تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مخطط «سفر برلك» الجديد‏



إضاءات‏
الأحد 13-9-2015‏
سلوى خليل الأمين‏

كلما فشلت مخططاتهم يتحفون سورية بمخطط جديد، الهدف مكشوف والغاية تبرر الوسيلة، ففي الميدان ما زالت عمليات الكر والفر دون نتيجة تؤدي إلى انهزام سورية وانكفاء جيشها عن ميدان الصمود والتصدي ورفعه الراية البيضاء،‏

وفي الوضع السياسي الدولة ما زالت قائمة بكل مؤسساتها الداخلية والخارجية بالرغم من كل فبركاتهم الإعلامية القذرة وكل أكاذيبهم التي تناولت الرئيس بشار الأسد شخصيا، بقي الشعب السوري من أعلى الهرم حتى أدناه مؤيدا وصابرا ومتحملا ورافعا راية الانتصار حلما ليس ببعيد.‏‏

أمران استجدا على الواقع السوري وباتت الأصوات تجاههما مجلجلة هما: أولا التدخل الروسي المباشر في سورية لوضع حد للغطرسة الأميركية المتعنتة، القائلة علانية برحيل الأسد والمقتنعة ضمنا ببقائه لأن الإرهاب الذي صنعته بليلة سوداء بات قريبا من مضاجع حكامها، وحكام كل حلفائها ومعاونيها ومؤيديها الذين انصاعوا لقراراتها الهمايونية التي باءت الفشل، منذ التدخل المباشر في أفغانستان بحجة محاربة طالبان والقاعدة، واحتلال العراق بحجة ديكتاتورية رئيسه، وانتفاضات الربيع العربي المشؤوم على حكام هم صناعتها ونتاجها السيئ.‏‏

الأمر الثاني هو قضية المهاجرين السوريين الذين باتت نيران جبهة التحالف التي تقودها الولايات الأميركية تحصدهم دون أدنى انتباه لإنسانيتهم كبشر ولحقوقهم التي ترعاها منظمة حقوق الإنسان الدولية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين العامة، أضف إليهم عمليات الإبادة الجماعية العنصرية التي تهجر كل من لا يدين بالعقيدة الإرهابية الجديدة المتسترة تحت راية إسلامية شعارها « لا إله إلا الله» .‏‏

إن قضية المهاجرين السوريين الذين تركوا وطنهم في أصعب الظروف المأساوية، التي لم ترعاها ولم تصونها ولم تحافظ عليها كل الدول من عربية وأجنبية، شاركت بالحرب على سورية وأذلت كرامة شعبها الذي ما تعود الإذلال في ظل دولة بناها الرئيس الراحل حافظ، شهدت للإنسان مهما كانت درجة وعيه واستقامته وولائه لوطنه ومستوى تعليمه أنه مواطن سوري وعلى الدولة رعايته، فقدمت له العلم المجاني والطبابة المجانية والغذاء المدعوم ورغد العيش على قدر استطاعة دولة لا ثروات لديها سوى هذا الإنسان الذي يتمتع بحب وطنه والدفاع عنه حين تحل النكبات . لكن ما الذي تغير وتبدل، ولماذا تثار قضية اللاجئين السوريين وأغلبيتهم من شمال سورية المحاصر من تركيا، وجنوبها الواقع تحت سلطة مكتب «موك» الاستخباراتي الأميركي الصهيوني الخليجي، الذي يضع الخطط الجهنمية التي تستبيح خراب سورية وتدميرها عبر تدفق المال والسلاح والمرتزقة الإرهابيين، الذين لم يتعود وجودهم المواطن السوري المسالم والمقتنع بنظام دولته في حياته، فسورية كانت الدولة العربية الوحيدة التي لم ترهن قراراتها لأحد، لا في الشرق ولا في الغرب،لإيمانها برفع شأنها وشأن مواطنيها بين الدول، لهذا أصبحت رقما صعبا بين الدول العربية، وذات قيمة مقدرة عند الدول الغربية، وخصوصا الدولة الأميركية، التي أظهرت كل احترام للرئيس الراحل حافظ الأسد حين اجتماعه بالرئيس الأميركي بيل كلينتون في جنيف، وقد قال لي أحدهم من كبار موظفي الإدارة الأميركية حينها : إننا نحترم هذا الرجل، لأنه لم يأت إلينا صاغرا كما بقية الرؤساء العرب بل نحن الذين ذهبنا إليه وحينها أيضا هاتف الرئيس كلينتون الوزير كيسنجر قائلا : لقد قابلت الرئيس السوري حافظ الأسد مرارا، وأطلب منك أن تعطيني فكرة عن شخصيته كي أتمكن من الحوار معه، رد كيسنجر قائلا: إنه رجل صلب، ومواطن سوري معتز بعروبته ولا يمكن مفاوضته في قناعاته المؤمنة بحق الشعب الفلسطيني بالعودة إلى أرضه، إضافة إلى أنه قارئ جيد للتاريخ وصبور ولديه مقدرة كبيرة على الاستماع، فهو بمقدوره الاستماع إليك لمدى ست أو سبع ساعات دون مقاطعتك، لكن حين يبدأ الكلام يناقشك بما قلته نقطة نقطة دون أي خروج على كل ما طرحته، لهذا خذ حذرك منه، وهيأ ملفك جيدا واحرص على احترام الرجل فقد يخذلك .. وفعلا خذله الرئيس حافظ الأسد حين قال له: سأغسل قدمي في بحيرة طبريا رافضا السلم المذل، وفعلا لم يوقع سلما مع إسرائيل، كان هو الهدف من اللقاء التاريخي الذي أنتج وصفا أميركيا رائعا للرئيس حافظ الأسد لم يقوله أميركي بأي حاكم عربي إلاه وهو:الرئيس حافظ الأسد هو حاكم عربي شجاع وصلب وقادر ومقتدر.‏‏

وثبت هذه الصورة الرائعة في أذهان الغرب الرئيس بشار الأسد حين أتاه كولن باول حاملا عصا الترهيب والترغيب فرده خائبا على عقبيه، منهيا الزيارة التي لم يتجرأ رئيس عربي إلاه فعلها، مع أقوى وزير خارجية في العالم .. هذه هي سورية وهذه هي تربيتها القومية والعربية،ودولتها ونظامها الذي أرساه الرئيس حافظ الأسد، وهذه هي عراقة شعبها الذي لم يحن رأسا لمستعمر عبر التاريخ ولم يخضع، وها هو يثبت للكون كله منذ خمس سنوات أن سورية هي مهد الحضارة والتاريخ وهي القلب لهذه الأمة التعيسة بحكامها، وهي الوطن العربي الوحيد الصامد في وجه الغزاة والطامعين، وأن أبناءها المهاجرين هم ضحية الإنسانية جمعاء، وليسوا ضحية نظام ودولة عرفت كيف تصونهم وتحميهم من الذل والهوان، لولا هذه الحرب الكونية التي ترفع شعار الإنسانية كذبا وتزويرا وبهتان ضمائر وفتن مذهبية سوداء، لا تعرف الرحمة ولا الكرامة، والتي لم تدرك لتاريخه أهمية الصمود في وجه الباطل.‏‏

فالمهاجر السوري الذي وصل إلى دياركم، وعيرتموه بعقيدته الدينية، التي لم تجعله يتجه إلى ديار المسلمين ملتجأ إلى مهد الرسول العظيم إلى مكة المكرمة مستجيرا وطالبا الرحمة من حكام أصلاف باعوا إنسانيتهم ودينهم على موائد بني صهيون، وكل من ينتمي للحركة الصهيونية العالمية، التي تسعى لخراب العالم وتنفيذ بروتوكولاتها الداعية إلى سيطرتها على العالم كله، بدءا من بلاد الشرق استجابة لعقيدتهم المحددة بأنانية الطرح ونكران الاخر، وهي أنهم هم وحدهم شعب الله المختار.‏‏

فيا سادة الكون العظيم ارفعوا أيديكم عن المهاجرين السوريين فهؤلاء ليسوا إلا بشرا لهم كيانهم في دولتهم التي احترمت إنسانيتهم منذ ولادتهم، ولم يتجرأ أحد على مدى تاريخ سورية أن يرمي أطفالها على ضفاف الأنهر والبحار كما فعلتم، لأن في سورية حاكماً عادلاً هو من الشعب وابن الشعب المكافح المناضل، لهذا فهو غير محتاج لفائض إنسانيتكم المطعمة بالسم الزعاف، فأنتم بتدخلكم السافر بالحرب ضد سورية وشعبها، من أوجد هذه المشكلة التي تتباحثون اليوم من أجل حلها خوفا من تغلغل الإرهابيين الدواعش في صفوف المهاجرين بعد انهزامهم أمام الجيش السوري، ولعلمكم أن هؤلاء المهاجرين السوريين كلهم متعلمون ويملكون شهادت فنية ومعرفية، تمكنهم أينما حلوا من رفع شأن البلاد التي يستوطنوها، لأن دولتهم منحتهم العلم والمعرفة مجانا، ولم ترمهم كمتسولين على ناصية الشوارع كما تفعلون أنتم وغيركم من عملاء الغفلة، ودولتهم لم تقذفهم برغيف خبز هو فضلة خيرهم وخير بلادهم، فسورية لم تكن بحاجة للقمح ولا للكهرباء ولا للمياه ولا لدولاراتكم المذلة والمهينة لأنها دولة خالية من الدين العام المرهق للمواطن كما هو في بلدي لبنان . وما اضطرابكم اليوم من وفود المهاجرين السوريين وتساؤلاتكم الغريبة عن عدم لجوئهم للدول الإسلامية علماً أنهم يتهمونكم بالكفر إلا دليل واضح أن لجوءهم إليكم ما هو سوى تكملة لمخططاتكم التي ما زلتم تعملون لجني نتائجها التي ارتدت سلبا عليكم، ومشكلة عويصة أوقعتكم في شر أعمالكم «السفر برلكية» الجديدة.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية