أنا أحب مراهنات اليانصيب، إنها تسد فراغاً في حياتي الفارغة، أشتري ورقة، وأظل أمني نفسي بأنني سأربح الجائزة الكبرى هذا الأسبوع حتماً، وعلى هذا التمني غير المضمون، والخلبي كنت أمضي أيامي،
يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة، حتى يحين موعد السحب، فأجلس وأنتظر وأدعو ربي أن يستجيب لدعائي هذه المرة ويمنحني ما يملأ جيوبي بالمال الوفير، ولست أدري عدد السنين التي مارست فيها هوايتي هذه، التي أقر أنها هواية مرذولة، تكلف مالاً، لكنها في جميع الأحوال غير مؤذية إلا لجيبي التي عليها أن تدفع ثمن ورقة أو ورقتين أو ثلاث كل أسبوع، إن الحظ لم يبتسم لي قط، لكنني لم أتوقف عن شراء أوراق اليانصيب حتى التقيت بصديقي ماجد، منذ ذلك الوقت تغير وجه حياتي.
-2-
كان صديقي غنياً فكان مدمناً مثلي على شراء أوراق اليانصيب إلا أنه توقف، فسألته بلهفة: لماذا هجرت إدمانك اللذيذ؟
- لأنني عالجت نفسي ونجوت ولله الحمد!
- كيف؟
- رأيت أن إدماني يكلفني فاتبعت طريقة أحفظ فيها مالي.
- دلني على هذه الطريقة، دخيل رجليك؟
- بسيطة، تتأهب لشراء الورقة، وتقف مع البائع وتختار الرقم الذي يعجبك، وبدلاً من أن تشتريها تكتب أرقامها على دفتر صغير معك وتعيدها إلى البائع، وستكتشف أنك خاسر.
لقد جربت ذلك عدة مرات فربحت أثمان الأوراق ولم أخسر مالاً وبقي إدماني على حاله.
أعجبتني الفكرة، كنت أدفع في الأسبوع حوالي ثلاثمئة ليرة، فإذا بي أوفرها وأردها على بيتي وأطفالي، ولم تكن هذه العملية تكلفني أكثر من استيقاف بائع يانصيب واختيار ورقة، وكتابة رقمها في دفتر صغير، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
-3-
مر شهران ربحت فيهما ألفين وأربعمائة ليرة، وفرتها من الطريقة التي علمني فيها صديقي الذي لم يقل لي ماذا أفعل لو قرأت في نتائج سحب اليانصيب آخر أسبوع أن الرقم الذي سجلته قد ربح، لأنه كان على يقين من أنني لن أربح مثله هو، لكن حدث هذا الأسبوع ما طير عقلي، أخذت رقماً وسجلته في الدفتر الصغير وانتظرت حتى السحب، وعندما قرأت في الصحف في اليوم الثاني أن هذا الرقم هو نفسه رابح الجائزة الكبرى، أم الملايين، رحت أطرق رأسي بيدي، وأحياناً في جدران منزلي وأقول: ماذا فعلت بنفسك يا عديم الإيمان بأنك لابد رابح يوماً من الأيام؟
منذ تلك اللحظة كبر إدماني وكثر، فصرت أشتري بدل الورقة خمساً، لعل وعسى يبتسم الحظ لي مرة وأنا في جيبي ورقة يانصيب بحق وحقيق لا على دفتر صغير منبوذ، يجرد تجربتي من مضمونها!!
ومجنون يحكي وعاقل يسمع.