ولتسليط الضوء على ماهية الإقرار الجزائي في القانون ونوعيته وشروطه وكيفية التعاطي معه قانونيا نلتقي المحامي فؤاد العوض ليحدثنا قائلا: بعد معرفة ماهية الإقرار وتعريفه السالف الذكر في مقدمة الموضوع فإنه لابد من معرفة أنواع هذا الإقرار حيث له نوعان:
الأول: قضائي وهو مانصت عليه المادة 94 من قانون البينات ( اعتراف الخصم أو من ينوب عنه نيابة خاصة بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أمام القضاء أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة).
الثاني: غير قضائي ( هو الذي يقع في غير مجلس الحكم أو يقع في مجلس الحكم ولكن في غير الدعوى التي أقيمت بالواقعة المقر بها).
شروط الإقرار
وردا على سؤالنا عن الشروط القانونية التي يجب أن يتمتع بها الإقرار الجزائي أجاب: لكي يكون الإقرار دليل إثبات لابد من أن يكون صادرا عن شخص مميز متمتع بإرادة حرة واعية وتبعا لذلك لايعد إقرارا صريحا ذلك الذي يصدر عن شخص منوم مغناطيسيا أو مكره سواء كان ماديا أم معنويا لأنه والحالة هذه يكون معيب الإرادة مضطرب التفكير لايدرك نتائج ما أدلى به من أقوال بيد أن الاحتجاج بعدم صحة الإقرار لا يؤخذ به إلا إذا كان التهديد أو الخوف وليد أمر غير مشروع فلا يكفي التذرع بالخوف أو القبض أو التوقيف حتى يتحلل المقر من إقراره إذا كان القبض أو التوقيف قد وقعا صحيحين وفقا للقانون.
وأن يكون الإقرار محددا وصريحا وواضحا لا لبس فيه بحيث لا يحتمل تأويلا ولا تفسيرا فلا يصح التعويل على إقرار غامض أو يحتمل أكثر من تأويل كذلك ألا يكون الإقرار صادرا بناء على إجراء غير قانوني فإن بني على باطل فهو باطل وإن حصل الاعتراف على أثر استجواب أمام أحد أعضاء الضابطة العدلية الذي أنابه قاضي التحقيق كان باطلا لعدم جواز الإنابة في الاستجواب .
حجته القانونية
وعن قوة الإقرار وحجته القانونية يوضح السيد العوض هنا نكون أمام أمرين مهمين للغاية الأولى إذا صدر الإقرار عن المدعى عليه مستكملا لشروط صحته السالفة الذكر بإمكان القاضي الأخذ به كدليل إثبات والثانية هل الإقرار مثله مثل بقية الأدلة من شأنها أن تخضع لتدقيق المحكمة وتخضع لقناعة القاضي الوجدانية وتنص المادة 175 أصول جزائية ( تقام البينة في الجنايات والجنح والمخالفات بجميع طرق الإثبات ويحكم القاضي حسب قناعاته الشخصية).
واتجهت محكمة النقض باجتهاد صدر عن الغرفة الجزائية بتاريخ 13/12/1980 (الاعتراف في القضايا الجنائية لايصلح وحده لأن يكون سندا لتقدير عقوبة جنائية إلا إذا دعم بأدلة أو قرائن قضائية تؤيده وتثبته).
دور القاضي في الإقرار
ولابد من الإشارة إلى نقطة مهمة وقيمة اعتمدها المشرع في تقييده لما أطلقه الشرع وبالتالي منح القاضي الدور الرئيسي في الأخذ بالإقرار كدليل إثبات يستأنس به يضيفه إلى باقي الأدلة لبناء قناعة وهذا يعني أن المشرع لم يحصر نطاق الإقرار كدليل من أدلة الإثبات ضمن أدلة الاثبات ضمن حدود وقوالب جامدة من شأنها أن تنكمش عندما يبني القاضي قناعته على الإقرار كدليل إدانة ويتسع عندما يطرحه فيما اذا لم يقتنع به وهذا ما أكدته محكمة النقض السورية ( يجب أن يكون القاضي شديد الحذر لأن الإقرار قد يكون دليلا ضعيفا لاحتمال إقرار المدعى عليه باعتراف الجرم المسند اليه وتحمل مسؤوليته كي يخلص غيره أو مقابل نفع يأمله أو دفع ضرر يخشاه).
وأخيرا لابد من القول: إن الاقرار في القضايا الجزائية كما يوضح المحامي العوض دليل ناقص إنما بالقضايا المدنية هو دليل كامل يغني عن أي دليل آخر لأن الإقرار في الدعاوى المدنية سيد الأدلة وكل إنسان مؤاخذ بإقراره.