تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سرالاستمرار

مجتمع
الأحد 15-9-2013
أيدا المولي

إذا كان الكذب على النفس خطيئة في تفسير ما فهو مدعاة للأمل في تفسير آخر،وإذا كان أسود فهو أبيض في أحيان أخرى،أنا أكذب على نفسي عندما أقول إن الغسالة الآلية شيئ غير ضروري بالرغم من أنني أم لأربعة أولاد وعملي يقتضي مني الظهور خارج المنزل ولوقت ليس قصيراً،

والجلاية أيضا غير ضرورية وكل الأدوات الكهربائية يمكن الاستغناء عنها،وكل ماتم اختراعه خدمة لربات المنازل العاملات خارج المنزل وداخله من القرن التاسع عشر وحتى الآن يمكن الاستغناء عنه ماعدا ما اعتمد عليه سكان الكهوف من وسائل تتيح لهم الاستمرار في الحياة،أما الرفاهية أوبعضا منها فهي بالكاد قشور تتيبس فور تعرضها لشمس حارة كشمس افريقيا ، نعم أكذب على نفسي لكن هذا الكذب لايضر،لكنه وسيلة تفكير تعين على صعوبة الحياة لأننا في ظروف تتطلب منا التأقلم السريع مع مجريات الأمور والبلد في أزمة وفي مرحلة حرب ولاضير إن عشنا بلا كهرباء عدداً من الساعات ،أودون ماء جارية من الصنبور طوال الليل والنهار حيث إننا اعتدنا على ذلك دون أزمة وكنا نكتب دائما ونطالب ولاأحد يسمع ،فكيف الآن ونحن في هذا الوضع الصعب‏

في سلمية: حيث يعيش السكان دون مياه منذ حوالي الشهر تقريباً ويستعينون بمياه الصهاريج المأجورة يتدبرون أنفسهم بشكل يدعو للضحك أحيانا لأن شر البلية مايضحك .‏

هناك مياه للشرب في أوان خاصة ومياه للاستخدام في الخزان أو البراميل،طبعا الغسالة والجلاية ممنوعة والعمل يدوي ،هنا يوضع وعاء فيه قليلمن المياه للجلي ثم يفض بمياه أكثر نظافة لتسقى بها حديقة المنزل الصغيرة ثم يعرض الجلي لأشعة الشمس، والغسالةالعادية عادت للبيت السلموني ليس لأنها أقل وفرة من الآلية،لكن لأن مياه الغلي والغسيل قابلة للتدوير في الشطف وتنظيف الحمام وغيره.لذا فاننا لانكذب لكن نجمل الحياة ونقول إن أمهاتنا كن أكثر ذكاء واعتمد ن على وسائل أكثر بساطة وكن يعملن بشكل كبير ولايرتحن طوال النهار ومع ذلك كانت حياتهن الاجتماعية على تواصل مع الجيران والأقارب ,لاأقول إن الحياة كانت سهلة ,-لكن لم يكن بالامكان أحسن مما كان -لم يكن من السهل تربية عشرة أشخاص وتدريسهم في الجامعات والمعاهد دون أن يكون هناك دخل ثابت، الأب خياط والأم ربة منزل بامتياز، تدرس الأولاد وتقوم بكل أعمال المنزل وتساعد الوالد بأعمال الخياطة،بيديها تطبخ وتغسل وتصنع الحلويات وتعمل الفطائر وتجهز الملابس والمونة لكل ولد مسافر الى دمشق أو حلب وهو يتابع دراسته،ولشبابها الذين يؤدون الخدمه الالزامية،وتزغرد عندما ينجح الاولاد من صف لآخر، وتدعو الجيران لوليمة تقدر هي حاجاتها دون أن ترهق الأب بأي‏

تكاليف إضافية _ لا أتذكر مرة كنت أنام فيها إلا وبيديها خيطاً وإبرة ترتق من هنا وتخيط فتقا لصدرية المدرسة من هناك وتركب ملحفة وغطاء , وهذا العمل تقوم به وقت استراحتها وبعد الانتهاء من كافة الأعمال التي ستقوم بإعادتها في اليوم الثاني،وكانت مدركة أنها تربي جيلاً متعلماً وتريده أن يتابع تحصيله العلمي بكل الوسائل ودون الحاجة لأحد لأنها لم تكمل تعليمها وبقيت تراه طموحاً تغذيه عند أولادها.‏

أولئك العظماء _والأم _جميلة العظماء يتجدد دورها في كل زمان ومكان وتصبح آلهة في ظروف الحرب،فهل تعلمنا منها الدروس ؟أعتقد أننا نستعيد عظمتها في كل لحظة تدعوإلى الصبر والعمل واختراع الوسائل القادرة على العيش في وطن حي ومن سر استمراره سوف يكون استمرارنا .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية