وزملاء دراسته سواء أكانت في الوطن الأم أو في القرى المحتلة, ويتغنى ويتحرق أمام شريط طويل من الذكريات بعيداً عن ذويه.
والأصعب من هذا وذاك إذا كانت أسرة بأكملها تودع نصفها إلى الطرف الآخر إلى ما وراء الاسلاك الشائكة والسواتر الترابية المدججة بحقول الالغام والحواجز المصفحة بآليات الدمار والارهاب المنظم..
بهذه الكلمات بدأ السيد ابراهيم العلي أمين فرع القنيطرة للحزب حديثه ل (الثورة) خلال استقباله لطلاب الجولان في مدينة القنيطرة اثناء عبورهم للالتحاق بعامهم الدراسي الجديد بجامعة دمشق وأضاف: توافدهم إلى منشآتنا وصروحنا العلمية الزاخرة بالقيم المعرفية والثقافية..
وعبورهم إلى وطن الآباء والاجداد رغم الاجراءات الصهيونية التعسفية وعرقلتها الاستفزازية المتواصلة, ليست إلا تعبيراً قوياً وصريحاً عن التصاقهم بالأرض والاخلاص للوطن وسيد الوطن الرئيس المفدى بشار الأسد.
وعبر أمين الفرع عن سعادته للقائهم وهم يعبرون للمرة الأولى اسلاك الاحتلال وحواجزه المصطنعة لمتابعة تحصيلهم الدراسي وتعزيز معارفهم مشيراً إلى الرسالة النضالية والمعرفية التي يحملونها من قرى الجولان الصامد إلى ربا وطنهم الأم سورية ليؤكدوا للعالم أنهم خير خلف لخير سلف.
وقال: عبور طلاب الجولان الصامد يمثل قمة التواصل النضالي بين الأهل على طرفي شريط الاحتلال الزائل, وهذا تأكيد واضح للعدو قبل الصديق مدى تمسكهم بالثوابت الوطنية والتصاقهم بالأرض.. أرض الآباء والأجداد وأملهم الكبير بيوم التحرير المرتقب تحت راية النصر المؤزر.. راية السيد الرئىس بشار الأسد.
من جهته أشار السيد هاجم حجير رئيس مكتب الطلبة الفرعي إلى التسهيلات التي قدمتها قيادتنا السياسية الحكيمة للطلاب فقال: إن ابناء الجولان وطلابه يعانون من الظروف الصعبة نتيجة الممارسات التعسفية الصهيونية.
إضافة إلى مرارة الفراق التي تصل إلى عام كامل, يتخلله كثير من القهر الناتج عن الأخبار التي تصلهم من ديارهم المحتلة دون أن يتمكنوا من فعل شيء سوى الترقب والانتظار حتى ينتهي عامهم الدراسي, في الوقت الذي يقدم فيه الوطن الأم وجامعاته ومؤسساته المختلفة كل ما يلزم من إقامة مريحة وجو دراسي متميز ورواتب شهرية وكتب دراسية مجانية, وإعفاء من رسوم الجامعة والتسجيل بالاختصاص الذي يرغبونه في الجامعة بغض النظر عن معدل النجاح والشهادة الثانوية.
وهذا ليس بجديد على الوطن الأم الذي قدم ولا يزال كل وسائل الدعم المادي والمعنوي للجولان الصامد وأبنائه الأوفياء حتى يعود حراً أبياً.
نفضل دراسة الطب..!!
وعن شجون وهموم طلاب الجولان حدثنا لفيف من الدارسين العائدين من قراهم وديارهم والشوق يحدوهم للقاء ابناء الوطن ورفاق الدراسة فقال الطالب أميل وحيد الصفدي سنة ثانية طب أسنان: كانت عطلة صيفية حافلة بالجد والعمل بقطف التفاح كون هذا المنتج هو مصدر المعيشة الوحيد للأهل الذين تركتهم قبل قليل على الطرف الآخر والحزن والالم يرتسم على وجوههم.
ولكنني -رغم ألم الفراق- سعيد لعودتي إلى الوطن لاستكمال تحصيلي الدراسي بكلية طب الأسنان.. هذا الاختصاص الذي يفتقر إليه الجولان نتيجة اهمال سلطات الاحتلال لأوضاعنا الصحية.
وأشار الطالب الصفدي إلى عنصرية الاحتلال في قبول المتخرجين وتشغيلهم وقال: مما لا شك فيه أن منهاج كلية طب الأسنان في الوطن كثيف وغني بالمعلومات مع وجود مدرسين اكفاء.
الأمر الذي يدفعنا لبذل المزيد من الجهد والمتابعة, والمقارنة بمنهاج جامعات الاحتلال فإن جامعات الوطن أقوى بكثير وهذا ما يلمسه قولاً وفعلاً المرضى والمراجعون من قرى ومدن شمال فلسطين المحتلة..
ورغم تميز وكفاءة طلاب الجولان المتخرجين فإن الأولوية -دائماً- للمتخرجين اليهود الذين يشترون شهادتهم دون عناء الدراسة.
وهذا ما أكده زميله في كلية طب الأسنان يامن ماجد خاطر مضيفاً: عراقيل كثيرة تختلقها (إسرائيل) لممارسي مهنة الطب وغيرها بعد التخرج ومنها الامتحانات التحريرية مع ما يترتب عليها من مزاجية القائمين عليها.
أحياناً يعاد الامتحان لأكثر من سبع مرات وكل مرة رسوم وتكاليف باهظة أما الدارسون في الجامعات العبرية فلا يحتاجون لهذا الامتحان التعجيزي, كما نتعرض إلى أبشع أنواع التفتيش (الاحترازي) الإسرائيلي أثناء عبورنا من وإلى الوطن الأم.
وسمعت أن الاحتلال يصادرحتى دفاتر المذكرات الشخصية..!! أضف إلى ذلك تمنعنا إدارة السجون من زيارة ذوينا ورؤيتهم فأنا لم أر خالي الأسير صدقي المقت وبشر المقت منذ فترة طويلة وكذلك عمي الأسير كميل خاطر منذ سنتين,.. وهذا يؤثر بالمحصلة على ظروفنا النفسية ونتائج تحصيلنا الدراسي.
أما الطالبة الجديدة هند عصام الصفدي ضحت باحلامها وميولها للاعلام وقررت مكرهة دراسة الطب البشري لرعاية ابناء قريتها والجولان صحياً.. وقالت: منذ نعومة اظافري وأنا أحلم أن أكون صحفية لما للكلمة من تأثير.. ومكانة.. وحضور..
ولكن ميلي للاعلام تبدد تدريجياً للظروف الاقتصادية والصحية المتردية في القرى المحتلة لذلك قررت مكرهة الالتحاق بكلية الطب البشري خاصة وأن الجولان ومنذ احتلاله عام 1967 -قبل أن أولد- يفتقر لمشفى أو مركز صحي ونقطة طبية..
نتطلع لأحداث اتحاد نسائي مرجعيته الاتحاد النسائي العام بدمشق.. والسماح للأهل بالزيارات العائلية وأن يلتئم شمل عائلاتنا الممزقة على طرفي شريط الاحتلال.. تصوروا خالي حامد الحلبي لم التقه منذ ولادتي..إلا من خلال موقع عين التينة ومن خلال مكبرات الصوت.. أو من خلال البرنامج التعليمي لأبناء الجولان الذي يقدمه في التلفزيون السوري.
من جهته أشار الطالب مضاء المغربي رئيس اللجنة الإدارية لطلاب الجولان في جامعة دمشق إلى احجام الطلاب عن الفروع الأدبية والاقتصار على الطب والصيدلة بسبب السياسة الصهيونية الرامية للضغط على السكان لقبول مراميها المرفوضة جملة وتفصيلاً لذلك سعت سلطات الاحتلال جاهدة للاهمال الصحي ومنعت إقامة مشفى فيه.
وأضاف: تسعى (إسرائيل) إلى تسريح المعلمين والمدرسين من المدارس وطرد العمال والفلاحين من المعامل والمزارع, وتقلص من النقاط الصحية في شمال فلسطين المحتلة بهدف تضييق الخناق علينا الأمر الذي يدفعنا -طلاب الجولان- إلى دراسة الطب والفروع العلمية كي نخرج من تحت قبضة الخناق.
وبالتالي تقديم ما يلزم من الخدمات الصحية للأهل هناك, وبالمحصلة إيجاد مصدر رزق بعيد عن الممارسات التعسفية الإسرائيلية ولنا الشرف أن ندرس في جامعاتنا في دمشق والتي خّرجت طلاباً جولانيين متميزين في الاختصاصات المختلفة منهم على سبيل المثال لا الحصر .. أمل فضل الله حمد الأولى على كلية الصيدلة عام 1998- إياد طربيه على الهندسة المدنية (جيوتكنيك) -تيسير الحلبي في الآثار والمتاحف وايمن الحلبي فنون جميلة.. وغيرهم كثير.
وباسم زملائي طلاب الجولان نتوجه بالشكر الكبير لقيادتنا السياسية الرشيدة وعلى رأسها قائد الوطن المفدى السيد الرئيس بشار الأسد الذي منحنا فرصة ذهبية للتعلم في جامعاتنا الأم وبالاختصاص الذي نرغبه مجاناً مع تأمين كل وسائل الراحة والرفاهية ونعاهده بأن نلتزم بالمبادىء والقيم التي جئنا من أجلها وفي مقدمتها المثابرة في التحصيل العلمي والعودة إلى ديارنا الصامدة بشهادة جامعية ممهورة بختم وتوقيع جامعة دمشق فخر جامعات العالم.
نقطة العبور.. ومرارة الفراق
بعد تخرجها من كلية الصيدلة وقبل أن تضع أول خطوة إلى قريتها مسعدة المحتلة حدثتنا الطالبة زهراء البطحيش والدموع تغرق وجنتيها قائلة:
عام 2002 عادت من نقطة العبور بمدينة القنيطرة شقيقتي غزالة وبيدها شهادة الطب البشري وكم كان الوداع صعباً لأنني كنت أتابع دراستي بالجامعة واليوم جاء دوري.. شعور صعب, خمس سنوات لا يمكن أن تنسى بسهولة إنها أجمل أيام العمر..
تركتها في دمشق والأخوة والأخوات والزملاء والزميلات .. صعبة جداً لحظة العبور خاصة وأن شقيقي زاهر أول من سأودعهم لأنه سيبقى في دمشق وسيدرس سنته الأخيرة في طب الأسنان.. صدقوني يكاد يتحطم المرء إذا فكر بالفراق.. مسافة 200 متر تفصل الجولان عن الوطن.. إنها قمة المعاناة الإنسانية.. وعلى الطرف المقابل اهلي واخوتي الذين يتلهفون للقاء.. وهذا حالي