ولنبدأ أولاً بالناس : فمنذ العام 1997 افتتحت داراً للنشر وبدأت يإصدار الكتب وصارت صفتي بين الناس ناشراً وكل من يسألني ماذا تعمل? أقول: ناشر, فيقول (إيش يعني ? ) فأقول: ننشر الكتب , فيتساءل (أين مطبعتكم) فأقول ليس لدينا مطبعة, نحن نعمل بالنشر وهذه مهنة أخرى , فيُظهر الشكل العارف لكل الأمور ويقول (أيوا أيوا ..) .
أما إخوتنا في الجهات المختصة وهي أكثر مما تتصور فكل واحد في أي جهة من الجهات الأربع يعتبر نفسه مختصاً بالثقافة ويعنى بها ويذود عن حمى الوطن فيها وعليها ولأجلها, فمن وزارة الثقافة إلى وزارة الإعلام إلى اتحاد الكتاب العرب إلى (بلا صغرى) اتحاد الناشرين السوريين , حيث إنه (لا حول له) , وهؤلاء جميعاً من أهل بيت ما يسمى بالثقافة ناهيك عن أهل حارة الثقافة وأهل شارع الثقافة وأهل مدينة الثقافة وأهل دولة الثقافة وأهل أهلهم و(أهل هيك حالة ) إذ تقوم بتقديم كتاب للموافقة فيأتيك الرد بعد أن يكون (العرب قد تصالحوا), بالموافقة أو بعدم الموافقة أو بالموافقة بعد شطب أو ... وهذا بعد تدخل طبعاً الأهل المذكورين أعلاه جميعاً إذ لا يجوز أن لا يعرفوا ماذا في حال أهل الكتابة والنشر .. ومن كثرة ما عملنا مع الإخوة جميعهم أصبحنا وكتّابنا نعرف ما مسموح وما غير مسموح فصار لدينا كم هائل من الكتب المنشورة في جميع المجالات تشبه بعضها بعضاً ليس لها طعم أو لون أو رائحة, فلو اقتنيت كتاباً في موضوع الأدب وليكن الشعر مثلاً تجده بالعام مثل الرواية أو الكتاب السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي... يعني أن ما نصدره (راكب على القالب) لا يسمن ولا يغني من جوع , وعليه أضرب الناس عن الكتاب وقراءته واتجهوا (للدش) وصار إذا مر بنا أحد يرثي لحالنا ويدلي بدلوه (غير هالمصلحة وافتح شغلة تانية) وآخر (والله إذا فتحتوا قهوة بصير الناس كلها تجي لهون) وعاقل محترم وصاحب منزل (افتحوا سوبر ماركت أحسن بكتير من هالشغل, خيو زمن الكتاب راح) ...
أما نحن أصحاب الشأن وبسبب الأحوال ... فصار حالنا حال (وعلى كلن .. على كل حال .. يعني في كل الأحوال .. ممنونك أنا يا عمي) ...