لقد تمنيت,منذ أيام الشباب,في كل رحلة لي في دول الغرب والشرق,لو تمكنت أن أنقل أبناء وطني مئات مئات,بل عشرات الألوف,في رحلات جوية يرون فيها عجائب البلاد الأخرى وشرها إذا وجد.ولكن في تحقيق هذه الأمنية الطيبة استحالة.فكان أضعف الإيمان أن أنقل إلى أبناء وطني ما رأيته في بلاد لم يروها بعد.ومن هنا جاء كتابي الأول (حكايات من الرحلات ),وكتابي الثاني(دعوة إلى السفر),وأخيرا(خواطر مسافر).
ما هي الدوافع الخفية التي تجعلك تقيم صداقات مع الصعاليك والأفاقين والمشردين?
لعل دوافعي الحقيقية إلى تلك العلاقات تكمن في أني أومن بأن لكل إنسان مهما بلغ من السوء جوانب مستحسنة,فلا يمنعني سوءه من رؤية جانب الخير فيه,وتقدير هذا الجانب أو الاستفادة منه ...ثم إني فضولي بطبعي,أميل إلى التقصي في دراسة النفس البشرية,ورؤية ما لا يراه غيري فيها.أما جانبي الأدبي فهو المستفيد من علاقاتي المستغربة ببعض من ألام على صحبتهم..لكن زوجة الافاق العالمي يونس بحري لم تسعدها الكتابة عن زوجها,وتقديم ملامحه الإنسانية بصدق وموضوعية ودون رتوش أو زيف,واعتبرت كتابتي عنه محاولة ذكية لتنظيف صفحته السوداء.
كيف تستطيع الجمع بين العمل الكثير في الطب والإنتاج الغزير في الأدب ?
سأجيب بحكاية,فقد سألوا المسمار مرة فقالوا له:أنت صغير ودقيق ونحيل,فكيف تستطيع أن تخرق الصخر الأصم وتدخل فيه?فأجابهم المسمار قائلا :لا تسألوني أنا ?اسألوا المطرقة التي تنزل على رأسي !وأنا ياعزيزي لست من يسأل عن ما تستفهم أنت عنه,بل يسأل عنه الأصدقاء والمعارف من الناشرين ورؤساء تحرير الدوريات الذين يطالبونني دوما بالكتابة,فلا أستطيع أن أخالفهم وأن أخيب ظنهم وهكذا يكثر إنتاجي الأدبي إلى كثرة عملي الطبي الذي هو شاغلي الأساسي,والذي هو واجب علي لا أستطيع التهرب من أدائه.
سبب عزوفك عن كتابة الشعر بعدما صدر ديوانك اليتيم (الليالي والنجوم)?!
أنا أحب الشعر أكثر من غيره وأتأثر به أكثر من غيره,بدأت شاعرا,أضع في الشعر الذي أنظمه أعمق تأثراتي,وكان الشعر يتسع لاحتواء تلك التأثرات في البدء,ثم أخذ يضيق عنها حين ازدادت تجربتي في الحياة وتنوعت مؤثراتها في وتعقدت فبدأت أنصرف إلى القصة.لابد من الاعتراف بأن شيئا من أسباب ذلك الانصراف يرجع إلى قصور في موهبتي الشعرية..
تعقيب المحرر:نفدت الطبعة الأولى من ديوان (الليالي والنجوم)عن طريق الاهداءات وليس عن طريق بيعها في المكتبات .