تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


(والأمانة ما تحملها جبال)

مجتمع
الخميس 21/8/2008
ملك خدام

عرضت على الجبال فما حملتها, وحملها الإنسان وكان لنفسه ظلوماً.. ليس بسبب ثقل الحمل وإنما لأن من يحمل الأمانة, لابد أن ينوء بوزرها, حتى يؤديها لأصحابها, وينام بعدها ملء عينيه, قرير العين, هادىء البال, فما حال من اؤتمن على صندوق?!

قالوا: »حامل المال تعبان«, فكيف المؤتمن عليه, والمعرض لوزره, من كسر وجبر, وسجن, وأحياناً قتل..‏

ناهيك عن فقدانه الاحساس بالعملة, من كثرة ما يعد ويفت وأمراض -الاكزيما- في اليد بسبب التماس المباشر واليومي, مع المواد الحافظة للأوراق النقدية, عداك عن أمراض عدم التكيف مع المحيط والمجتمع, فهو من جهة قائم على مبالغة طائلة من المال, وفي ذات الوقت قد لا يجد في جيبه (كموظف حكومي) في نهاية الشهر ثمن الدواء أو الغذاء أو الكساء لأطفال كزغب القطا يفتحون في وجهه مناقيرهم, فلا يجد ما يغلقها به سوى المماطلة والوعد والتسويف ريثما تأتي بداية الشهر الجديد.. حقيقة إنهم -مظلومون- شريحة أمناء الصناديق الذي قد يحسدهم من ينظر إليهم من الخارج ظناً منه أن -الفراطة-التي قد يتركها لهم البعض قد تغنيه أو تسمنه من جوع, وهي في حقيقة الأمر لا تكاد تجبر -كسراً- يكتشفونه في مراجعة مجمل حركة الصندوق, آخر النهار.. ما حدا بي إلى الحديث عنهم, حادثة أثرت بي بالأمس القريب, عن إلقاء القبض على أمين صندوق في مصرف حكومي, بتهمة الاشتراك الجرمي مع عصابة محترفة في تزييف الشيكات والعملات.‏

وقد علمت من رؤساء وزملاء المقبوض عليه, أنه كان مثال الأمانة والنزاهة, ولا يمكن أن يكون متورطاً مع متعامل أو زبون, وقولهم: ربما -ضخامة العمل- تترك مجالاً لخطأ غير مقصود, ولاسيما أن إحدى أمينات الصناديق, تنفذ أكثر من /30/ إشعاراً مصرفياً في اليوم, في حين أن أي أمين صندوق في القطاع الخاص لا يستطيع أن ينفذ بشق الأنفس أكثر من 20 إشعاراً في اليوم.‏

ناهيك عن فداحة المبالغ المودعة في صناديق هذه الأيام, وقد حدثني أمين صندوق سابق أنه كان يشعر برعشة الخوف والارتباك إذا كان في صندوقه مليون ليرة, فكيف بمن يشهد في صندوقه اليوم أكثر من خمسين مليون ليرة..‏

أضف إلى ذلك أن بعض ضعاف النفوس قد يستغلون ثقة أمين الصندوق بأحد المتعاملين أو الزبائن ويمررون بين أوراقهم النقدية بعض القطع المزيفة (ربما بغير علم المتعامل كتاجر يقبض العملة ممن هب ودب من الناس) وعندئذ تقع »الفاس بالراس« ونجد أمين الصندوق -(وأحدهم كنت أعرفه شخصياً وهو شاب جامعي في آخر سنة حقوق)- يساق إلى المخفر ومنه يحال إلى قاضي التحقيق في القضاء, ويوقف على ذمة التحقيق في القضية إلى أن يأتي فرج الله, ويتم إلقاء القبض على الفاعلين وتثبت براءته, هذا بالرغم من أن القاعدة القانونية تقول:‏

المتهم بريء حتى تثبت إدانته, وليس العكس.. هي دعوة للرأفة بحال -أمناء الصناديق- فهم كالقوارير المعتقة, لا يدرك مقدار أمانتها, إلا من قطرها وعتقها بالخبرة المديدة, وعجنها بالهم والسهر على اداء أمانات الناس لأصحابها فما ذنبهم إن شحت -الأمانة- بين الناس?!‏

تعليقات الزوار

محتاج للمساعدة |  chexqqq@hotmail.com | 21/08/2008 15:14

ممكن اطلب منك ايميلك انا محتاج للمساعدة رجاء راسليني على هالايميل اذا بتقدري تساعديني chexqqq@hotmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية