تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


(طريق بيروت - مولهولاند 150 ألف كيلومتر).. مصائر في متاهة..فجر يعقوب: الثقافة جبهتنا الأخيرة في مواجهة التفسخ

ثقافة
الأحد 15-9-2013
 فؤاد مسعد

(طريق بيروت - مولهولاند 150 ألف كيلومتر) فيلم قصير وثائقي درامي، سيناريو وإخراج فجر يعقوب وإنتاج قناة الميادين التي قامت بعرضه مؤخراً، يقتفي الفيلم أثر الفلسطينيين الذين غادروا سورية بسبب الأحداث واتجهوا نحو لبنان

، وفيه نتابع ميرا صيداوي المسرحية الفلسطينية التي تعيش وتعمل في بيروت تأخذ على عاتقها مهمة البحث والتنقيب في مصائر هؤلاء قبل أن تضيع هي في متاهة مولهولاند.. الطريق المستحيل.‏

حول خصوصية الفيلم والدلالات التي حملها والدافع وراء إنجازه، وعن روايته الأولى (نقض وضوء الثعلب).. كان لنا هذا اللقاء مع المخرج فجر يعقوب:‏‏

- ما الدافع وراء إنجاز الفيلم ؟‏‏

-- الدافع كان البحث عن أصدقاء غادروا مخيم اليرموك بالدرجة الأولى. فبدأت الفكرة من هناك، لأكتشف أن الأبطال الذين التقوا في مكان واحد وتشكلت أهواؤهم فيه، لم يعودوا كذلك الآن.‏‏

- كيف يمكن قراءة دلالات العنوان ؟‏‏

-- مولهولاند بقعة جغرافية موجودة، ولكنها ارتبطت هنا بما له علاقة بالخيال، فهي بقعة جغرافية مستحيلة لايمكن بلوغها على الأقل بتفسيراتي أنا، والناس الذين التقيتهم وظهروا بواقعية أمام الكاميرا شعرت أنه لا يمكنهم بلوغ أهدافهم، وأشبههم بعدائي المسافات الطويلة الذين يركضون ويركضون لكنهم يحسون أنهم مازالوا في المكان نفسه ولم يصلوا لأنه بات هناك مقارنات، فالمخيمات الفلسطينية ليست على سوية واحدة بين لبنان وسورية، وأرى أن فلسطينيي سورية مفتونون بمخيماتهم، لأنهم عاشوا حياة شبه مستقرة. والفلسطيني واقع في غواية المخيمات لذلك هناك جزء كبير ممن خرجوا منها يريدون العودة إليها.‏‏

- لماذا الاتكاء على (طريق مولهولاند) وهو عنوان فيلم لديفيد لينش ؟.. لمَ اللجوء إلى هذه الاستعارة ؟‏‏

-- إن لم يكن هناك طريق موجود أمام المخرج وأمام كاميرته وأبطاله عليه أن يخترعه، فالطرق الثانية موجودة على الخريطة والناس يعرفون ممراتها، ولكن بالنسبة إلي عندما أشتغل لا أعيد تركيب الواقع حسب الطرق الموجودة على الخريطة، فالمبدع بحاجة لأن يخترع طرقاً خاصة به، وبالتالي هو واحد من الطرق غير الموجودة على الخريطة (طريق مولهولاند).‏‏

- من بطلك.. أهو المكان، أم حكاية النزوح التاريخية، أم الفلسطيني الذي بات ينزح من مكان إلى آخر ؟‏‏

-- بطل الفيلم هؤلاء الناس المتورطون في هذه الحياة، ولكن المكان لعب دوراً كبيراً أيضاً، ففي حالة هذا الفيلم إن لم تبحث عن مكان ليكون بطلاً سينقلب إلى ريبورتاج، ومن هنا فرض المكان نفسه بقوة ليكون له بنية، فلم يكن فيلماً وثائقياً بمعنى الكلمة وإنما فيه دراما بمعنى من المعاني، ففعلاً هناك أبطال دفعتهم لهذا المكان دفعاً ووقفوا أمام الكاميرا وقدمنا الفيلم، فالمكان إضافة للشخوص الموجودين أمام الكاميرا هم الأبطال.‏‏

- ما المتغير على معاناة الفلسطيني ما بين اليوم والأمس انطلاقاً من أفلامك ؟‏‏

-- هناك تغيير، فقد صورت فيلمين في مخيم شاتيلا قبل عشر سنوات وهما (متاهة) النص كان لي و(صورة شمسية) عن نص لجان جنيه، واليوم بعد عشر سنوات عندما أعود للمكان نفسه أشعر كم كبرت هذه المتاهة وكم تغير الناس وتغيرت حتى طريقة التيه نفسها، وباتت أعقد وأصعب ويبدو أنه ليس هناك نهايات لها ولكنها باتت أصعب.‏‏

- لماذا تقع الكثير من هذه الأفلام في مطب الريبورتاج الصحفي ؟‏‏

-- لأن هناك حساً صحفياً في الأفلام الوثائقية التي تطلبها الفضائيات اللاهثة وراء الحالة بعيداً عن التأمل، وبرأيي أن السينما الوثائقية الحقيقية تحتاج إلى نوع من المعايشة مع المكان والشخصيات والزمن حتى بمعناه الميتافيزيقي، وهو الأمر الذي لا تبحث عنه الفضائيات عادة، على العكس من المخرج الوثائقي الذي أتى من كنف النظرية نفسها، وأعتقد أننا اليوم نفتقد لنوعية من الأفلام التي سبق أن قدمها مخرجون كبار مثل (إيفانس، فيلاهرتي..) وإن كان ينبغي ان نأخذ بعين الاعتبار المتغيرات لأنه من غير المعقول أن تنتج اليوم فيلماً بالطريقة نفسها التي أنتج فيها (نانوك رجل الشمال) لفيلاهرتي ولكن بالمقابل لا يمكن أن تحيد عن المبادئ الأساسية التي وضعها فلهاردي لصناعة فيلم وثائقي. واليوم الفضائيات لا تؤسس لمثل هذا النوع، لذلك معظم الأفلام الوثائقية التي نراها تكون أميل إلى البنية الريبورتاجية.‏‏

- رغم أن فيلمك من إنتاج محطة فضائية ؟‏‏

-- صحيح، وقد فوجئوا بالطريقة التي بنيت على أساسها الفيلم وكان انطباعهم أنه فيلم غير تقليدي.‏‏

- ما دلالات نبش قبر الزوجة وداد في أحد المشاهد التمثيلية في الفيلم ؟‏‏

-- من المؤسف أننا دخلنا القرن الحادي والعشرين وهناك حالة من النقوص في الثقافة، فالثقافة هي الجبهة الأخيرة في مواجهة التفسخ الذي نعيشه في المنطقة، وأرى أن نبش القبر هو نبش ما هو قبيح في الماضي في مواجهة هذه الثقافة التي لا يتم تحصينها إلا بنوع من الرؤية والاستباق والاستشراف، فالنبش معادل لحالة تفسخ نعيشها ولا أعرف إلى أين يمكن أن تؤدي بنا، وهي بالنتيجة قراءة في الحالة التي نعيشها.‏‏

- كل ما قدمته هو أفلام قصيرة.. أهو نهج عمل لديك أم توطئة لفيلم طويل ؟‏‏

-- هو ليس توطئة، فقد كان هناك مشاريع لأفلام طويلة بعضها أحبط وبعضها أنا أحبطته.. ولكن المشكلة أنه لا يتم الاعتراف بك كمخرج هنا إلا إن قدمت فيلمك الروائي الطويل الأول !.. ولكن هذا الموضوع بعد هذا الوقت لم يعد يغريني، فأنا موجود في أفلامي وإن كنت أعني شيئاً ما للناس سواء بفيلم قصير أو روائي طويل، فالمهتمون سيفتشون في النهاية إن كنت أعني هذا شيئاً.‏‏

- فيلمك (السيدة المجهولة) اختارته مكتبة جامعة نيويورك في أبو ظبي ليكون في متناول الدارسين فيها عبر عروض حصرية للجامعة.. كيف تقرأ هذا الأمر ؟‏‏

-- هذا تقدير للفيلم، ومن الجيد أن هناك من يرى هويتك في أفلامك القصيرة ولا ينتظرون الفيلم الطويل.‏‏

- ماذا عن رواية (نقض وضوء الثعلب) ولمَ انتقيت الفن الروائي أهو بديل عن الشعر ؟‏‏

-- خيال الرواية كان يساورني منذ زمن، فأنا أكتب منذ نحو ثلاثين عاماً تقريباً، ومشروع الرواية قائم وفي اللحظة التي شعرت أنني قادر أن أكتبها فعلت ذلك، وقد تكون الرواية نوعاً من هوية ما.‏‏

(نقض وضوء الثعلب) قراءة في التحولات التي ضربت المشرق العربي في الخمسين سنة الماضية وصولاً إلى يومنا هذا، وأقصد بالمشرق العربي (سورية وفلسطين ولبنان)، وحاولت أن أشكل روايتي من خلال شخصيات وأماكن في هذه البلدان الثلاثة.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية