تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


خارج السرب... أولويات الإصلاح المالي

اقتصاديات
الثلاثاء 7/3/2006
د. جمال المحمود

يعد الإصلاح المالي من أولويات نهج الإصلاح الاقتصادي . نظراً للتأثير المتبادل بين السياسات المالية , والنقدية , والنمو الاقتصادي .

وتبدو المهام الحالية لوزارة المالية مهاماً صعبة إلاّ أنها غير مستحيلة . تتطلب برنامجاً مالياً شاملاً يعالج كافة الصعوبات والتحديات . ومن أهمها :‏

- تعديل التشريعات والأنظمة الضريبية الحالية , الكثيرة , والمتعددة وذلك لخلق أجواء مريحة للمواطنين والمستثمرين على حد سواء . مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاستثمار يعتبر بحد ذاته هدفاً رئيسياً في عملية الإصلاح الاقتصادي للوصول إلى معدل مقبول من النمو الاقتصادي نستطيع من خلاله معالجة المشكلات الاقتصادية , والاجتماعية , والاندماج في عالم اليوم في استخدام أدوات المعرفة , وفتح منافذ تجارية واقتصادية جديدة , وتكوين تفاعل ملموس مع اقتصاديات العالم المتقدم .‏

- زيادة الموارد المالية للخزينة العامة .‏

- إيجاد الظروف المناسبة لإصلاح مصرفي حقيقي بتحويل المصارف الحكومية الحالية إلى مصارف شاملة , والانتقال من طابع التمويل التجاري العادي للنظام المصرفي إلى الطابع الاستثماري بشتى أشكاله . ولابد هنا من وضع الآليات الاستثمارية التي يحتاج إليها الاقتصاد السوري . وتتطلب هذه الآليات إيجاد صناديق استثمارية أو شركات مالية , مع وجود سوق مالية نشطة والتي هي بحاجة إلى مصارف وشركات متخصصة في الاستثمار . وتقتضي الضرورة إجراء إصلاحات فعلية في المصارف الحكومية لأن هذا الإصلاح ضروري لكي تصبح السوق المصرفية السورية سوقاً تنافسية . ولكي لا تحتكر المصارف الخاصة الجديدة التعامل مع القطاع الخاص , لقد صدرت تشريعات مهمة كإنشاء المصارف الخاصة وقانون السرية المصرفية , وقانون المصرف المركزي , ومجلس النقد والتسليف .وهذا سيساهم في دفع مسيرة تحديث المصارف الحكومية . ومع وجود المصارف الأهلية ستزداد الودائع المصرفية وهذا سينعكس على النمو الاقتصادي , وزيادة التسليفات وخلق فرص عمل جديدة. مع الإشارة إلى أن المصارف السورية الحالية لا تستقطب الادخارات بشكل معقول , ومجموع الودائع كنسبة من الناتج المحلي لا تزيد حالياً على 50% فيما تبلغ 250% في لبنان .‏

- إصلاح النظام الضريبي السوري الذي ينطلق من صياغة تشريعات مالية تتناسب مع التطور الاقتصادي في سورية , وتتلاءم مع الواقع الاقتصادي الداخلي والعربي والدولي . وهنا لابد من معالجة مشكلة الإعفاءات الضريبية . مع التأكيد أن السياسة الضريبية الجديدة والمأمولة لا تفترض إلغاء هذه الإعفاءات . بل إنها ضرورية أحياناً وخاصة في تشجيع رجال الأعمال للاستثمار في قطاعات غير مرغوبة سواء كانت صناعية أو تجارية أو حكومية . إن الإعفاءات الضريبية ليست حلاً مقبولاً لجذب الاستثمارات لاسيما وأن هناك دولاً عديدة لديها أنظمة ضريبة قاسية إلاّ أنها تمثل واحة كبيرة للاستثمارات مع التذكير إلى أن هذه الإعفاءات في سورية لم تنجح بإعادة الأموال السورية المهاجرة إلى الداخل . إن تعديل النظام الضريبي سيساهم في إنشاء الشركات المساهمة التي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد الوطني , والداعم الرئيسي لسوق الأوراق المالية . وهنا يكمن دور مجلس النقد والتسليف ووزارة المالية في إيجاد سياسة مالية محددة تساهم في دعم سندات الدين العام , وتنويع الخدمات المصرفية , وتنظيم حركة سعر الفائدة , وتوحيد سعر الصرف لليرة السورية , وتحرير التجارة الخارجية , وضبط عجز الموازنة.‏

- إعادة النظر في واقع الإدارة المالية , وخلق إدارة مالية , وضريبية , وجمركية على مستوى عالٍ من الإدراك والمعرفة , ووضع سياسة مالية مرنة تجاه المؤسسات الحكومية .‏

- ضرورة تطبيق القانون رقم /25/ الخاص بالاستعلام الضريبي بدقة حرصاً على حق الخزينة العامة تجاه القطاعات الاقتصادية . خاصة وأن نسبة التهرب الضريبي قد فاقت الحدود المعقولة بتجاوزها /200/ مليار ل.س علماً أن الضرائب المفروضة على القطاع العام والنفط قد تجاوزت /150/ مليار ل.س ولابد هنا من معالجة مشكلة التهرب من دفع الضريبة بما يخلق مناخاً ملائماً لدى كافة شرائح المكلفين والقطاعات الاقتصادية للقيام بما عليهم من مستحقات مالية . علماً أن واردات الدولة من الضرائب المباشرة وغير المباشرة قد شهدت تراجعاً كبيراً خلال العقود الماضية فبعد أن كانت تشكل واردات الدولة من الضرائب 95% في الخمسينيات والستينيات تراجعت إلى نحو 30% يأتي معظمها من ضرائب القطاع العام . وتقتضي الضرورة الإسراع في عملية إعادة هيكلة الإدارة المالية وتقصير مدة الإصلاح الإداري داخلها بما يتناسب مع أهمية تسريع عملية الإصلاح الاقتصادي لضرورات وطنية قصوى .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية