وفي صدورنا (قلباً طيباً) نقبل اعتذاراتهم المتكررة خلال (صراعنا الشهري) لنيل الرضا على عتبات بيوتهم التي بتنا نعرفها جميعاً.. يعتذرون منا عن إعطائنا مستحقاتنا الشهرية لأيام تطول فنعتذر بدورنا في بيتنا وللبقال في حارتنا.. ومن نستدين منهم حتى نحظى بقبول مضيف (عقاري) أو (تجاري) يقبلون متطفلين من أمثالنا.
طبعاً نحاول بعد كل اعتذار التقرب منهم وخطب ودهم لعل أحدهم يقبلنا فيعطينا نقودنا المستحقة.. فيعتذرون مجدداً ويقولون (تعالوا بعدين) فنضطر مرغمين من جديد لقبول اعتذاراتهم المزعجة وتذبذباتهم التي تشبه الأسعار، وتطول المدة ونحن نقفز من (تجاري) إلى (عقاري) كونهم متشابهين ولنا نفس الحق عندهم.. نطالب بـ (ليراتنا المعدودة).. بعضهم يكون أكثر فظاظة وتهرباً فيقول لنا إنه لا يطيق رؤية وجوهنا المألوفه.. وقد يتهمنا بأننا سبب المشكلة التي تواجهه فيطردنا نحو شبيه له ويطلب منا التوجه إليه... نطيع أوامره.. وننطلق في (سباق ماراثوني) نحو إخوته.. فنجدهم يعانون من الداء نفسه مع اختلاف الأعراض..
قد يكون منهم من هم أكثر صرامة فلا يتكلمون معنا بل يقذفون (البطاقة) في وجوهنا رغم تعبنا ولهفتنا للقائهم.. وعندما يتبرع أحدهم متفضلاً لخدمتنا... يجعلنا نقف (طوابير) نطلب وجهه ونصارع الوقت والمنافسين راجين ألا يعتذر منا ويريق ماء وجهنا (المحروق) بأشعة الشمس عندما نقف أمام وجهه (الأخضر) أو (الأزرق)... فيكسر يده ويتسول عليها.. ويحلف أيماناً مغلظة أنه لا توجد أوراق نقدية.. أو يشيح بوجهه عنا ويخبرنا (بعين حمراء) أنه يعتذر من جديد... نحن نقدره رغم كل ذلك... على الأقل يعتذر منا... ولا نجد أحداً سواه يقدم الاعتذار حتى ولو بعين حمراء...