تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دراسةميدانية..رغبـة الشـباب الريفـي فـي العمــل الزراعــي..انخفاض النسبة إلى 7٪فقط مقابل 40٪ للعمل الوظيفي و53٪ للخدمات والصناعة

شباب
الخميس 7-1-2010م
غصون سليمان

من المعتقد أن الطلب على العمل الزراعي يزداد عند الشباب الريفي ويعود ذلك ربما إلى تأثره بعوامل رئيسية من جملتها الإنتاجية المقبولة في العمل الزراعي التسهيلات المتاحة في التسويق والإقراض،

المتعة والسرور في مزاولة هذا العمل، إلى جانب الحجم المقبول للحيازات الزراعية والدخل الإضافي المحصل من هذا العمل، والرغبة في الحياة الريفية وتكاليف المعيشة المنخفضة وحميمية العلاقات السائدة في الريف، هذه الفروض المتعلقة بالعوامل التي تسهم في رفع مستوى الطلب على العمل الزراعي يقابلها فروض تتعلق بالخصائص الشخصية للشباب الريفي أبرزها هي النظرة السائدة عامة أن العمل الزراعي غير مرغوب من قبل الشباب، وأنه سيكون من نصيب الشباب أو الشابات الذين لا تتوافر لهم فرصة عمل في القطاعات الأخرى.‏

كما يتوقع أو يفترض أن يكون الشباب الأوفر حظاً في التعليم هم الأقل رغبة في العمل الزراعي فيما يكون الشباب الذكور والأصغر سناً والمتزوجون هم أكثر رغبة في العمل الزراعي.‏

خربة القصر نموذجاً‏

وللولوج في تفاصيل هذه المفردات والفروض الآنفة الذكر نستعرض في هذه المادة دراسة علمية بحثية ميدانية غنية للدكتورة رجاء الحسن من جامعة دمشق قسم علم الاجتماع والتي استغرقت خمس سنوات تناولت فيها مسألة الطلب على العمل الزراعي لدى الشباب الريفي، مستوياته محدداته، والعوامل المؤثرة فيه، وميدان الدراسة تمت في بلدية خربة القصر في محافظة حماة، وشملت كلاً من الذكور والإناث ضمن الفئة العمرية 18 - 34 سنة بغية فهم الأوضاع الظاهرة والخفية.‏

عن مقومات وعناصر هذه الدراسة والهدف منها تؤكد الدكتورة الحسن في حديث معها أن دراسة هذه الظاهرة في مجتمع محلي محدد ومختار تتيح لنا التعمق في فهم هذا الموضوع وتسهم في الوقوف على الأبعاد الحقيقية والملموسة عوضاً عن السمات العامة التي تميز المجتمعات الكلية حيث تضيع المعالم الخاصة والمميزة للتجمعات الجزئية في نطاق المجتمع الكلي، مبينة هنا أن ابتعاد معظم السكان عن العمل الزراعي مهنتهم الأساسية التي يعتمدون عليها في معيشتهم أدى إلى قبول القلة الباقية من الشباب فكرة عدم التخلي عن الأرض، وهذا الأمر أدى إلى تحول اقتصاد بلدية خربة القصر من نمط اقتصاد زراعي صرف إلى نمط اقتصاد خدمي.‏

وعلى هذا فإن البحث الراهن هو بمثابة نافذة نطل من خلالها على الشباب من الجنسين لمعرفة طبيعة المشكلات الحقيقية المتصلة بالطلب على العمل الزراعي عند الشباب.‏

مجتمع البحث‏

شمل مجتمع البحث الأفراد المقيمين في نطاق بلدية خربة القصر والتي تضم خمس قرى هي «خربة القصر، خربة عارف، كفر قدح، بولص، البويضة» يتوزع سكان هذه البلدية على نحو 750 أسرة، وهذه البلدية تعد واحدة من مناطق الريف السوري الواقعة في محافظة حماة وتبعد نحو 28 كم عن مركز المحافظة، وتتبع للمنطقة الإدارية المسماة «حربنفسه» ذات الطابع الريفي.‏

حيث اعتمدت الدراسة الميدانية في سحب عينة البحث باتباع طريقة العينة العشوائية المنظمة وهنا بلغت نسبة الذكور 56.5٪ بينما الإناث فقدرت نسبتهم بـ 43.5٪ ويعود سبب ارتفاع نسبة الذكور إلى أن العينة تتكون ممن هم في سن الشباب، وسن الشباب بالنسبة للشابات يعني سن الزواج لمعظمهن حيث تخرج الفتيات من نطاق الأسرة بعد الزواج وهذا الأمر لا نجده عند الذكور فهم لا يخرجون من نطاق أسرهم بعد الزواج، ووفق المسح الميداني الذي أجرته الدراسة على فئة الشباب المستهدفين بالبحث لوحظ وجود حراك اجتماعي بسيط، إذ بلغت نسبة الشباب المقيمين إقامة مؤقتة خارج خربة القصر زهاء 15٪ وبلغت نسبة ذوي الإقامة السابقة خارج البلد، المعنية نحو 5٪ ومعظمهم من الشابات الوافدات إلى القرية بسبب الزواج، ما يعني أن انتقال الشخص من بيئة جغرافية إلى أخرى واشتغاله بمهنة جديدة غير التي كان يعمل بها لا يعد حراكاً قوياً لأنه لم يترتب عليه تغيير في مكانة الفرد الاجتماعية ولاسيما أنه يعيش ضمن نطاق مجتمع محدد.‏

ومما توصلت إليه الدراسة من نتائج استندت إلى القراءة الاحصائية والاجتماعية للبيانات الميدانية الواردة من المكتب المركزي للإحصاء وفيما يخص الشباب هنا فإن القوة العاملة تركزت لدى حملة شهادة المعهد المتوسط فأكثر، أما الشهادة الثانوية فشكلوا الشريحة الأقل مشاركة في النشاط الاقتصادي، إضافة إلى انخفاض نسبة الشباب الذين اتخذوا من العمل الزراعي مهنة أساسية إلى قرابة 7٪ من حجم القوة العاملة المستهدفة فيما استقطب العمل الوظيفي «كتبة» معظم القوة العاملة بنسبة 40٪ والنسبة الباقية عملت في قطاع الخدمات والصناعة ويشكلون قرابة 53٪.‏

وتصل نسبة الناشطين اقتصادياً إلى 47٪ في حين تصل نسبة فئة العاطلين عن العمل نحو 19٪ والنسبة الباقية تعد من القوة البشرية لكنها خارج قوة العمل، ووفق الجنس تؤلف مجموعة المتفرغات للعمل المنزلي شريحة كبرى من القوة البشرية النسوية في بلدية خربة القصر إذ بلغت نسبتهن نحو 48٪ أغلبهن من ذوات التعليم المنخفض، أما الشابات الريفيات العاملات فقد بلغت نسبتهن قرابة 15٪ من مجموعهن مقابل نحو 72٪ من مجموع الشباب.‏

وأظهر التحليل أيضاً أن الشباب أكثر تفضيلاً للعمل الزراعي من الشابات مع ملاحظة أن الطلب على العمل الزراعي ينخفض متأثراً بارتفاع المستوى التعليمي، كما أن نحو ثلاثة أرباع الشباب غير الراغبين بالعمل الزراعي أفادوا أن الجهد والمشقة اللذين يتطلبه العمل الزراعي يسبب لهم انخفاضاً في الطلب عليه ونحو 71٪ منهم بسبب ضعف المردودية منه، أما الذين بينوا أن عدم الاستمتاع بممارسة العمل الزراعي فقد شكلوا حوالي 64٪ من حجم غير الراغبين بالعمل الزراعي أبداً، بينما أبدى ما يقارب نصف عينة الشباب غير الراغبين بالعمل الزراعي كونه يستمر على مدار العام.‏

أما المحددات التي ترفع من مستوى الطلب على العمل الزراعي ليكون مهنة رئيسية أو ثانوية فقد أعلن نحو 85٪ أن الإنتاجية المقبولة في العمل الزراعي سبب مهم جداً في الطلب على العمل الزراعي وذكر قرابة 88٪ أن الدخل الإضافي المحصل من العمل الزراعي، وأوضح نحو 90٪ عن الرغبة في الحياة الريفية وما يقارب 73٪ كون تكاليف المعيشة منخفضة في الريف، ويرغب حوالي 83٪ بالعيش في بيئة ريفية.‏

مقترحات‏

وعلى صعيد تطوير طاقات الشباب الريفي وتفعيل دورهم وتمكينهم من المشاركة في الأنشطة الاقتصادية المدرة للدخل بفاعلية أكثر اقترح البحث أهمية التعاون والتنسيق بين مديرية الإرشاد الزراعي وهيئة البحوث العلمية الزراعية والجامعة لإعداد دراسات اجتماعية اقتصادية زراعية تخص قضايا الشباب الريفي، وتقديم التسهيلات المصرفية والقروض الزراعية لهؤلاء الشباب، مع إعداد دورات تدريبية خاصة لتأهيل الشباب الريفي على الاستفادة المثلى من موارد الطبيعة وإقامة مشاريع صغيرة مدرة للدخل، ولعل الأهم في هذا السياق هو إعداد برامج زراعية تتضمن رسائل إرشادية إلى المزارعين الشباب عبر وسائل الإعلام المختلفة مع اقتراح وجود قناة اجتماعية خاصة تهتم بقيم وأفكار واتجاهات ومعارف الشباب بكل شرائحهم، والأهم في هذا البحث أنه ساهم بتأسيس قاعدة بيانات لدراسة المجتمعات المحلية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية