لتشمل القضايا السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية خدمة لمصالح شعبي البلدين الصديقين. وتأتي زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بدعوة من السيد ديمتري ميدفيديف رئيس جمهورية روسيا الاتحادية منعطفاً مهماً في تفعيل وتطوير العلاقات بين البلدين الصديقين , كما أن المباحثات بين الرئيسين الأسد وميدفيديف ستسهم في تفعيل وتطوير العلاقات السورية - الروسية في شتى المجالات منوهين إلى أن العلاقات بين الجانبين شهدت في النصف الثاني من التسعينات تطوراً إيجابياً تجلى في حجم التبادل التجاري بينهما .
ومن المعروف أن سورية وروسيا تعتمدان سياسات متقاربة في الكثير من القضايا السياسية والاقتصادية فيما تتعرضان لتدخلات وضغوط أميركية تستهدف النيل من استقلالهما .
على الصعيد السياسي
1- سورية وروسيا ترفضان سياسة الهمينة الأميركية على العالم وتطالبان بتعزيز دور الأمم المتحدة ومرجعيتها واحترام قراراتها وتؤيدان نشوء نظام دولي متعدد الأقطاب يضع حداً لعدم الاستقرار الدولي.
2- موقفهما إزاء احتلال العراق متقارب , حيث تدعوان إلى انسحاب قوات الاحتلال بأسرع وقت واستعادة الشعب العراقي لسيادته واستقلاله .
3- في موضوع المنطقة فإن روسيا كما سورية تدعو إلى حل الصراع العربي -الإسرائيلي على أساس تطبيق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وترفض ازدواجية المعايير في العلاقات الدولية وتطبيق القرارات الدولية.
4- روسيا كما سورية لم يحصل أن اعتدت على أحد وهي كانت ولم تزل عرضة لتدخلات خارجية في شؤونها الداخلية فروسيا بعد أحداث 11 أيلول تعرضت لسلسلة من الاختراقات الأميركية لحدود روسيا الجنوبية ماجعلها تشعر بالطوق الذي شد الخناق من الخارج , ويحاول الاجهاز عليها من الداخل عبر تحريك العمليات الإرهابية والملفات الانفصالية ولعل آخرها الملف الجورجي . أما سورية فإنها عانت ولاتزال من استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضيها في الجولان والدعم الأميركي اللامحدود لإسرائيل في الاستمرار في عدوانها واحتلالها للأراضي العربية وهي تتعرض على نحو متواصل لضغوط أميركية.
5- لروسيا مصلحة في تعزيز دورها على الصعيد الدولي حيث تشكل سورية في هذا الإطار بوابة مهمة إلى المنطقة بالنسبة لموسكو لما لها من دور وتأثير إقليمي يقرّبه الجميع ,وكذلك فإن سورية ترى في روسيا دولة كبرى مهمة على الصعيد الدولي , فهي من الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن , ودورها الدولي في تصاعد مستمر ,وبالتالي , فإن خلق شراكة استراتيجية معها يحصن ويدعم سياسات سورية المستقلة, ويعزز دورها الإقليمي .
على الصعيد الاقتصادي
لقد اكتسبت العلاقات السورية مع الاتحاد السوفييتي منذ الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينات تجربة غنية.. انعكست ايجابياً على تطور الروابط بين البلدين , وأثمرت معاهدة للصداقة والتعاون بين الاتحاد السوفييتي السابق وسورية مشيرين إلى أن علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والتقني بين سورية والاتحاد السوفييتي ..بدأت منذ عام 1975, مستندة إلى عدة اتفاقات وبروتوكولات.. وتطور فيما بعد من خلال اتفاقيات التعاون التجاري والاقتصادي والتقني الموقعة في نيسان 1993, حيث تم وبمساعدة روسيا تنفيذ أكثر من ستين مشروعاً منها محطة سد الفرات لتوليد الطاقة الكهربائية ,و»محطة البعث« ومحطة تشرين الحرارية والعديد من المحطات النفطية والغازية ومشروعات الري واستصلاح الأراضي.. وقد سمحت المساعدة التقنية التي قدمتها الشركات والمؤسسات السوفييتية الروسية لشركة النفط السورية باكتشاف وحفر 46 بئراً نفطياً وغازياً واستثمار 42 حقلاً نفطياً في شمال شرق سورية.. وقد وصل عدد الخبراء الروس العاملين في المشروعات الاقتصادية السورية الروسية إلى أكثر من 1000 خبير حتى عام 1992,وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما مليار دولار إلا أن هذا الرقم بدأ بالتراجع ليصل إلى 158 مليون دولار عام 2000 و193,8 ملايين دولار عام 2003, وهو لايتوافق مع القدرات الكامنة لدى سورية وروسيا.. ويطمح البلدان لإعطاء ديناميكية لتعزيز التبادل التجاري الاقتصادي ليتطور بشكل تصاعدي لاحقاً.. وعلى الصعيد العلمي والاجتماعي والثقافي تم تأهيل وتخريج أكثر من 35 ألفاً من الجامعات والمعاهد السوفييتية والروسية, ووجود علاقات أسرية ومزاوجة ومعايشة قربت بين الشعبين السوري والروسي.. وهي من العوامل التي تعزز التقارب بين الشعبين والبلدين.
من هنا ,تأتي زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى جمهورية روسيا الاتحادية خطوة هامة في طريق تطوير أوجه التعاون بين البلدين, وتتويجاً لعلاقات ناجحة يزيد عمرها عن ستين عاماً, ومازالت في ريعان شبابها, وتشكل هذه الزيارة حدثاً هاماً في تاريخ العلاقات بين البلدين ويُنتَظر من هذه الزيارة التاريخية أن تستجيب لرغبة الشعبين السوري والروسي في توثيق عرى التعاون الثنائي في النواحي العلمية والثقافية والاجتماعية, إضافة إلى متابعة التنسيق في المواقف السياسية تجاه مايجري في منطقة الشرق الأوسط ,وانارة غرفة العمليات الاستراتيجية التي تجمع دمشق و موسكو على طاولة واحدة لمواجهة الأزمات التي تتعرض لها المنطقة, خاصة و أن روسيا أعلنت عن رغبتها في تحقيق السلام والاستقرار للشعوب التي ترزح تحت نير الاحتلال الأجنبي, وأكدت على ضرورة الالتزام بمبادىء الشرعية الدولية, ووقفت إلى جانب تدعيم وجهة النظر السورية في المنظمات والمحافل السياسية الدولية من خلال اعتبار سورية شريكاً استراتيجياً هاماً في المنطقة, ولها الدور الرئيس في تحقيق الاستقرار المنشود لمنطقة الشرق الأوسط اعتماداً على موقعها الدولي وسياستها الخارجية الناجحة.
إن التعاون السوري- الروسي يهدف إلى تطوير العمل المشترك من أجل تحقيق الازدهار الاقتصادي والتطور التنموي في سورية وللمساهمة في تحقيق السلام في المنطقة بما يخدم مصالح الشعبين في البلدين..ويضمن نجاح جهود الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.