تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أيقونة الرقة

شؤون محلية
الخميس 6/4/2006
محمد جاسم الحميدي

غادرنا الدكتور عبد السلام العجيلي في رحلته الأخيرة, ولم يعد من الممكن أن نراه مرة أخرى, فقد غاب الوجه السمح الضحوك المحب,

لن نحرجه بعد الآن في طلبنا المستمر لإجراء حوار معه, ولن يقول لنا: ما أريد قوله كتبته في الكتب فعودوا إليه, وتزودوا منه بما تشاؤون, وسأجيز لكم ما كتبتموه, فمن أي كتاب أخذتم ستجدونني هناك أتحدث إليكم مباشرة..!‏

غادرنا الدكتور العجيلي, وكنا فقدنا الجلسة الأسبوعية التي خصنا بها نحن محرري جريدتي الفرات والثورة في الرقة منذ وقع طريح الفراش باحتشاء دماغي غادر, إلا أننا تابعنا أخباره, وحين عاد إلى وعيه, خصنا بأول قصيدة ارتجلها, وهو على فراش المرض, فكانت قصيدة غزلية في أربعة أبيات, اختزل فيها دلالات كثيرة ومنها: أن الرجل إن بعث عاد إلى صباه أولاً, وأن المرأة خالدة في نفسه, وأنه يتعلق بالحياة حتى آخر بيت نطقه..!‏

وتلك هي الأبيات التي نطقها الدكتور العجيلي وسجلها له أهله في يوم الخميس 9 آذار 2006:‏

غمّض جفونكَ عن عيونِ النرجسِ منك استحيت لأن أقبلَ مؤنسي‏

نام الحبيب تذبلت وجناته وعيونكن شواخصٌ لا تنعسِ‏

فأجابني منهن باقة نرجس يا مغرماً بهوى العيون النعسِ‏

قبل حبيبك ما استطعت فإنما من شأننا كتمان سر المجلسِ‏

غادرنا الدكتور العجيلي الأديب والشاعر والحكاء والقاص والروائي والرحالة والمفكر والباحث الاجتماعي على طريقته, وهو الرجل الذي رفضناه مراهقين وشباباً مدعين أنه في برج عاجي, وهو الذي كان يعرف نبض مدينته, نبض وطنه, ونبض عروبته, فإذا هو أكثر حياة منا, وأكثر اجتماعية وأكثر حضوراً وفعالية, بل إننا جميعاً بعض من روحه إذ منحنا الشهرة والمعرفة والريادة, فأدركنا متأخرين, ربما قبيل أن نعمد حبنا له في مهرجان العجيلي الأول للرواية العربية (أيقونة الرقة) أننا جميعاً كما نسعى أن نكون بعضاً منه, وشيئاً من حضوره, وأينما نقلت طرفك في قصصنا وروايتنا ستكتشف أننا جميعاً, بالرغم من أننا نخفي ذلك ولا نصرح به, خرجنا من عباءة العجيلي الواسعة الفسيحة الأرجاء, فإن غاب الرجل الجليل النبيل فقد بقي أيقونة الرقة..!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية