وقد سادت هذه الممارسة في البادية السورية منذ العصر الحجري القديم (الباليوليتي) الذي امتد من مئة ألف إلى خمس وثلاثين ألف سنة قبل الآن.
تعتبر هذه الممارسة التي عرفت قبل الزراعة من أشكال الحياة الاقتصادية التي ما زالت تمارس في البادية السورية, وإن كانت تتم الآن على نطاق ضيق, فالطرائد التي كانت بالمئات والآلاف وخاصة من الغزلان انحسرت إلى حد الاضمحلال, واقتصرت على الطيور التي تعيش حالياِ في جبال البادية وأوديتها ومغاراتها وحفائرها وآبارها.
أما الالتقاط فإنه يشمل الكمأة والفطر والشويخ والحيلوان وعجور البرية والتين البري, وأنواع السلاق المختلفة, ومنها القنّيبرة, الخبّاز, الكعّوب, الخريدلة, إضافة إلى النباتات العطرية, وأعشاب الأدوية, مثل الأزهار والورود ومنها الخزامى وشقائق النعمان والجعدة والكبر, والزعتر البري والبابونج.
وتتفاوت أعوام الالتقاط من سنة إلى أخرى حسب الأمطار الهاطلة, وكان الالتقاط مصدر دخل الناس سواء أكانوا من داخل البادية أم من خارجها أيضاً, إذ يأتون للتفود موسمياً, خاصة في سنوات الخير الغزيرة الأمطار, وقد أصبح التفود نادراً في السنوات الأخيرة بسبب طغيان التصحر واستمراره.
ونستطيع حاليا أن نحسّن هذه الممارسة, ونجعلها مصدراً حقيقياً لأهل البادية , وذلك بتربية الغزلان (بما فيها المها التي تناسبها المواقع الصحراوية في البادية) والنعام في محميات, ثم تربيتها أهلياً, وإعادة زراعة الفطر والعديد من النباتات والأزهار العطرية, ونباتات الأدوية, عندها يصبح الصياد الذي يربي الغزلان والنعام معاصراً لنا, واللاقط الذي يزرع الفطر معاصراً لنا,وهما مدعومان بالكيميائيين والمختصين الذي يقطرون النباتات العطرية, ويستخرجون المواد الطبية من بعض النباتات لعلاج بعض الأمراض, ويمكننا أيضاً ما دام كل بيت في البادية يملك قطيعاًمن النعام والغزلان أن نشجع رياضة القنص والصيد, ونجعلها استثمارا مشمولاً بسياحة بيئية متميزة.
ويجب أن يسبق ذلك كله بتوزيع للأراضي في البادية في عمليات تأجير واسعة وشاملة لسكان البادية وذلك بمساحات محدودة على أن تزرع كأعلاف للثروة الحيوانية المتنوعة.
إن البادية تختزن كنوزاً كثيرة لو أحسنا استخدامها لما شكا أحد من البطالة أو من الفقر...فهل نفعل?!