كان يحررها ويكتبها بخط يده على دفتر مدرسي، وينسخ منها عدة نسخ، لكن قراءها كانوا كثيرين، إذ كانت تنتقل من يد إلى يد، واستمر عاصي في إصدارها سبع سنوات.
وكان للسخرية مكان أساسي في المجلة، تتوزع بين النثر والزجل الذي كان منظمه عاصي بنفسه، طبعاً إضافة إلى مقالات وأشعار ومسرحيات ومسلسلات كلها من تأليف عاصي.
وكان في «الحرشاية» مكان للأخبار الحربية الضاحكة، وكان عاصي يستهدف فيها - في معظم الأحيان - شقيقه منصور، منها هذا الخبر الذي يقول:
«هاجمت طائرات البرغش طراد منصور في ميناء التخت، وأمطرته بوابل من قنابل الملاريا».
أما زجل عاصي الرحباني الذي كان ينشره في المجلة، فقد كان جميلاً على الرغم من خلوه من أي معنى مفهوم، مثل هذه الزجلية:
قدّامك في كرّوسا
عليها بيتدحرج كوسا
الكوسا خي الباذنجان
وينن كل فروخ الجان
ولعاصي مقطوعة جميلة ساخرة، كتبها خلال أيام الحرب العالمية الثانية، حينما كان الظلام يخيم على البيت خوفاً من الغارات الجوية، في هذه المقطوعة يتغزل عاصي بحبيبته، ولكن بطريقة عجيبة، حيث يقول:
قد جاء الليل وظلمته
غمرت أشجار الساحات
لا بيت يضوي بقنديل
خوفاً من ضرب الغارات
وبصرت بنومي حبيبة قلبي
قد ضربت لي سلامات
فضربتها كفاً شقلبتها
دحرجتها بدون كلمات
برمت برمت برمت برمت
قلبت خلف الكنبايات
لكن حلم عاصي الرحباني في الصحافة لم يستمر، إذ سرقته الموسيقا، وحسناً فعلت، لأنها أكسبتنا عبقرية موسيقية فذة.