تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بوريس جونسون: المحافظ الشعبوي أم الليبرالي الفوضوي؟!

لوفيغارو
دراسات
الجمعة26-7-2019
ترجمة: مها محفوض محمد

كتب الفيلسوف الفرنسي ادريان بابيست في صحيفة لوفيغارو فوكس متسائلاً :

من هو بوريس جونسون الرئيس الجديد لحزب المحافظين البريطاني ورئيس الحكومة البريطانية ؟‏

هل هو محافظ لندن السابق أم أحد قادة البريكست الذي استطاع اقناع قسم من حزب اليمين بالتصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ؟ أم ما يمكن أن يقال عنه انه مهرج طموحه لا يساوي سوى قدرته على ارتكاب الحماقات للسخرية منه ؟ وإذا قرنت أدواره السياسية الثلاثة فإن جونسون يجسد خلاصة من الغرابة أي تصرفاته الغريبة التي يظن من خلالها أن كل شيء مسموح . هو شخص انتهازي بالطبع لكن وراء الصورة المحكمة الصنع لرجل تعود على المزاح واطلاق النزوات هناك ايديولوجيا لدى جونسون جسدها في الدفاع عن ليبرالية مجتمعية رمزها زواج المثليين ليتم انتخابه عمدة لندن وكونه يتقدم رتل المطالبين بالبريكست فهو يشيد بالليبرالية الاقتصادية لليمين ويطالب بالموافقة على تبادل حر مع الولايات المتحدة كبديل في السوق الأوروبي فهو ليبرالي في المسائل الاجتماعية والاقتصادية لأنه بالتأكيد يكره الاشتراكية وبعبوره الى السلطة يريد ازالة جميع الحواجز في وجه تمدد القوى الاقتصادية للولايات المتحدة وتسهيل عبور أمريكي الى الأسواق البريطانية بما فيها الأدوية والغذاء فهو جاهز لفتح الأبواب للصناعة الأمريكية في الوقت الذي تحاول فيه بريطانيا الدفاع عن حرية تجارتها وبناء اقتصاد وطني أكثر ديناميكية وأقل تبعية .‏

بوريس جونسون الذي يدعي أنه وريث رئيسي وزراء بريطانيين بنيامين ديزرائيلي (1804 - 1881) و وينستون تشرشل (1874 - 1865) يتحدث عن الطموحات ومساواة الفرص للطبقات المتوسطة والشعبية وما بين الرأسمالية الكبرى التي تعمل لصالح النخب واقتصاد السوق الذي يفيد الأمة اختار بوريس جونسون الليبرالية المتطرفة الانغلكوسكسونية في الوقت الذي تحتاج فيه بريطانيا لنموذج محافظ يربط مع سياسة أكثر حمائية لدعم صناعة بريطانيا كما أن التوقيع على هكذا اتفاق مع الولايات المتحدة يقتضي قبل كل شيء الخروج من الاتحاد الجمركي الأوروبي وهكذا فإنه سيعرض الحدود الحرة بين مقاطعة ايرلندا الشمالية والجمهورية الايرلندية للخطر وهما اللتان وقعتا اتفاق سلام عام 1998 تم فيه انهاء قرون من النزاع بين جانبي الجزر البريطانية وحول هذا الموضوع كما غيره من مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد فإن الرئيس الجديد لتيار المحافظين ينوي الاعتماد على دعم دونالد ترامب والاصطفاف وراء المواقف الأمريكية حول سورية وإيران علماً أن أمريكا كانت السبب في احتجاز بريطانيا لناقلة النفط الإيرانية ما تسبب بتصاعد أزمة الناقلات في الخليج التي ربما تتحول الى نزاع عسكري وكل ذلك لم يستحق من جونسون الاهتمام اللازم .‏

المقلق هو أنه يسير في اتجاه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الأمر الذي أدى الى استقالة الكثير من الوزراء الذين لا يثقون به ويخشون من تبعيته للأمريكيين.‏

إن هدف ترامب من هذا المحور الجديد واشنطن - لندن هو اقصاء أوروبا في موضوع التنافس الجيوسياسي مع الصين والبريكست هو رمز لاستعادة السيطرة على بريطانيا أي يمكن أن يكون رمزاً لخسارة بريطانيا سيادتها ، وليس فقط أن بوريس جونسون ينشغل بالمتناقضات فهو على كل حال في المملكة المتحدة معروف بأكاذيبه وخداعه وإفشاء الأسرار .‏

كما أن ثورانه الايديولوجي سيتغلب على الحذر الدبلوماسي للمحافظين يضاف الى ذلك نرجسيته حبه للمال وللسلطة و جشعه أن يكون محبوباً . ولفهم أفضل لشخصيته السياسية والأسباب التي قادت المحافظين البريطانيين لانتخابه على رأس حزبهم يجب أن نتذكر اعجابه ليس فقط بـ دونالد ترامب انما أيضاً بـ سيلفيو بيرلسكوني النموذج المثالي للسياسي ما بعد الحداثي الذي هو من طراز ترامب أوروبي فوراء هذا الشطط والشذوذ في سلوك هؤلاء الثلاثةنجد أن الاستراتيجية السياسية لهم هي ذاتها : استخدام طرق شمولية وديماغوجيه في سبيل الحكم لحساب المصالح التي يمثلونها فهؤلاء نخبويون لا يهمهم سوى تعزيز الاوليغارشية والغوغائية المسيطرة .‏

لوفيغارو‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية