وحيث إننا نملك ألاف الأبحاث على اختلاف المجالات وملايين الأرقام الإحصائية المنتشرة في قطاعات مختلفة دون أن تجد طريقها إلى خدمة الناس والمشاريع الإنمائية هناك تساؤلات عن كيفية حصر هذه الأبحاث وتوجيهه لخدمة إعادة الإعمار وهي المرحلة التي يترقبها الجميع؟
نقطة انطلاق
توفير معلومات ومؤشرات متكاملة يعتبر جزءا من عملية اتخاذ القرارات المناسبة ووضع الخطط والاستراتيجيات فقد أوضح عميد كلية الاقتصاد الدكتور أكرم الحوراني أهمية البيانات الإحصائية وفاعليتها وكفاءتها ودورها في مساعدة المؤسسات المالية والصحية والاجتماعية لتأخذ دورها في مسيرة التنمية وإعادة الاعمار وخاصة وأن البحوث العلمية المعاصرة في كافة المجالات تعتمد على استخدام مجموعة من البرمجيات الإحصائية المتطورة والحديثة.
بالسياق نفسه أكد عمار ناصر أغا أستاذ في كلية الاقتصاد على أهمية الإحصاء ودوره في كل مجالات الحياة العلمية والعملية على اعتبار البيانات والأساليب الإحصائية حجر الأساس في نجاح كافة عمليات التخطيط وهي التي ترفد الاقتصاد بكافة المعلومات والتنبؤات الإدارية والمالية وغيرها... وبالتالي لابد من جمع القوى البحثية والتركيز على دور البحث العلمي في تطوير عمل المؤسسات الحكومية والخاصة وتمكين صناع القرار من الاطلاع على ما يفيدهم واستنباط الأفكار والمشاريع البحثية من ارض الواقع وتقديمها للباحثين كي يعملوا على انجازها.
فلسفة إحصائية
الاستفادة من الرقم الإحصائي في عملية التنمية؟ هو السؤال الأهم الموجه لاختصاصات الوزارات والمكتب المركزي للإحصاء فإذا لم يكن الرقم الإحصائي صحيحا فإن عملية التغيير لا تكون صحيحة وإذا لم تكن أرقامنا الإحصائية دقيقة وتعبر عن واقع وحاجات كل المنشآت والمراكز الاقتصادية لا نستطيع إعادة الإعمار بشكل صحيح ولهذا نتمنى الربط الشبكي بين المكتب المركزي للإحصاء ووزارات الدولة. هذا ما تحدث عنه الدكتور الأغا مبينا ضرورة دعم البحث الإحصائي وتصويب الأساليب الإحصائية الخاطئة في عدة مجالات فلكل نوع من البيانات أسلوب إحصائي خاص به وعلى سبيل المثال نجد طلابنا يستخدمون عدة أساليب إحصائية لكل أنواع البيانات. ويمكن تشبيه البيانات الإحصائية بالذهب الخام لكونها موجودة في كل المراجع لكن لا يمكن أن يكون لها قيمة إلا بعد صقلها وتحليلها من قبل الإحصائي.
وقال: يوجد أرقام كثيرة وإحصائيات خيالية لمواضيع مختلفة وعندما نفتح محركات البحث تظهر ملايين البيانات ونسب المشاركين المتروكة بشكلها الخام وتحتاج إلى من يصقلها ويستفيد منها على أرض الواقع وتحتاج إلى إحصائيين لكي تدخل في عمليات التنمية.
متوفر ولكن؟
يوجد في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق قسم الإحصاء التطبيقي وهو الرافد الأساسي للأشخاص الذين يملكون أدوات تحليلية لرفد مؤسسات القطاعين الخاص والعام بمختصين في علم التخطيط والاقتصاد، وفي غالبية الكليات الجامعة هناك مقرر يدرس الإحصاء ضمن الاختصاص نفسه ومنها: إحصاء اجتماعي وطبي وصيدلاني واقتصادي وغيرها لأن استخدام الأدوات الإحصائية مطلوبة في كل المجالات. ولكن للأسف يرى الدكتور عمار ناصر أن الاستفادة من هذه الخبرات قليلة جدا ففي كل مؤسسة أو وزارة يوجد مديرية للتخطيط والإحصاء ينقل إليها الأشخاص المعاقبون والذين لا يريدون العمل وكل موظف يذهب إلى هناك يصبح مهمشا مع أنها من أهم المديريات لتفعيل التنمية ورسم البرامج.
علم فعال
لم تتوقف الجامعات السورية يوما عن النشاط العلمي والأكاديمي ولم تتوقف عن استقطاب الباحثين وإجراء البحوث يقول الدكتور أحمد صالح أستاذ مساعد في كلية الاقتصاد: إن الكلية وحدها وخلال سنوات الحرب أنجزت أربعة مؤتمرات دولية حول البحث العلمي والإحصاء وهناك ثلاثون بحثا إحصائيا يمكن توظيفها في إعادة الإعمار . مبينا ضرورة تأطير وتجميع كافة الأبحاث الاقتصادية التجريبية وإيجاد القيم والأسباب المناسبة لتنفيذها في الحياة العملية
فالعمل الأكاديمي يتطلب رقما إحصائيا وأساليب إحصائية متطورة تفيد في قياس الظاهرة والتبوء بها والمساعدة في رسم سياسات وخطط مستقبلية للمعالجة والتطوير وبالتالي فإن لعلم الإحصاء دوراً فعالاً جدا في إعادة الإعمار في سورية، وكل ما يحتاجه توضيح في كيفية استخدم الإحصاء بشكل أكثر تكثيفا وإتباع طرائق حديثة للتعامل به مع بقية العلوم وفي كافة المجالات الحياتية التي تخدم حياة الناس وتحسن من المستوى التعليمي والمعيشي والصحي ضمن عملية تنمية مستدامة.