هذه الأسلحة كانت حجتهم الواهية وذريعتم الضعيفة التي استخدموها ضد الحكومة السورية لشن عدوان عليها، عدوان عارضه أغلب الشعب والمسؤولون الأميركيون فهم متأكدون من أن هذا العدوان لن يكون ضمن قرار دولي، وباتوا لا يثقون بقدرة الإدارة الأميركية على التعامل ومعالجة القضايا الدولية والمشكلات.
فبعد فشل الرئيس الأميركي باراك اوباما في حشد التأييد الكافي لدعم العدوان المخطط ضد سورية وتراجعه عن تهديداته في محاولة لحفظ ماء الوجه أقر مسؤولون أميركيون كبار أن الولايات المتحدة لا تتوقع صدور قرار لمجلس الأمن الدولي يتضمن تهديداً باستخدام القوة العسكرية ضد سورية وذلك بسبب معارضة روسيا القاطعة لصدور مثل هذا القرار.
وقال المسؤولون الذين طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم في تصريحات نقلتها رويترز إن واشنطن لن تصر على أن يتضمن قرار الأمم المتحدة استخدام القوة وستطلب بدلاً من ذلك «أن يشمل القرار أشكالاً أخرى من الضغط والعواقب في حال رفضت سورية التخلي عن الأسلحة الكيماوية بشكل يمكن التحقق منه على حد قولهم».
وفي اطار المفاوضات نحو التوصل لقرار في الأمم المتحدة بشأن سورية لا ترى الولايات المتحدة فائدة من محاولة أن يتضمن القرار احتمال استخدام القوة والسبب في ذلك بحسب المسؤولين الأميركيين هو أن واشنطن لا تتوقع موافقة روسيا على مثل هذه الخطوة وقد تستخدم حق النقض الفيتو لإحباط مثل هذا القرار.
استطلاع للرأي: تراجع ثقة الأميركيين
بإدارتهم إلى أدنى مستوى منذ عام 2007
كما أظهر استطلاع جديد للرأي نشرت نتائجه أمس تراجع ثقة الأميركيين بالإدارة الأميركية وقدرتها على معالجة المشكلات الدولية والداخلية إلى أدنى مستوى منذ عام 2007 وسط الجدل الكبير الدائر حول التدخل العسكري المحتمل ضد سورية ومساعي الرئيس الأميركي باراك أوباما الحثيثة لشن عدوان على سورية رغم المعارضة الدولية والإقليمية الواسعة.
ووجد الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة غالوب الأميركية للأبحاث أن أكثر من نصف الأميركيين لا يثقون بقدرة الإدارة الأميركية على التعامل ومعالجة القضايا الدولية والمشكلات الداخلية على حد سواء في تراجع كبير مقارنة بالنتائج التي سجلت قبل عام 2010.
وأشار الاستطلاع إلى أن فئة كبيرة من الجمهوريين الذين أدلوا بآرائهم أكدوا تراجع ثقتهم بالإدارة الأميركية فيما يتعلق بالقضايا المحلية وطريقة التعامل معها.
ووفقاً لخبراء ومحللين تؤثرعوامل كثيرة على مسألة فقدان ثقة الأميركيين بحكومتهم بما في ذلك الجدل الكبير بشأن العدوان الأميركي على سورية وتراجع الأوضاع الاقتصادية وانخفاض الثقة بالكونغرس الأميركي.
وأظهرت استطلاعات رأي سابقة رفض معظم الأميركيين لخطط إدارة أوباما بشن عدوان على سورية فيما أظهر استطلاع أجرته مؤسسة ايبسوس ونشرت نتائجه أمس الأول أن ثلاثة أرباع الأميركيين يؤيدون الجهود لحل الأزمة في سورية من خلال اتفاق دولي حول الأسلحة الكيماوية في إشارة إلى فشل أوباما ومحاولاته الحثيثة في إقناع الرأي العام الأميركي بموقفه العدواني تجاه سورية.
موقع أميركي:
تغاضي واشنطن عن ترسانة إسرائيل الكيماوية دليل على ازدواجية المعايير تجاه قضايا المنطقة
من جهة أخرى اعتبر موقع وورلد سوشاليست الأميركي أن سياسة الولايات المتحدة تجاه سورية وخططها لشن عدوان عليها بحجة مزاعم استخدام اسلحة كيماوية تشكل «نموذجاً لازدواجية المعايير الأميركية» فالإدارة الأميركية «تتشدق بعبارات كبيرة عن فظاعة استخدام مثل هذه الاسلحة والتزامها الأخلاقي بمعاقبة من يستخدمها لكنها في الوقت ذاته تتغاضى عن ترسانة إسرائيل الكيماوية» وما تحويه من أسلحة دمار شامل.
وفي مقال جديد يسلط الضوء على الجرائم الخطيرة والمتكررة التي ترتكبها إسرائيل بمباركة الولايات المتحدة وتحت أنظارها قال الموقع إن «واشنطن لم تتذكر التزامها الأخلاقي ضد إسرائيل التي تملك أكبر مخزون من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية في الشرق الأوسط وهي الجهة الوحيدة التي لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي».
وأضاف الموقع أنه في الوقت الذي «كشفت فيه وثائق جديدة عن أسلحة إسرائيل الكيماوية وتطويرها منذ سبعينيات القرن الماضي بمعرفة الولايات المتحدة وعلمها بذلك عمدت إسرائيل إلى استخدام ترسانتها الكيماوية الكبيرة مرات عدة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وضد لبنان خلال اعتداءاتها عام 2006 وخلال عملية الرصاص المصبوب ضد غزة في الفترة ما بين 2008 و2009».
وتابع الموقع إن «الولايات المتحدة لم تنطق بأي كلمة إدانة بحق إسرائيل رغم استخدامها مثل هذه الأسلحة بحق مدنيين واعترافها العلني باستخدام قنابل فوسفورية تسبب حروقاً كيماوية في حربها ضد لبنان عام 2006 كما أن أفعالها تلك لم تواجه من حلفائها الأوروبيين أي انتقادات أو حتى دعوات للتخلص من أسلحتها الكيماوية».
وأشار الموقع إلى أن الولايات المتحدة مولت إسرائيل وقواتها بقيمة تصل إلى 3 مليارات دولار سنوياً وعلى مدى أعوام طويلة كما أنها وافقت العام الماضي على زيادة هذا الدعم ما يعني بعبارة أخرى أن تطوير إسرائيل وبنائها واستخدامها أسلحة كيماوية أمر مشروع تماماً كما هو الأمر بالنسبة لتمويل واشنطن المتواصل للإجرام الإسرائيلي.
وسخر الموقع من حقيقة أن «الولايات المتحدة والتي تعد من أكبر الدول التي تعمل على تطوير وإنتاج واستخدام الأسلحة الكيماوية نصبت نفسها على أنها شرطي عالمي يحاول تطبيق بنود اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية التي وقعت عام 1993 وتحظر صنع واستخدام ونقل هذه الأسلحة الفتاكة لكنها لا توفر أي آلية لتطبيق وفرض هذه الشروط».
وأوضح الموقع أن إسرائيل من بين دول وجهات قليلة لم توقع على اتفاقية الأسلحة الكيماوية كما أنها لم توقع على اتفاقية الأسلحة البيولوجية لعام 1972 وموقفها تجاه كلا الاتفاقيتين غامض جداً.
وكشفت وثيقة سرية خاصة بوكالة الاستخبارات الأميركية سي آي إيه أن «إسرائيل تمتلك ترسانة أسلحة كيماوية خاصة بها وأنها بدأت بتصنيع هذه الأسلحة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ومن ضمنها غاز الأعصاب السارين الذي تمتلك كميات كبيرة منه».
كما بينت الوثيقة التي تم الكشف عنها مؤخراً أن «الترسانة النووية الإسرائيلية التي تشمل مئات الرؤوس النووية القابلة للأنشطار وأسلحة نووية حرارية فائقة التكنولوجيا تحولت عبر السنين إلى معلومات عامة داخل أروقة المخابرات العالمية» وأصبح من المعروف أن «إسرائيل قامت بتصنيع مخزون من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية إلى جانب ترسانتها النووية لكن الولايات المتحدة التزمت طوال هذه السنوات الصمت الكامل حيال الموضوع».
بالوثائق والفيديو: كشف وحشية الإرهابيين في سورية ومعرفة أميركا بامتلاكهم غاز السارين
في غضون ذلك كشفت وثيقة سرية مسربة للاستخبارات الأميركية أن المسلحين التابعين لتنظيم القاعدة في سورية امتلكوا وصنعوا غاز السارين السام بهدف تنفيذ هجمات كيماوية ضد المدنيين في سورية لتضيف بذلك المزيد من الأدلة على تورط هذه المجموعات في الهجوم الكيماوي الذي نفذ في 21 آب الماضي على منطقة الغوطة بريف دمشق من أجل إلقاء المسؤولية على الحكومة السورية أمام المجتمع الدولي.
وجاء في الوثيقة التي نشرها موقع دبليو ان دي الأميركي المقرب من وزارة الدفاع البنتاغون وقال أنه حصل عليها حصرياً: إنه تمت مصادرة عبوات من غاز السارين من عناصر من «جبهة النصرة» الإرهابية المتمركزين جنوب تركيا على الحدود مع سورية في وقت سابق من العام الجاري لافتة إلى أن هذه العبوات تم تمريرها عن طريق عناصر من «جبهة النصرة» على علاقة بتنظيم القاعدة في العراق ليتم إدخالها الى سورية فيما بعد حيث تمت مصادرة بعضها وقد يكون المزيد من هذه المادة استخدم في الهجوم الكيماوي على بلدة خان العسل في ريف حلب في آذار الماضي ضد المواطنين والجيش السوري.
وأشار الموقع إلى أن الوثيقة التي تعود لمركز الاستخبارات القومي أحد أذرع الأجهزة الاستخبارية الأميركية وصنفت «سرية.. يمنع التوزيع للخارج» تكشف أنه تم اعتقال 12 عنصراً من المتطرفين لدى مصادرة غاز السارين يقطنون في مدينة أضنة في تركيا وقد وصفوا من قبل قوات مكافحة الإرهاب التركية الخاصة بأنهم من أشد الأجنحة خطورة وعدوانية في صفوف المجموعات المسلحة في سورية.
وأوضح الموقع أن عمليات الاعتقال جرت في منتصف أيار الماضي عندما اكتشفت قوات الأمن التركي عبوات تحوي كيلوغرامين من غاز السارين فيما كانت تفتش منازل مسلحين سوريين من عناصر»جبهة النصرة» التابعة لتنظيم القاعدة في مدينة « أضنة» وذلك بعد اعتقالهم على الحدود كما تم العثور على مخبأ كبير للأسلحة ووثائق وبيانات رقمية.
وقال مصدر في الجيش الأميركي أنه تم إجراء العديد من التحقيقات وإن تقارير عشائرية من العراق أظهرت وجود خمسين مؤشراً عاماً يظهر قيام تنظيم القاعدة في العراق بتطوير غاز السارين لإرساله إلى سورية.
وأشار الموقع الأميركي إلى أن وثيقة الجيش والاستخبارات الأميركية الجديدة تؤكد النتائج الأولية للتحقيق الذي أجرته الأمم المتحدة بشأن الهجوم الإرهابي صاروخ كيماوي على بلدة خان العسل بحلب والتي توصلت إلى نتيجة مفادها أن الأدلة تشير بأصابع الاتهام إلى المجموعات المسلحة.
كما تعزز الوثيقة التقرير المكون من مئة صفحة الذي قدمته روسيا إلى الأمم المتحدة والذي استنتج أن المجموعات المسلحة وليس الحكومة السورية هم من استخدموا غاز الأعصاب في الهجوم على خان العسل.
ولفت الموقع إلى أن الوثيقة تدعم كذلك ما توصل إليه خبير شؤون الإرهاب الدولي يوسف بودانسكي في تحليل سابق والذي قال فيه إن الاكتشافات الأخيرة بشأن الهجوم الكيماوي على الغوطة في ريف دمشق تثبت أن الهجوم نفذته المجموعات المسلحة ضد مواقعها بهدف التحريض على تدخل عسكري أميركي في سورية.
وأضاف بودانسكي المدير السابق لـ «قوة مهمات الإرهاب والحرب التقليدية» التابعة للكونغرس أن نتائج التحقيق في الهجوم أثبتت أن المادة الكيماوية المستخدمة من صنع منزلي بدائي وليست من صنع جيوش ولاسيما أن صور الفيديو التي نشرت للضحايا أظهرت أشخاصاً يتجولون حول الضحايا دون ارتداء أقنعة يلمسون الجثث دون قفازات ومع ذلك لم تنتقل إليهم العدوى ما يثبت كون المادة الكيماوية مخففة ومن صنع منزلي.
وأضاف الخبير الدولي أن القذائف التي أبرزتها المعارضة كدليل على تورط الحكومة السورية في الهجوم والتي عاينها خبراء الأمم المتحدة لا تخضع لمعايير الأسلحة التي يمتلكها الجيش السوري لافتاً إلى أن المجموعات المسلحة المتطرفة في المقابل لديها التكنولوجيا الخاصة بهذه المسألة والتي تم إثبات العثور عليها في مخابر لما يسمى «الجهاديين» في تركيا والعراق إضافة الى بيانات سرية لمسلحين في أفغانستان.
ويؤكد المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية راي ماغفيرن أن المجموعات المسلحة في سورية هي من استخدم غاز السارين السام في الهجوم الكيماوي على الغوطة.
وماغفيرن هو أحد المحللين وضباط الاستخبارات الأميركية السابقين الذين أرسلوا خطاباً جماعياً للرئيس الأميركي باراك اوباما بتاريخ السادس من أيلول الجاري ينفون فيه مسؤولية الحكومة السورية عن الهجوم الكيماوي استناداً إلى تنامي دلائل حسية تشير إلى أن الهجوم كان عملاً إستفزازياً مدبراً من قبل «المعارضة السورية».
وأشار الموقعون على الخطاب إلى اجتماع جرى قبل أسبوع من تنفيذ الهجوم قام خلال قادة «المعارضة» بتوجيه أوامر للتحضير لتصعيد حتمي فيما دعوه بالتغيير في موازين الحرب الذي من المفترض أن يلي قصفاً تقوده الولايات المتحدة ضد سورية لافتين إلى أن الأدلة الرئيسية جاءت من مصادر مرتبطة بما يدعى «المعارضة السورية» واتباعها.
ويقول المحللون أن الاجتماعات الأولية جرت بين قادة «للمعارضة» ومسؤولين قطريين وأتراك وأميركيين في الثكنة العسكرية التركية بمدينة انطاكيا والتي يستخدمها ما يسمى «الجيش الحر» مقراً له حالياً.
وتدعم المذكرة بالغة الأهمية التي قدمها المحللون والضباط السابقون لقطات فيديو تظهر مقاتلين أجانب ينشطون في صفوف «المعارضة السورية» يطلقون اسطوانات مدفعية مليئة بالغازات السامة ويقر أحد عناصر المجموعات الإرهابية المسلحة في ريف اللاذقية أن مسلحي مجموعته استخدموا مواد كيماوية تنتج غازات سامة وقاتلة كانت بحوزتهم.
ولفت الموقع إلى أن المزيد من الأدلة تتكشف بشكل يومي على تورط المجموعات الإرهابية في الهجوم الكيماوي بالغوطة بريف دمشق مع كشف الصحفي الإيطالي دومينيكو كويريكو والباحث البلجيكي بيير بيكينين اللذين اختطفتهما «جبهة النصرة» لخمسة أشهر وتم إطلاقهما مؤخراً أحاديث جرت بين خاطفيهما تؤكد تورطهم في الهجوم الكيماوي الشهر الماضي.
ويقول بيكينين أن الحكومة السورية لم تستخدم غاز السارين أو أي نوع من الغازات في الغوطة لافتاً إلى أنه استمع وصديقه الإيطالي خلال احتجازهما إلى محادثة عبر موقع سكايب جرت بالإنكليزية بين ثلاثة أشخاص وأن أحد المتحدثين عرف عن نفسه بأنه أحد قادة مايسمى «الجيش الحر» وكشفوا خلال الحديث أن المسلحين شنوا الهجوم الكيماوي في خطوة استفزازية لتشجيع الغرب على التدخل عسكرياً في سورية.