معتمداً على فرقة نداء الأرض الحديثة العهد, والشبابية التي تعتمد على مجموعة من الراقصين هم في الأساس ممن تدربوا على الدبكة الشعبية لا الرقص وهو بذلك يخوض تجربة جريئة قل نظيرها, وربما للسبب نفسه جاء العرض دبكاً في بعض نواحيه.
الكاتب وليد عبد الرحيم كتب نصاً بعنوان رسائل سريعة وهو عبارة عن لوحات منفصلة يربط بينها خيط درامي مشترك, ويبدأ تاريخاً منذ ما قبل ستة آلاف عام ونيف من تاريخ البشرية حيث بنى الكنعانيون أول بيت في تاريخ البشرية في مدينة أريحا الفلسطينية, وينتقل إلي لحظات تاريخية متقدمة بتوال وتناسق ولكن بسرعة ربما لم يستطع العرض ايصالها وذلك بسبب الدخول السريع للراقصين والخروج أيضاً مما لم يتح للمشاهد التقاط أنفاسه للدخول في حالة جديدة من خلال نسق درامي وهو ما افتقده العرض بصراحة.
سعى المخرج إلى ايصال فكرة المؤلف الذي امتلأ نصه بالإشارات السريعة والمقتضبة وهو ما يدلنا عليه عنوانه, حيث بدا غامضاً في بعض نواحيه, ولكنه بدا أيضاً مباشراً في كثير من الأحيان, لهذا فقد لاحظ المشاهد تفاوتاً في لوحات العرض التي غطى عليها وشفع لها إدخال الراوي والرواية حضوراً عبر ممثلين هما شذى وخالد السهلي, ولكن بصوت الكاتب وليد عبد الرحيم والممثلة سارة عبر لقاء شعري ساعد المشهدية الرتابة للراقصين الذين لم تشفع لهم خبرتهم البسيطة في بعض الحالات حيث غاب التناسق الحركي وبدت الرقصات عشوائية إلا في حالات قليلة, عزا المخرج ذلك لقلة خبرتهم وحداثة عهدهم, حيث أن فرقة نداء الأرض الفلسطينية التي تم تأسيسها منذ عامين فقط من هواة من الشبان والفتيات المتطوعين, لم تعهد هذه الأعمال فقد عرضت عروض دبكة شعبية في غير مناسبة.
ربما لم يتسع الوقت لمدرب الرقصات وهو خبير منذ أيام فرقة العاشقين وقد صمم رقصات ودبكات جيدة لكنه لم يعمل عليها حتى النهاية فبدت ناقصة بسبب سرعة الإنجاز.
المخرج بسام سفر, وهو خريج المعهد العالي للفنون المسرحية, استعجل العرض فلم ينتبه إلى ركاكة بعض المفاصل الدرامية كما لم يتسع له الوقت-كما قال-لعرض بروفة جنرال, مما أظهر الإضاءة بشكل عشوائي, وكذلك الشاشة السينمائية التي تتخلل العرض والموسيقا التي كانت شاذة في بعض الأحيان ومشابهة لموسيقا سائدة, مع العلم أن الموسيقي الذي اشتغل في هذا العرض (رسائل سريعة) قد خاض تجربته الأولى, لكنه لم يدرك الفارق جيداً بين موسيقا الأغنيات والمقطوعات وبين الموسيقا الدرامية التي تخدم العمل ولهذا فقد أفلح في الأغاني التي جاءت جميلة وخصوصاً بصوت فتاة يبدو أنها شابة, أعني تلك التي غنت أغنية رقص عليها الأطفال بشكل جميل ونقول (طيري يا عصافير وعلى الأرض هدي) وبعض الأغاني الأخرى, عرض رسائل كان في شكله العام مقبولاً لكن النواقص البسيطة أدت إلى خفض مستواه التقني.