|
سياف الزهور..وداعاً شؤون محلية
إذا رحلت-محمد الماغوط- غاب الصوت والجسد واتكاءتك على تلك الأريكة.. تدخن حزنك قلقك.. هواجسك.. وبعض الأماني العجولة. مؤلم أن ترحل وما زال آخر شريط (كاسيت) لفيروز يصدح في صومعتك غادرت المكان ليتحول إلى غرفة بملايين الجدران- معلق عليها طيف من غابوا على عجل ..سنية جدار بطول عمر لم يكن فيه- الفرح مهنتك- لوحات متناثرة على جدران الصومعة كقطط ألفت المكان وأصبحت جزءاً منه ولوحة أخرى مرسومة بيد(سلاف) ابنتك تتوضع بأمان على جدار اشتياقك ولهفتك... موجع غياب من يسكنوننا حتى آخر الدمع يعرشون على حواف الذاكرة كلمات.. ومواقف.. وتناقضات.. هنا كانوا.. تحدثوا.. عاتبوا.. أحبوا.. والآن يغيب منهم الجسد الثائر في وجه كل المواجع والغربة, الفقر والتشرد والسجن لقد كنت كل هذا -محمد الماغوط- وأكثر... فهل منحتك هذه الأشياء مجتمعة أسرارها ومفرداتها.. لتتقن الكتابة عنها. قد يتساءل سائل: هل تعرفينه?.. وأجيب: بل قرأته مرات.. ومرات وزرته مرتين لأحفظ تفاصيل المكان.. وألوان.. وصوت فيروز.. ولفافة التبغ التي لا تنطفىء والحديث معه ليقول لي بأن (الفرح ليس مهنتي) رغم كل ابتساماته وضحكاته.. الموزعة بين نكتة تذكرها أو موقف عايشه هذا المسافر بعينيه.. المشاكس بعناوينه (شرق عدن.. غرب الله) فهل يصهل التمرد في الجهات الأربع حين نختار جهته.. أيها (العصفور الأحدب) كيف (سأخون وطني) وقد سكنني حباً وعشقاً حتى الوجع.. والآن سكنت تربته وان لي أن استريح فأنا يا أمي مشرد منذ الحصاد الأول هدّني التعب يوم كنت أبحث عن صبية تدندن لحن البيادر.. يومها أركض حافياً بلا تعب ألاحق سرب الفرح علّني أمتطي صهوته وأكبر.. وأكبر.. وأكبر.. أعود إليك (سلمية) وأرقد بسلام فسامحيني طال الغياب! أسألك أيها الشاعر والكاتب الجميل عن وجع الغياب: من يفارق من?? هم أم نحن.. هم من يذهبون خلف التيه.. أن لا عائدون. فابكونا بدمع يشبه ولادة القصيدة.. نحن من حين تركبون الريح سوى بقايا زوبعة أثارها وجع الغياب في أرض يباب يعلنون الرحيل ويعنونون سطوره بابتساماتهم الصفراء.. حين يضمونا إلى ضلوعهم ويبكون أن لا لقاء... يتأملون من أتوا إليهم فهل نحن الراحلون أم هم وآخر الليل ينسربون كحلم من بين أصابعنا نساهرهم حتى آخر الكرى.. فنغفو حينها يغدرنا الموت في قمة صحوته ويأخذهم يغريهم أن يذهبوا في رحلة السرمد... لا عودة.. لا كلمات.. لا آه تعذّب الجسد بعد اليوم فهناك خلف السرمد أحبة مشتاقون... إلى محمد الماغوط الحاضر بكل عناوينه وعبثيته.. بتواضع أمام اسمه أرتّل لحن الوداع في حضرتك(سياف الزهور)
|