تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الزواج غير الناجح...هل نتلمس الصحوة ?!

مجتمع
الأحد 6/11/2005م
محمد عكروش

القصص التي تدور حول الحب الفاشل والعاطفة المجروحة والآثار التي يتركانها على نفوس الفتيات والشبان كثيرة لاحصر لها ولكن المهم أنها تضع أيدينا على مشكلة تحتاج إلى المعالجة والى الاهتمام والدراسة.

فهل يعني فشل العلاقة العاطفية قبل الزواج وبعده أن الدنيا قد خلت من كل المعاني الجميلة وفقدت كل القيم النبيلة? وهل يعني هذا الفشل أن باب الأمل قد أغلق إلى غير رجعة في إقامة علاقات جديدة? وهل يعني هذا الفشل أيضا اليأس من الجنس الآخر وفقدان الثقة به ومن ثم الابتعاد وعدم التعامل معه?.‏

من قلب المعاناة ومن جار الزمان عليهم التقينا بزوجات عشن تجربة الفشل المريرة وانطلقن منها نحو حياة أفضل عشنها فكانت نقطة انطلاق لمحور حياتهن تعالوا معنا نستطلع من تجاربهن كيف استطعن كسر حاجز الصمت وعبرن إلى شاطئ الأمان إذا صح التعبير .‏

ماما لا تتركيني‏

> أمل الكردي مدرسة لغة انكليزية وأم لطفلة: عندما فكرت بالزواج لم أوافق لفكرة الزواج فقط بل كنت وطيلة حياتي أحلم بأن زواجي سيكون حياة أخرى ونجاحاً آخر ومستقبلاً جديداً تزينه الأطفال,ونكّون أسرة نموذجية أكون فيها الأم والزوجة والصديقة ويكون لي الزوج والأخ والصديق. ولكن وللأسف انزاح الستار وباتت الحقائق منذ الشهر الأول لا بل الأسبوع الأول من زواجنا. ولكن كنت أردد دائماً بأن الزواج ليس طموحي الوحيد بل طموحي أن أدرس وأحقق لنفسي مركزا وشهادة وقيمة علمية افخر بها أمام أطفالي وتكون لي عوناً وسنداً في الأيام القادمة وبالفعل فزواجي التقليدي لم يكن المستقبل ولم أحصد منه الا الخيبة والانكسار والألم ولكن عزائي كان أن بيدي سلاحاً يقيني شر الحاجة للغير وهو شهادتي وقدرتي على الإعطاء وإعالة نفسي وابنتي.ولم اعتبر طلاقي عثرة, ولم اعتبره إخفاقاً ولا فشلاً ولم تثبط هذه الحالة من عزيمتي في الاستمرار بالحياة, بل على العكس صار عندي دافع أكثر أن استمر واستمر وأتابع حياتي بشكل طبيعي بعيدا عن التذمر والشكوى والاستعطاف وابنتي كانت دافعي الأقوى والأكبر.‏

لقد سجلتها بنادي للكاراتيه وهي تحوز على اهتمام مدربها ولكن ورغم كل ما أقدمه يبقى هناك غصة تؤلمني فأنا قادرة على تقديم كل مايلزم لها تقريبا ولكني عاجزة عن تقديم أب محب , حنون وعطوف وهو سؤالها الذي يؤلمني: ( أين بابا? لماذا لا يأتي لزيارتنا في المنزل ?لماذا كل الأولاد ينادون بابا..) وأسئلة كثيرة أقف أكثر الأحيان عاجزة عن الإجابة عليها وصارحتها بالانفصال واستحالة عودتنا والعيش معاً في بيت واحد.‏

وكان هذا يترك ألماً في داخل بيتي وأكثر الأحيان كانت تبكي وكي تواسيني كانت تقول: (معليش ماما, يكفي أنني معك...) وهذا يحرق قلبي ويؤلم روحي.‏

دعني أقول لك إننا عندما نتحدث عن الأبناء, وخاصة أبناءنا ننسى كل شيء حتى ذاتنا, لأننا نرى الحياة فيهم ولهم وبهم.‏

وأي حياة تلك التي يمكن أن أحياها عندما اجني على حياة طفلة بريئة برميها لوالد عديم العاطفة والشفقة والإنسانية.‏

ولكن ورغم تستري على الأسباب الحقيقية لطلبي الطلاق فوجئت بعد فترة بالأسلوب المتخلف والهمجي الذي اتبعه بنشر الأقاويل والأكاذيب كل هذا ليبرر فعله وليغطي على الأسباب الحقيقية للطلاق.‏

وللأسف ان بعض النساء يصبن بالإحباط والانهزام ويستسلمن للعادات والتقاليد. ولكني الحمد الله فقد حظيت بأهل كانوا لي السند والعون انسوني سنين الظلم والكثيرات من صديقاتي من يقلن لي هنيئا لك ولروحك المرحة, وهمي الوحيد الآن هو حصولي على عمل مستقر وثم الحصول على بيت ولو كان صغيرا يجمعني وابنتي .‏

ولهذا ولكي لاتكون المرأة ضحية المجتمع والقوانين فإنني اهمس بأذنها ألا تستسلم للظروف وان يكون لها هدف, وتصنع مستقبلا لايحق لأحد أن يسلبها إياه وان تتسلح بسلاح العلم فشهادة المرأة وعلمها وعملها هم سلاحها الذي يمكن أن تواجه به المجتمع مهما كبر وتجبّر وظلم.‏

وحقي ومثيلاتي ان يصل صوتنا إلى أذن القانون الحق, لا ان يصل ويُوصد عليه الباب ويصبح من المنسيات. وسأسعى لأن يكون لي نشاطات أخرى متى سنحت لي الفرصة لأعزز بها وجودي, وأثبت شخصيتي حباً صادقاً لطفلتي.‏

مع الاختصاصية الاجتماعية‏

وعن دور الأم أمل تقول الاختصاصية الاجتماعية نسرين تميم: لابد من للطلاق أن يكون حضاريا, إنسانيا ولاينسى الأطفال بأنهم الطرف الأكثر ضررا وتعرضا للجراح, وان يكون همّ الطرفين نفسية الطفل وابعادهم عن الترهات وتوجيه الاهانات ورمي الأعذار والأسباب كل على الآخر فالطفل وان لم يتكلم فبداخله نار وحسرة وألم, واقرب الناس إليه هم سببه. ومهما تظلم الطرفان فالصغار هم المظلومون الأوائل دون التفكير بحالهم.والابنة هي الخاسر الأكبر والمظلوم الأول بالنسبة لهما.‏

عفواً لا أحب أن أدعوه أباً‏

> وفاء علي إجازة في الهندسة الميكانيكية وأم لعصفور صغير يدعى جعفر عمره ست سنوات: إنني كأي فتاة حالمة خيل إليها فارس أحلامها قد أتى وحان موعد امتطائها الفرس معه والمسير قدماً في طريق الحياة,تزوجت من ابن عم أبي العاشق الولهان المتيم بالهوى والذي أعترف انه كان غلطة عمري الوحيدة ,وسبب بلائي وشقائي, ورغم معارضة الأهل الشديدة أغمضت عيني ومشيت معه وكلي ثقة انه الأمل والمستقبل والحاضر وكل الحياة.‏

ويوم وراء آخر وشهر وراء الثاني كان شعور الوحدة والألم والخوف يقتلني فالغيرة والشك القاتلان في قلب الزوج تكاد تخنقني, وفي خضم هذا الصراع والبؤس كان هناك شعاع صغير يشع ويواسيني انه شعاع الكائن الذي في أحشائي ,شعاع حياتي الذي من أجله أعيش وسيبقى نوره على دائرة الفراغ التي أحياها وينشر عبق وجوده في قلب أم عشقت ورأت بقلبها قبل عيونها نبض قلبه وعروقه. على عكس الأب (عفواً) لاأحب أن أدعوه أباً لأنه يشبه أي شيء في الوجود إلا هذا الشيء السامي الأبوة الذي زاد ظلمه وجوره على هذه المسكينة الأم وأضيف معها (جعفر) ابني الشعاع الصغير.‏

أمام هذا الظلم نطق عندي شعور الرفض والكبرياء لأصرخ على الملأ لا, وألف لا لن اسمح لك ياحياة أن تدمريني فأنا بشر ولي حق فيك مع ابني ولن أكرهك بل على العكس سأعيش في طريق جديد لأسير فيه ولست هذه المرة لوحدي بل مع روحي ووجودي ولا أبالغ إذا قلت انه نور عيوني وسبب صمودي أمام الأمواج المتلاطمة عبر الحياة.‏

لحظات من اليأس كثيرة مرت بي ولكن في نهاية كل لحظة كنت أقف منتصب القامة واشحذ همتي من ضحكة حبيبي وصديقي الصغير ونبض فؤادي الذي كان يكبر يوماً وراء آخر وأنا اكبر معه بتجلدي وصبري وقوتي وتشبثي بالحياة أيضا ينمو ويزهو يوما بعد يوم.‏

عدت لعملي مهندسة إلى الوظيفة وانتسبت لصفوف منظمة الاتحاد العام النسائي وبإصرار وتصميم منقطع النظير أصبحت من الأخوات القياديات في المنظمة ,والمهندسة النشيطة التي تهوى العمل وجعفر والعاشقة لعملها والمؤمنة بأهدافها والمواظبة عليها وانهض نافضة غبار التعب عن قلبي وجسدي ماسكة يد صغيري متسلحة بدعاء أمي ورضاها عني, معلنة إصراري على تحقيق مكانة اجتماعية في مجتمعي لي ولأبني.‏

لماذا تفشل العلاقة?‏

> وبعد عرضنا هذه الحالات على أصحاب الرأي ومن بينهم الدكتور كامل عمران أستاذ علم الاجتماع عبر عن موقفه منها قائلاً:علمتنا الحياة أن الواقع أقوى بكثير من التصورات المثالية التي لاتصمد أمام الواقع فليس بالضرورة أن تسير أمور الحياة الواقعية كما نشتهي ونتمنى بل إن الكثير من مجريات الواقع يأتي مخالفا لما توقعنا وهذا أمر طبيعي وبمقدار ما تكون توقعاتنا موضوعية تأخذ بالحسبان مجمل الشروط بمقدار مايكون الاقتراب من الواقع ويحصل التطابق بين مانفكر به ونحلم وبين تجسيدات الواقع القائم أمامنا.‏

وفي معرض كلامه فهذه العلاقة معرضة للفشل وهو أمر طبيعي نجده في جميع المجتمعات وفي جميع الشرائح الاجتماعية لأننا نعيش واقعا معينا ولانعيش في مدينة فاضلة كما يتخيلها الحالمون..‏

> وعن فشل العلاقة الزوجية قبل وبعد أن خلت الدنيا من المعاني الجميلة?‏

>> علاقات الحب والزواج وغيرها يجب ان لايحجب عنا حقيقة أساسية وهي أن الحياة مزيج من الحب والكراهية, النجاح والفشل, الجميل والقبيح وبدون هذا المزيج المتناقض لايمكن أن يكون للحياة معنى, وأي نظرة متشائمة نتيجة لفشل علاقة هنا أو هناك هي نظرة في غير مكانها ولا تأخذ بالأسباب دائما هي نظرة خيالية ليست ملتصقة بالواقع ولانتيجة لها ونسميها فشلاً مؤقتاً تطلب أن نأخذ منها الدروس والعبر.‏

> وعن فشل إن كان باب الأمل قد أغلق إلى غير رجعة?‏

>> فالفشل لايعني ان الدنيا لايوجد فيها من يستحق ان نحب بل ان الحقيقة هي أن الدنيا مليئة بالناس الذين يستحقون ان نبادلهم الحب والصداقة وان نتفاءل بالخير والحب ونعمل من اجلهم حتى نستطيع ان نجدهم في حياتنا.‏

ومازال للحديث شيء من الإثارة عما يدور من يأس للجنس الآخر وعدم التعامل معه فيقول: ان فشل شاب أو شابة في علاقة حب أو زواج لايعني ان الجنس الآخر محكوم عليه بالإعدام ,ولايعني أن الحياة لا يوجد فيها من يستحق ان نعيش من اجله, بل العكس هو الصحيح الحياة مليئة بالأوفياء والمخلصين والمحبين من اجل ان يبقى الحب لأنه روح الحياة وبدونه تنتهي الحياة من اجل أن تبقى الصداقة بكل معانيها النبيلة والشفافة فالحياة بدون حب كابوس من الرعب والشقاء.‏

تعقيب‏

من خلال ما تقدم نستخلص أن الفشل في الحب لايعني بحال من الأحوال فقدان الثقة في ممارسة حياة زوجية ناجحة بعد ذلك ,وفقدان الأمل في الحب الحقيقي مرة أخرى والعكس هو الصحيح إن الفشل يجب أن يكون تجربة مضيئة لمستقبل مشرق بالسعادة مفعم بالأمل مع زوج محب وأولاد تعلو وجوههم البسمات ولاداعي لليأس اطلاقاً فالحياة جميلة والحب الحقيقي الصادق لا يمكن أن ينتهي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية