات أمة عبرت التاريخ مكللة بالامجاد.‏

فأتت الحقيقة ملوحة بضبابية الألوان, فلا الايحاءات ولا التسريبات ولا التهويلات التي أوعزت بها ورسمتها وخططت لها ونفذتها الولايات المتحدة الأميركية عبر وزيرة خارجيتها رايس بقادرة على فكفكة عقولنا من قناعاتها الوطنية والقومية ورميها في مزبلة التاريخ.‏

نحن أبناء لبنان الشرفاء اخوة في المصير والمسار مع الأشقاء في سورية كنا وسنبقى.. وستكون قراءتنا لتقرير ميليس هي دربنا إلى الاستشهاد النضالي, لأن حجم المؤامرة قد بان وفضحت أساليبها ومضامينها العاملة على الضغط على البلد الشقيق سورية رمز العروبة ومجدها العتيد بالتهويل عليها من خلال تلك الجريمة المروعة التي ذهب ضحيتها الرئيس رفيق الحريري.‏

* ما أبرز نقاط الضعف في التقرير?‏

** إن أي قارىء عادي يلمس العديد من نقاط الضعف فيه والسبب عدم دفع الحجة بالبراهين والأدلة الثابتة المقنعة, فأقوال الشهود هي ذاتها التي قرأناها منذ أشهر في الصحف.‏

وبالتالي لم تعد ذات قيمة لعدم مصداقيتها, فالشاهد الصديق لم يكن شاهد عدل كما يفرض القانون فلماذا سمي بالشاهد الملك? ولماذا بقيت اقواله المتناقضة في تفاصيلها مدرجة في التقرير, رغم افتضاح أمره, حيث إنه جندي فار من الخدمة وكاذب ومحتال, فهل الحقيقة في اشداق المحتالين?? وكيف يعقل لمن خطط ونفذ عملية اغتيال بهذا الحجم المزلزل, أن يتعاطى مع هذا الكم الكبير من العناصر المتشابكة في مسؤولياتها على حد زعم التقرير, ونحن على يقين بأن (السر إذا جاوز الاثنين شاع).‏

التقرير سيناريو مركب بامتياز, بدليل الثغرات القانونية التي وقف عندها أساتذة القانون من قضاة ومحامين من مختلف انحاء العالم ومن الولايات المتحدة الأميركية بالذات, فهل يعقل أن يكون الخصم هو الشاهد الرئيسي لتبيان الحقيقة? أم هو عمل ملفق لوأدها الحقيقة الكبرى والتي هي من أهم نقاط الضعف في التقرير هو هذا التأكيد بل الاصرار على إلباس سورية التهمة لمآرب سياسية بحتة مؤطرة ضمن المطالب الثلاثة التي فاضت بها قريحة بوش لقناة العربية الفضائية.‏

- التعاون في العراق لبسط الأمن وايقاف عمليات المقاومة -التعاون لسحب سلاح حزب الله في لبنان -التعاون لأجل توطين الفلسطينيين.‏

إن الرفض لهذه الاشارات الثلاث لن يأتي من سورية وحدها, بل من كل شرفاء لبنان وهذه الأمة العربية الذين ما زالت سيوفهم مسنونة للنضال القومي.‏

*برأيك ما هي أوجه التسييس في التقرير?‏

** قال ميليس في نهاية تقريره (الفقرة رقم 210) مايلي: كنتيجة لتحقيق اللجنة حتى تاريخه ثم اعتقال عدد من الأشخاص واتهموا بالتآمر في ارتكاب جريمة وجرائم ذات صلة باغتيال السيد الحريري و22 شخصاً آخرين.‏

إن اللجنة تدرك بكل تأكيد أن كل الأشخاص, بمن فيهم أولئك الذين اتهموا بجرائم خطيرة يجب أن يعتبروا أبرياء حتى تثبت ادانتهم بعد محاكمة عادلة.‏

ولكننا سمعنا قبل أن نقرأ التقرير التسريبات التي تدين سورية والتي تتحدث بلغة واثقة لا لبس فيها دون أن نلمس أدلة دامغة على ذلك, فما معنى اسقاط مبدأ التعاون المطلق الذي ابدته سورية للقاضي ميليس ولجنته ووقائع الاتصالات وما حدث ذكر محرفاً في التقرير.‏

* لماذا افترضت الولايات المتحدة بشخص رئيسها بوش أن الحكم صدر وبالتالي على سورية الانصياع لمطالبها البعيدة كل البعد عن حقيقة اغتيال الرئيس الحريري?‏

** إن هذا التوظيف الوارد في تقريرين منفصلين, يوضح بشكل واضح الغاية من تسييس الموضوع لاضاعة حقيقة الجريمة المروعة التي كانت الشرارة التي انطلقت لادخال لبنان وسورية في عملية الفوضى الخلاقة. التي من أهم بنودها وضع لبنان تحت السيطرة الإسرائيلية, فما معنى حشر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وغيرها باتهامات وفرضيات عبر شهادات غير موثقة وغير واضحة ومقنعة, ثم لماذا التركيز على اتهام سورية بالتدخل بالشؤون اللبنانية واغفال ما قدمته سورية من شهداء على الساحة اللبنانية لأجل منع تقسيم لبنان والمحافظة على وحدته ووحدة شعبه وأراضيه, وما الغاية من ذكر تسجيلات لا قيمة لها في عرف القانون من حيث امكانية تقليد الأصوات للاساءة إلى السفير وليد المعلم الذي هاتفه صبيحة 14 شباط الرئيس الحريري ولفته إلى قراءة حديثة في جريدة السفير وتأكيده له الوفاء لسورية.‏

قيل: المجالس بالأمانات, الرئيس الحريري كان خير من يحفظ الامانات, فلماذا الاساءة إليه بقضية التسجيل, فرحمة بموتانا وشهدائنا.‏

ثم يذكر التقرير أن الشاهد الكاذب زهير الصديق في الفقرة 112 شارك في مرحلة التخطيط قبل الاغتيال ويعود ليؤكد عمله كسائق لعدد من المشتبه بهم, هذا الكلام غير واضح ومضحك لقد بات واضحاً ما قصده ميليس ومن وراءه من التقرير الذي لم يكتمل.‏

* كيف تفسرين السعي الأميركي- البريطاني إلى دفع مجلس الأمن لفرض عقوبات على سورية?.‏

**إن عدم تعاون سورية مع أمريكا وبريطانيا خلال غزوهما للعراق شكل الحدث الأكبر في إعلان هذه الحملة الشعواء ضد سورية لاخضاعها إلى المطالب الأميركية, ما دعا الولايات المتحدة الأميركية إلى التحرك الفوري باتجاه الأمم المتحدة لحثها على فرض العقوبات عليها وربطته بتقديم تقرير ميليس, من هنا علينا أن نستنتج خلاصات التقرير المعد بإتقان والموجه ضد سورية من خلال الحديث الذي أدلى به الرئيس الأميركي جورج بوش للصحافيين في مكتبة ريغان الرئاسية بعد صدور التقرير, والذي يزعم فيه أن عملية الاغتيال التي حدثت للرئيس الحريري حصلت لدوافع سياسية ما كان يمكن أن تتم من دون موافقة مسؤولين سوريين ولا يمكن أن تكون قد تمت من دون مساعدة نظرائهم في أجهزة الأمن اللبنانية.‏

الهدف واضح وهو مسيس بامتياز والغاية منه إدانة سورية باغتيال الحريري وتهديدها بالعقوبات لاخضاعها واستسلامها للمخططات الصهيو أميركية الهادفة إلى تقسيم المنطقة العربية إلى مناطق ودويلات اثنية, بدليل هذا الشرخ الهائل الذي احدثته ديمقراطيتها في العراق بين السنة والشيعة والتي تريد امتداده إلى سورية فلبنان للعمل على إعادة هيكلة خرائط المنطقة بمفهوم أقرب إلى الانصياع منه إلى الحرية والسيادة والديمقراطية, ونحن نعلم أن مسيرة سورية في لبنان كانت متوجة بحرصها الدائم على تثبيت الأمن في ربوعه, والعمل على عدم تقسيمه أما الذين شاركوا في الجريمة حكما فأولئك هم الذين أرادوا فرض الحالة المتردية على جميع الصعد الأمنية والسياسية والاجتماعية بقصد ترك لبنان في مهب الريح والعودة به إلى حدود العام 1975 أي بداية الحرب الأهلية العبثية, وهذا ما نلمسه اليوم على الساحة اللبنانية من تشرذم وتفكك وخوف ورعب.‏

لماذا هذا التحول المريب في الخطاب السياسي للكثير من السياسيين اللبنانيين ووسائل الإعلام اللبنانية لجهة نشر الشائعات والأفكار الكاذبة?.‏

إن التحول للكثير من رجالات السياسة الذين واكبوا المرحلة السورية في لبنان وتعاونوا معها تعاونا مطلقا يثير الاستغراب لجهة ما يصرحون به حاليا عبر وسائل الإعلام اللبنانية والعالمية لجهة تنصلهم من أي مسؤولية مما كان يجري على الساحة اللبنانية من فساد وإفساد, هم أربابه بالدرجة الأولى, قيل: إذا أردت أن تقتل إنسانا فاطلق عليه اشاعة, هذا ما فعله هؤلاء القادة حين استخدموا وسائل الإعلام للتنفيس عن حقدهم الدفين تجاه العروبة وقيادتها الحكيمة الرائدة في سورية الشقيقة.‏

لم أفاجأ بهذا التحول عبر الخطوط, فمن الخط العربي القومي النضالي إلى الخط الأميركي- البريطاني- الفرنسي المتصهين, فقد كنا على علم ومعرفة بنوايا أولئك السادة الذين حكموا البلاد والعباد وأرهقوا الوطن بالديون وأثقلوا جيوبهم بالمال والذهب الرنان.. وليس غريبا عليهم تحريك المواقف من ساح لساح ومن يمين ليسار أو العكس حسب الأرياح ودورتها الزمنية.‏

الآن يأتون مقبلين على الحقيقة, أية حقيقة يريدون وهم الذين استباحوا قتل الرجل وهو حي لكثرة انتقاداتهم له, عبر مساراتهم المسجلة في ذاكرتنا وذاكرة الوطن والتي لن تمحى بسهولة, من هنا فأنا لا استغرب كل هذه الشائعات والتسريبات التي يبثونها بالونات اختبار عبر وسائل الإعلام وآليات تضليل للعديد من الناس الذين تأخذهم عواطفهم إلى المنحى المسدود.‏

هذا ما أسميه صراع المصالح والتجاذبات والبقاء فوق الكراسي المطعمة براحة الجيوب والضمير واستراتيجيات أمريكا وربيبتها إسرائيل.‏

لا بد لهذا الليل من آخر ولا بد للحقيقة أن تنجلي, فإصرار سورية على معرفة الحقيقة هو الحقيقة الكاملة التي ينتظرها الجميع بكل الصدق والوفاء التي عودتنا عليها سورية حين كانت الأزمات تدور على ساحات لبنان لمحوه عن خارطة الوجود وكانت سورية هي الراعي الأمين لوحدتنا وسيادتنا لهذا تواجه اليوم هذا التحدي وهذه المواجهة في توظيف التقرير لفرض عقوبات عليها لاخضاعها والموافقة على مبادىء بوش التي ذكرت سابقا في سياق الحديث.‏

ولكن لن تكون سورية مكسر عصا ولن تتمكن أدوات التطبيق أو وسائل الاقتصاص السياسي من سورية وسنبقى على العهد والوعد أوفياء لسورية قيادة وشعباً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية