تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الرهان الخطر في الاتفاق النووي الهندي- الأميركي

لوموند
شؤون سياسية
الخميس 6/4/2006
ترجمة دلال ابراهيم

أسبوعان من الزمن فقط فصلا بين زيارة الرئيس الفرنسي جاك شيراك ونظيره الأميركي جورج بوش إلى الهند,والهدف تعزيز تعاون نووي مع هذا البلد العملاق. وفي هذا المجال وقعت واشنطن مع نيودلهي في الثامن من آذار اتفاقية

وصفت بأنها (تاريخية وقبل ذلك ببضعة أيام تم التوقيع على إعلان فرنسي- هندي- أقل درجة, ولكنه يسير في نفس الاتجاه, فما معنى ذلك?).‏

بدأت الهند بحثها في الاستفادة من الطاقة النووية حتى قبل استقلالها في العام .1947 وقامت بأول تجربة لها في هذا المجال في العام .1974 وانضمت إلى قائمة الدول النووية في العام .1998‏

وتعتبر الهند من مؤسسي دول عدم الانحياز, كما وأنها لم توقع أبداً على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية(TNP), والتي تضم أعضاء في النادي النووي العالمي. وفي ضوء ذلك ليس مسموحاً للهند الاستفادة من تكنولوجيا متطورة ومن الوقود النووي تقدمه لها الدول الأعضاء في اتفاقية TNP لأهداف سلمية.‏

والفكرة التي دافعت عنها باريس كما واشنطن تتلخص في منح الهند وضعاً خاصاً, يتيح لها, وبموجب شروط خاصة أيضاً الاستفادة من المزايا الممنوحة بشكل طبيعي إلى الدول الموقعة على معاهدة TNP. ومن المسلم به والبديهي الاعتراف أن الهند بحاجة ماسة إلى الطاقة الذرية, فإن كانت ترغب في الحفاظ على نسبة نموها الاقتصادي المتين(8% في العام) فعلى هذا البلد العملاق مضاعفة موارده النفطية قبل حلول عام 2020 وتقليص تبعيتها إزاء الواردات النفطية(70% اليوم و95% مع حلول عام 2030) وتدرس الهند في غضون الخمسة عشر عاماً المقبلة بناء عشرين مركزاً نووياً, تداعبها آمال بأن يكون لذلك المشروع انعكاساته التجارية والجيوسياسية( التوازن مع الصين). والبيئية(تحريك عملية التنمية المستدامة) وكذلك الاقتصادية.‏

أما بالنسبة للأميركيين, فإن هدفهم من وراء ذلك يتجلى, وبشكل خاص, في إخراج الهند من ميدان السباق العالمي على النفط, والمعروف أن كمياته بدأت تنضب تدريجياً. ألم يعلن الرئيس بوش من نيودلهي أن (كل ما من شأنه إتاحة المجال لنا في تقليص الطلب على الطاقة الباطنية سيحمل في طياته المنفعة إلى المستهلك الأميركي ).‏

إذاً فإن الرئىسين الفرنسي والأميركي, يمثل الاتفاق مع الهند بالنسبة لهما ورقة منفعة متبادلة. ولكن يبقى كل ما أسلفناه رهينة البيان, إنما الأجدى بنا الآن أن نتبادل النتائج والانعكاسات المحتملة بكافة أشكالها على هذا الاتفاق, والذي وإن كان قد تم تصديقه من قبل الأسرة الدولية, يخشى أن تنعكس عقابيله إلى ما وراء حدود آسيا الجنوبية, انعكاسات على الأمن الجماعي, لاسيما وأن الولايات المتحدة الأميركية, وإلى جانبها المجموعة الأوروبية تخوضان تجربة مريرة مع كل من ايران وكوريا الشمالية في هذاالمجال.‏

من الناحية النظرية, ليس هناك عائق يمنع دولة عضواً في اتفاقية TNP إجراء تعاون نووي مع بلد من البدان النامية. ولكن بالمقابل على هذا البلد التعهد بالفصل بين برامجه السلمية والعسكرية, واخضاع كامل منشآته لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهنا نقطة الضعف صحيح أن الهند ومقابل حصولها على الوقود والمفاعلات النووية لأغراض سلمية, وعدت أن تكون جاهزة لفصل دوراتها العسكرية عن المدنية, والموافقة على تفتيش منشآتها المدنية أي /14/ مفاعلاً من أصل /22/.‏

إلا أنها احتفظت بحقها في تحديد ما هو المدني وماهو العسكري بمفردها فقط, ووافقت واشنطن من جهتها على الطلب الهندي بعدم فتح مفاعلاتها التجريبية القادرة على إنتاج البلوتونيوم لأغراض عسكرية إلى التفتيش.‏

والهند التي تعمل للحصول على اليورانيوم من دول أخرى لأغراض سلمية بات الآن بإمكانها الاحتفاظ بمخزونها الوقودي المحدود الكمية والباهظ الثمن انتاجياً من أجل برنامجها العسكري. وذلك سيتيح لها المجال لانتاج /12/ قنبلة من اليورانيوم المخصب جداً كل عام, ونحو /75/ قنبلة من اليبلوتونيوم. وبكافة ا لأشكال لا تنص الاتفاقية الموقعة بين الهند والولايات المتحدة على حظر انتاج مواد قابلة للانشطار, كون الهند ليست مضطرة للخضوع إلى بنود اتفاقية TNP.‏

وهنا تكمن المفارقة إذ يخشى من خلال منح الهند وضعاً استثنائياً في اتفاقية TNP, إضعاف هذه الاتفاقية, حتى وإن كانت لم تسهم كاملاً, في تقليص الخطر النووي الشمولي, هذا إلى جانب تكرار الدعوة إلى (شمولية) اتفاقية TNP وتمترس الغرب خلف حجة أن الهند(قوة مسؤولة) وبالتالي فهي تستحق معاملة خاصة.‏

وينبغي أخذ منعكسات هذا الاتفاق على الملف الايراني بعين الاعتبار, في وقت تصر واشنطن وباريس على التأكيد أن موقفهما لا يعني البتة حظر امتلاك دول الجنوب للطاقة النووية السلمية, إذا التزمت بالقواعد الخاصة بحظر انتشار السلاح النووي. وهذا الطرح لن يقنع طهران, التي سعت لإبراز متناقضات هذا الاتفاق. والمتمثلة في استفادة دولة غير موقعة على اتفاق TNP, وتمتلك السلاح النووي, من مساعدات دولية. بينما تحرم دولة موقعة على المعاهدة ولا تمتلك القنبلة النووية, من استخدام الطاقة الذرية.‏

هكذا أصبح الرهان في خطر, لأن الاقدام على ذلك لا يعني بالضرورة التخلي عن هذه الاستثناءات الممنوحة للهند, بينما تعمد واشنطن للكيل بمكيالين في تعاملها مع الملف الايراني من خلال سعيها لفرض عقوبات على ايران, بحجة تخصيبها اليورانيوم, وتشجع الهند على استخدام المفاعلات النووية. من هنا جاءت لزومية إطلاق الرهان مع وعي لنتائجه وتأمين ضمانات لحماية تلك النتائج. وقد أصبحت الكرة في مرمى كل من الكونغرس الأميركي ومجموعة الدول الموردة للمواد الخاصة بانتاج الطاقة النووية. ويتحمل الفريقان مسؤولية إقرار هذا الرهان ووضعه موضع التنفيذ خلال الأشهر القليلة القادمة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية