تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المواجهة بالسخرية

مجتمع
الأحد 15-9-2013
هناك الكثير مما يمكن قوله عن قدرة الإنسان على التحمل والصبر ومواجهة الظروف الصعبة، وبمقابل ذلك الكثير مما سجلته تجارب الشعوب عن فنون في اختراع أساليب دفاعية نفسية ضد الظلم والحروب والاعتداءات، ومن بين تلك الدفاعات السخرية والتهكم،

وقد أبرعنا نحن السوريون في هذا التهكم على القوة العظمى الظالمة أمريكا، فبعد سنتين ونصف السنة من انعدام الأمن والإرهاب المدعم منها والحصار الاقتصادي وغلاء المعيشة والنزوح عن البيوت وتدمير المدارس والمؤسسات، يخرج علينا رئيسها أوباما ليهددنا بضربة عسكرية، ولا يخفى علينا ما معنى العدوان الأمريكي فلم تزل آلام العراقيين ماثلة أمامنا، ومعهم على التوازي وقبلهم الكثير من شعوب الأرض كفيتنام واليابان.‏

الا أنه في وقت توقع الكثيرون حالة ذعر وهلع تسيطر على المجتمع وتخيف الناس، بدأت تظهر ردات الفعل على صفحات التواصل الاجتماعي، وفي الأحاديث اليومية، تهكما وسخرية على القوة الضاربة أمريكا وعلى رئيسها صاحب التهديد أوباما، وتابع الناس حياتهم الطبيعية، باستثناء ازدحام على الخبز.‏

وكانت السخرية والتهكم تطال توقيت الضربة والأسلحة التي ستستخدم، فهناك من كان يقول نريد أن يحدد الوقت، لأننا نريد انهاء تموين المكدوس، وهناك من قال سنفتح محل صيانة بوارج أمريكية، وكل ذلك يعكس قوة روحية وحبا للحياة أقوى من غطرسة هذه القوة العظمى، حتى أن المعالجين النفسيين يقولون أن السوريين يعالجون أنفسهم بأنفسهم.‏

حتى العالم الافتراضي والذي يقال عنه من يتحكّم بالعالم الافتراضي يتحكّم بالعالم الواقعي، وان هذه هي العقيدة الإستراتيجية التي تحكم لعبة القوة في الإعلام الرقمي الجديد، وبصفة خاصة مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها موقع الفيسبوك. استطعنا تطويعه لمواجهة العدوان الكبير علينا، وفضح الكثير من الأكاذيب والتضليل وشرح الحقائق وما يدور على الأرض، الا أنه بعد التهديد بالضربة أصبح ميدان السخرية، واليوم بعد خبر مراقبة الأسلحة الكيميائية تحول التهكم على هذا الخبر مرتبطا بالسخرية على الادارة الأمريكية.‏

ربما ينشغل منظروا الاعلام بالحديث ساعات وتأليف كتب عن استخدام أحدث وسائل الاتصال، وكذلك الأمر بالنسبة لعلماء النفس وعلماء الاجتماع ويقولون أنّه لا يجوز أن نخضع ظاهرة للدراسة السوسيولوجية قبل إكتمال مسار مايحدثومعرفة إتجاهاته، الا أننا نقول انه يعكس قوة داخلية وتمسكا بالحق والحياة، وايمانا عند الناس بأنهم منتصرون على أعدائهم، كما يثبت أيضا أن للواقع صوته الذي يجب أن يسمع مهما كانت السياسات والاستراتيجيات كبيرة وصادرة عن قوى كبيرة، فلجوء أعدائنا الى استخدام التضليل عن طريق أضخم وسائل الاعلام، لم يخف الصوت الحقيقي على الأرض وهذا الصوت ظهر أيضا في الأداة التي سخروها ضدنا وهي الاعلام، وهذا يؤكد أيضا مبدأ في التنمية يقول بالاصغاء الى الحاجة الحقيقية للناس البسطاء ومن أفواههم وبالطريقة الملائمة لهم، وليس الى النظريات المستوردة والمسبقة الصنع، ونحن هذا صوتنا الحقيقي قوتنا الداخلية وتمسكنا بوطننا موحد وايماننا بجيشنا البطل، وأساطيلكم وتهديداتكم لسخريتنا.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية