لم نترك مسؤولا إلا ونتفنا ريشه..
ثم أعلنّا وفاة القيم الفاضلة كالأخلاقَ والنزاهةَ ونظافةَ الكف والأمانةَ عند الناس.
فقال «الغرسون» الذي سمع جزءاً من كلامنا: «الدنيا مليانة أوادم.. وإذا خليتْ خربتْ»..
قلت له: مليانة ..! لا أبداً .. ولكنها لا تخلو، والدليل أنا وصديقي أبو الريش إننا فيلسوفان زاهدان في الدنيا..
بعد ذلك سألني أبو الريش: لماذا لا ينتبهون إلينا (أنا وأنت)؟!
لماذا لا يعيّنوننا في مناصب رفيعة..؟!
قلت له: «ما بدن شرفاء خيو».. واضحة وضوح الشمس في «سابعة النهار»، فقال «الغرسون»: قصدك في «رابعة النهار»!! نظرت إليه بازدراء لأنه يقتنص زلات اللسان!!
قال لي أبو الريش: تخيل لو أنني وزير للإسكان .. يا سيدي كنت سأبني مليون شقة سكنية كل سنة وسأنهي مشكلة الإيجار التي تؤرق مئات آلاف الأسر، وسأجعل المواطن يشتري منزلا بالتقسيط من راتبه..
قلت له: أما أنا فأتمنى أن أكون وزيرا للاقتصاد حتى أمنع التعاقد مع المستوردين الجشعين الذين يحتكرون المواد ويرفعون الأسعار بشكل جنوني..
وقبل أن تنتهي جلستنا قال لي صديقي أبو الريش: يجب أن أكتب خطة وزارتي ووزارتك وكيفية التعاون بيننا.. نعم إن العلاقة بين وزارتينا يجب أن تكون واضحة، فأنت ستحتاج لاستيراد الحديد والإسمنت للبناء، وأنا من سيؤمن لك ذلك بعقود مميزة..!!
ولم نكد نغادر المقهى حتى ضرب صديقي أبو الريش على جبينه، وقال: لازمني كم ورقة لأكتب الخطة..
فقلت له: أبشر .. «عندي مواعين ورق وأقلام كتير .. بيعطونا ياهم بالشغل - مخصصات - ولكني أأخذهم معي إلى البيت»!!
فقال لي: تمام .. زورني بالبيت اليوم المسا وجيب معك ماعونين وكم قلم، وما بترجع فاضي..
راح أعطيك أدوية وقطن وشاش ولصقات طبية، «عندي كتير»، بجيبهم معي من المعمل..
الله وكيلك «بضبهم بجيوبي» لحظة انقطاع الكهرباء خوفا من كميرات المراقبة»!!