الذي كان بالأمس مسرحاً لعملية إرهابية استهدفت سيارة عسكرية على طريق اليادودة غرب مدينة درعا العنوان الأبرز لهذا التصعيد المتزامن على جبهات الشمال والجنوب هو أنه متعمّد وأنه لم يكن مصادفة، بل هو بلا شك مرتبط بشكل أو بآخر تطورات الحراك الميداني والسياسي الذي يقترب من الإجهاز على طموحات منظومة الإرهاب بشكل عام، لاسيما داعميها الأميركي والتركي، حيث لا يزال الأول يملك مفاتيح الميليشيات الإرهابية الموجودة في الشمال الشرقي، فيما يملك الثاني مفاتيح المجاميع الإرهابية الموجودة في مدينة إدلب، وهذا ما يؤكد أن هناك تنسيقاً واضحاً بين الطرفين لرفع وتيرة التصعيد الميداني لتوسيع مساحات الابتزاز والاستثمار في تطورات المشهد، خاصة مع انبلاج آفاق جديدة للحل السياسي من البوابة السورية، وهذا ما لا يرضي الأميركي ولا التركي على وجه الخصوص بسبب الطموحات والأهداف المرسومة لكلا الطرفين.
الذهاب بعيداً في قراءة وتحليل ما وراء توقيت وغايات التصعيد الأميركي في الجنوب والذي يتزامن كما أسلفنا مع التصعيد التركي في الشمال، سوف يوصلنا إلى نتيجة محددة وواضحة وهي وجود قرار أميركي بخلط الأوراق والضغط على دمشق من خلال إحياء «غرفة الموك» مجدداً، وهذا بالاستناد إلى ما نشر عن تفعيل برنامج التدريب للفصائل الإرهابية العاملة في منطقة التنف، بعد فتح الباب أمام الراغبين في الانضمام إليها من المناطق التي تحتلها الولايات المتحدة في سورية، غير أن المعلومات المتوافرة عن برنامج التدريب تضعه في خانة التحضير لـ«قوات مشتركة عربية وأجنبية » ستكون حاضرة لاحقاً، مع ميليشيات قسد الإرهابية، ضمن ما أطلق عليه سابقاً في وثائق وزارة الدفاع الأميركية)قوات حرس حدود( ويتكامل هذا الخط مع التصور الأميركي لقوة )متعددة الجنسيات(في منطقة الجزيرة السورية، يمكنها مع المرتزقة والميليشيات الإرهابية هناك حماية المصالح الأميركية والضغط على دمشق وحلفائها في عدة ملفات وهذا ما يعتقده ويتصوّره واهماً الأميركي والتركي حتى اللحظة.
هذا الواقع يأتي في وقت جددت فيه روسيا التأكيد على أن واشنطن تسعى لإطالة أمد الأزمة، وتعمل على حماية (إرهابيي النصرة) لتحقيق أهداف جيوسياسية، وتعمل أيضاً على إعداد فصائل إرهابية، لتكون عينها وذراعها على مناطق ومنشآت النفط والغاز في الشمال السوري، حيث أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه لا يمكن السكوت إلى ما لا نهاية عن وجود عشرات الآلاف من الإرهابيين في إدلب مشدداً على أن القضاء على الإرهاب من مصلحة الجميع.
وفي مقابلة مع صحيفة راينيس بوست الألمانية قال لافروف: إن القضاء على بؤرة الإرهاب في سورية يعتبر من مصلحة الاتحاد الأوروبي لأنه سيخفض مستوى التهديد الإرهابي القادم من المنطقة ويقلل من تدفق المهاجرين.
وكان لافروف أكد قبل ذلك بساعات خلال مؤتمر صحفي مع وزير خارجية ساحل العاج مارسيل أمون تانو في موسكو أن الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية تحاول إطالة أمد الأزمة في سورية والحفاظ على تنظيم جبهة النصرة الإرهابي لأهداف جيوسياسية.
تصريحات لافروف طالت السلوك الأميركي في منطقة الخليج حيث قال وزير الخارجية الروسي إن أي خطوة خاطئة في منطقة الخليج سوف تكون محفوفة بعواقب مدمرة، وأضاف إن هناك زيادة في عدد تجمعات البحرية الأمريكية ما يخلق خطر حدوث اشتباك مسلح، موضحاً أن أي خطوة خاطئة يمكن أن تؤدي إلى صراع محفوف بعواقب مدمرة لا يمكن التنبؤ بها، وكان لافروف قد حذّر في حديث لصحيفة (أرغومينتي اي فاكتي ) من أن النهج الأميركي الحالي يمكن أن يؤدي إلى وقوع كارثة في المنطقة معتبراً أن شرارة واحدة فقط ستكون كافية لاشتعال الوضع.