بحبٍّ قطَّرهُ نبضه.. من ضمَّ هواها بأنفاسه، فاتَّقد الحرفُ بإحساسه.. بذاكرةٍ فيهِ انظرها، ياوطني تُخيطُ مواجعها.
هو وجعُ ذاكرتنا، ننزفهُ من حياتنا، قد أثخنَ جرحه ما فينا، من آلامٍ تكوينا.. بلسمها لتتعافى منَّا، ومن أرقٍ يؤرِّقنا.. ذرفناهُ أبد حسرتنا، على فجيعتنا بأمَّتنا.. على هطولِ الخيانة، من أهواءٍ مُدانة.. لوَّثها الحقدُ ونجَّسها، فأشحنا كي لا نتنفَّسها.. أشحنا نحو ما كان، فيك من أمان.. من نبضٍ كان يعتِّقنا، في عمقكَ حيث تعبُّدنا.. هو نبضكَ يا المعشوق، يُحذِّرنا كلّ شروق:
إياكم من خانَ قلبي، لفظتهُ ليسَ من صُلبي.. من أوجَعني بأبنائي، قتلهم صاروا بعليائي.. من فَسُدَ فيَّا وما أفسَدْ، إلا ذاته وتمدَّد.. فيها ولا يحيا أبدا، إلا بعلَّتها كمدا.. علَّةُ ضميرٍ موبوء، يستشري فيه السوء.. أخرى بضميرٍ غائب، توارى يا لهُ من خائب.. غائب أو خائب لا فرق، كِلاهما خانَ الحقّ.. حُمِدتُ ببعدهم عنّي، إني ألعنهم وأغني:
إني لأحبَّةٍ هبُّوا، من أجلي وندائيَّ لبُّوا.. وطنهم أنا وعيوني، خضراء فيهم ورموني.. بياسمين حياتهم، وأرواحهم وكلماتهم.. والحقُّ هم حقٌّ فيَّا، ترفعهُ دمعة عينيَّا.. لقد توسَّدوا وريدي، صاروا أنفاسي وشهيدي.. بقلبي مدى الألم، على كلِّ قطرةِ دم.. سأسقي بها ترابي، فينمو ورد أحبابي، وردٌ بلونِ الحياة، هي عندي مشتهاة.. بهم ولهم سأكون، المدى ودوماً مسكون.. بحناجرهم الوفيَّة، تنادي بصوتي عليَّا: يا الضوءُ يا الوطن، يا الأبدُ في زمن.. ادلهمَّ مداهُ فصار، يخشى فيكَ الأنوار.. تحرقهُ ترمِّد أنجاسه، وتنيرُ الآتِ بحراسه.. حراسُ كرامتك، وبيارق سوريَّتك.. أرواحٌ بوجيبٍ قدَّس، مافيكَ وبكَ يتقدَّس.. آمنَ بهم هواك، فصلَّى في أناك: سبحانَ من ردَّ عني، كيدَ عدوّ التمني.. بأن أخضع ولن، وسأبقى أضمُّ من، كتبني بضوءِ حكاياته، فسطعتْ مني فضاءاته..