عبد السلام العجيلي شيخ الأدب السوري بلا منازع فهو رائد ليس في فن القصة والرواية, بل هو ماهر في فن المقالة الناقدة الساخرة.. وهو شاعر وله من الشعر الساخر اللاذع الجريء ما يعجز.
(قصيدته في البرلمان) وهو إضافة إلى ذلك متحدث بارع ينقلك من الرقة إلى سورية فأميركا.. يعطيك من مشاهداته ما يمتعك بما يفصح عن تلك الشخصية الإنسانية التي تسبر روح العالم من خلال التقاطه بعض المفارقات في العلاقات الإنسانية.
عبد السلام العجيلي كتاب سورية الأدبي والاجتماعي والسياسي منذ اربعينيات القرن الماضي وإلى وقت وفاته.. بفقد العجيلي نفتقد جيل الرواد الذين لهم بصمات علينا جميعاً نحن التلاميذ اللاحقين.
وبهذه المناسبة الفاجعة لابد أن استذكر كم كان سعيداً حين اهتممنا به في (النور) على الرغم من بعض التعليقات ممن يعرفون آراءه في مراحل التخندق القديم أيام الخمسينيات.
عبد السلام باق فينا نحن السوريين, نحن العرب, باق بأدبه الإنساني الذي تجاوز حدوده المحلية والاقليمية.
محمود الوهب
رائد من رواد النهضة
برحيل الدكتور عبد السلام العجيلي نفتقد علماً كبيراً قل نظيره في الأدب والفكر والطب والحياة فالبرغم من الانجازات الأدبية المهمة التي اجترحها هذا المبدع الكبير وعلى رأسها اسهامه الفعال في وضع أسس فن الرواية العربية في سورية وفي تأسيس فن أدبي جديد كان يتفرد به وحده وهو فن الأحاديث أو المذكرات التي كان يحاضر بها ويجمعها في كتب مستقلة مثل كتابه (الأحاديث العشيات).
إلا أن أهمية عبد السلام العجيلي تكمن في الدرجة الأولى في كونه رائداً من رواد النهضة العربية حيث ما فتىء يجاهد لتحديث بنية الفكر العربي والحوار مع مختلف الثقافات العالمية من منطلق الندبة الكاملة لا من موقع الانبهار أو الاستلاب ولذلك استطاع أن ينتزع اعجاب كل من عرفه من علماء الغرب وفلاسفتهم وعلى رأسهم صديقه الكبير (جاك بيران).
أما على صعيد الطب فقد كان عبد السلام مثالاً حياً للطبيب العالم الذي لا يقتصر عمله على اداء مهمته الإنسانية بل يتجاوزها إلى الخوض في هموم مجتمعه وشعبه والعمل على نقض جميع العوامل التي تعيق نهضة المجتمع وتقدمه. بالإضافة إلى ذلك كله فإن العجيلي في كل ما أنجزه كان يأنف الأضواء ويبتعد عن مراكز القوة مقدماً درساً بليغاً لجميع المبدعين الحقيقيين.
د.نزار بريك
الخارج من عمق الصحراء
كان أمة وحده, لون جلساتنا بألوانه الساحرة وقصصه ورواياته التي عرت الواقع, ليطرق رؤوسنا بأسئلة تدفعنا إلى الإجابة عنها واعية حساسية المواقف التي تعرضنا لها على المستويات كافة. إنه الإنسان الخارج من عمق الصحراء نقياً والذي أينع ثمراً قل للعين أن ترى له مثيلاً, فكان الطبيب وكان الأديب الروائي والقاص. كان, نعم نقولها وقلوبنا تعتصر ألماً لفراقه وهو الذي كان بيننا في حلنا وترحالنا شاغل دنيانا بإنجازاته الثرة ولكن آن لزائر دنيانا الخلود إلا بما يتركه من أثر يرفع سوية الحرف ويسلط دفقاً سلسبيل على العطش. ماذا أقول في هذه العجالة أمام طودك الشامخ سوى رحمك الله واسكنك فسيح جناته.
فؤاد سليم أبو زريق
الدوحة الشاملة
الأديب الراحل الدكتورعبد السلام العجيلي قامة كبيرة في الأدب امتد ظلالها عبر الوطن العربي الكبير.
الأديب الكبير عبد السلام العجيلي دوحة شامخة تفيأ في ظلالها ادباء الوطن العربي بصورة عامة وادباء المنطقة الشرقية بصورة خاصة. الأديب الراحل ظاهرة فريد ة قلما يجود بها القدر.. كان لنا أباً وأخاً وصديقاً.. وقف معنا منذ البدايات وقادنا إلى شاطىء الأمان.. لم يبخل علينا يوماً بعطاء أو توجيه أو ارشاد.. كان لنا نوراً ومشعلاً, هداية وعطراً ينثر أريجه في دنيا الأدب والفكر.
كان إنساناً رائعاً بكل ما تتضمنه هذه الكلمة من معان فعلى مثله تبكي العين وينزف القلب..لم ترحل أيها الأديب الكبير وستبقى خالداً في قلوبنا وذاكرة الأجيال.
محمد رشيد رويلي
الرحيل صعب
كنت على وشك السفر إلى رقة الفرات المدينة الخالدة التي آوت الرشيد وسلسلة من العظام لأزورآخر عظمائها الطبيب, الأديب, العالم, الرجل عبد السلام العجيلي, لأدعو له بالشفاء وخوفاً عليه من أن يلامسه الموت ورسالته لم تكتمل.. لكن الموت كان أسرع زاره قبلي واختطفه من آخر مشوار كنت سأطويه إليه.
عبد السلام رمز من رموز الثقافة العربية المعاصرة غاب عنا لكنه لم يمت وكيف يموت من ترك وراءه تراثاً كاملاً هو جزء من تراث الأمة العربية الخالد العظيم. فهو قصاص من طراز متميز, وشاعر بدوي عريق, ومتحدث لا يمل حديثه, وكاتب مقالة من طراز متوهج. أذكر أني كنت أبحث عن أي صحيفة تحمل اسم عبد السلام العجيلي لاستمتع بالفصاحة والفكر والأسلوب الجميل, كل هذه الخصائص انطبعت على نتاجه الغزير الجميل, هل اناديك يا عبد السلام:
لن يدرجوك بعتم القبر منفرداً
بل آنسوك بما في الأضلع انزرع?
أم أقول للآخرين:
ما مات لكن يظل الخلد قد هجعا
لا توقظوه اتركوه في ابتسامته
يحاور الملأ الأعلى بما صنعا?
أجل الملأ الأعلى.. أجل الخلود
أجل البقاء يا عبد السلام معنا وفينا ومن بعدنا في سجل إبداعنا وعلى حيطان وطننا وفي دفاتر حضارة أمتنا الخالدة.
كم كنت تسخر يا عبد السلام بما لم يكن يرضيك كمواطن كبير, كنت تنتزع البسمة من أفواه المحزونين.
فلتظل باسماً كما عهدناك لأنك حاضر فينا.
الدكتور خالد محي الدين البرادعي