تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لماذا صمت الغرب عن استهداف حلب بالغازات السامة ..؟!

الثورة
دراسات
الثلاثاء 27-11-2018
عبد الحليم سعود

لم تتأخر الجماعات الارهابية المتبقية في محافظة إدلب وريف حلب الغربي ممن تحظى بدعم تركي وغربي في الإفصاح عما يداخلها من مشاعر اليأس والإحباط والجنون جراء هزائمها المتواصلة أمام الجيش العربي السوري، والتعبير عن طبيعتها الإجرامية المتأصلة وحقدها على المدنيين الأبرياء

+‏

الذين وقفوا في وجهها وقاوموها ورفضوا انتهاكاتها وجرائمها، فأقدمت مساء السبت على جريمة جديدة نكراء بحق أهلنا الآمنين في مدينة حلب كان غاز الكلور السام المحرم دوليا أداتها لارهاب المدينة التي لفظتهم وتخلصت قبل عامين من فلولهم على أيدي ابطال الجيش العربي السوري.‏

في التوقيت تبدو هذه الجريمة النكراء استهدافاً واضحاً لاتفاق سوتشي الموقّع بين الجانبين الضامنين في مسار آستنة أي روسيا وتركيا، وطلقة الرحمة الأخيرة على ما تبقى منه بعد الخروقات المستمرة للهدنة من قبل الجماعات الارهابية في إدلب، وهو محاولة جديدة لخلط الأوراق بغية استدعاء تدخل خارجي يعيد الاستثمار في هذه الأدوات الآيلة للسقوط والانهيار بعد كل ما خسرته في الصراع على الجغرافيا، وما أصابها من تآكل وتمزق واقتتال بين تشكيلاتها بسبب اختلاف الأجندات المرسومة لها وتصارع الداعمين والممولين لها وتناقض مصالحهم.‏

منذ ما قبل التوقيع على اتفاق سوتشي منتصف أيلول الماضي لم تنقطع الأخبار المتواترة عن استعدادات تجريها الجماعات المتطرفة في إدلب وعلى رأسها جبهة النصرة أو ما يطلق عليها «هيئة تحرير الشام» والحزب التركستاني بالتعاون مع ما تبقى من مجموعة الخوذ البيضاء الارهابية من أجل القيام باستفزاز كيماوي يحول دون قيام الجيش العربي السوري بتحرير المحافظة الوحيدة الواقعة بصورة شبه كاملة تحت سيطرة الارهاب، وخاصة بعد الاستعدادات العسكرية التي أنجزها على تخوم المحافظة انطلاقا من أرياف حماة واللاذقية وحلب، غير أن نظام اردوغان الذي يعتبر المتنفس الوحيد والحاضن الإقليمي الأخير لهذه الجماعات استمات في محاولاته الهادفة لإنقاذها من المصير الذي ينتظرها، متذرعا مرة بالحفاظ على حياة المدنيين الذين يقيمون في المحافظة، ومرة بالإرتدادات الخطيرة التي ستصيب أمن تركيا جراء فرار هذه الجماعات من إدلب ودخولهم الاراضي التركية، ما دعا الجانب الروسي الى التفاهم مع حلفائه في محور المقاومة إلى توقيع اتفاق هدنة يؤمن إنشاء منطقة منزوعة السلاح والارهابيين بعمق عشرين كيلو مترا في المحافظة تمهيدا لإخراج الجماعات المتطرفة من المحافظة كلياً، على أن تدخل عناصر من الشرطة الروسية والتركية إلى هذه المنطقة لمراقبة سريان الاتفاق وتنفيذ بنوده، ولكن في إطار التمهيد لاستعادة السيادة السورية على المحافظة بشكل تدريجي وعودة المؤسسات إلى عملها دون اللجوء إلى معركة حاسمة قد تتسبب بدمار البنية التحتية وتدفع إلى موجة لجوء جديدة بين المدنيين الذين يتم استغلالهم كدروع بشرية من قبل الإرهابيين.‏

ولكن رغم ترحيب دول غربية بالاتفاق المذكور ومنها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا، إلا أن هذه الدول لم تكف عن التهديد بالعدوان على سورية والانتقام منها في حال تم استخدام السلاح الكيماوي، وكأنها كانت متأكدة وعلى علم مسبق أن هذا السلاح سيستخدم في لحظة ما لتقديم الذرائع المطلوبة لراغبي العدوان، وقد حذرت روسيا مرات عديدة وقدمت معلومات موثقة عن وصول شحنات كيماوية إلى بعض مناطق إدلب بغية القيام باستفزاز كيماوي، وقبل أيام قليلة وردت معلومات عن وصول إرهابيين فرنسيين إلى محافظة إدلب عبر تركيا وهم متخصصون بتذخير القذائف والصواريخ بالغازات والمواد السامة من أجل القيام باستفزاز ما.‏

غير أن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، لماذا اختار الإرهابيون استهداف مدينة حلب بغاز الكلور فيما كانت كل المعلومات تشير إلى أنهم يحضرون لاستفزاز أو مسرحية كيماوية في إدلب على شاكلة المسرحيتين اللتين نفذوهما في كل من دوما وخان شيخون، واستخدمتا كذريعة لعدوانين بربريين على سورية من قبل الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا..؟!‏

من المؤكد أنهم أرادوا الانتقام من مدينة حلب لأنها المدينة التي هزمتهم ببسالتها وقوّضت مشروعهم في إسقاط سورية، ولكنهم اختاروا أن يقصفوا أحياءها الآمنة بالمواد السامة هذه المرة لأنهم يدركون أن الجيش العربي السوري سيرد عليهم عسكرياً ويستهدفهم في محافظة إدلب، حيث معاقلهم التي يحتفظون فيها بمخزونات من غاز الكلور والمواد السامة، وعندها تصبح فرصتهم أكبر للإطاحة باتفاق سوتشي الذي لم يحقق لهم مبتغاهم بإعلان المحافظة كانتوناً إرهابياً تابعاً لتركيا كما كانوا يتمنون، وثانيا كي تتاح لهم فرصة جديدة للقيام بمسرحية كيماوية تعطي مبررا لمحور العدوان كي يستعيد نغمة العدوان على سورية، وخاصة أن الدول التي أطلقت العنان لتهديداتها طوال الوقت جاهزة لتصديق أي رواية يخترعها هؤلاء، وقد جرت محاولات غربية يائسة في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية من أجل تغيير التفويض الممنوح للمنظمة في إطار التحقيق بالهجمات الكيماوية إلا أنها اصطدمت بموقف روسي رافض.‏

اللافت للانتباه حيال الاعتداء الارهابي الأخير الذي استهدف حلب بالغازات السامة أن الدول الغربية وقفت حائرة ومترددة ولم يصدر عنها بيانات استنكار وإدانة واضحة لما جرى، وهذا إن دلّ فإنما يدل على أحد أمرين الأول معرفتها المسبّقة بالذين يستخدمون السلاح الكيماوي في سورية منذ حادثة خان العسل الحلبية في آذار عام 2013 حتى اليوم، وهم متأكدون من أن سورية سلمت كامل مخزونها من هذا السلاح تنفيذا للقرار الأممي 2118، وبالتالي فإن الإدانة تلزمها بموقف أخلاقي إضافي لاتتوافر شروطه عند قادة الغرب، الثاني أن الدول الغربية تفاجأت بهذا الاستفزاز الكيماوي ولم تكن مستعدة لاستغلاله في إطار رغباتها العدوانية، وخاصة بعد أن أصبحت سماء سورية محصنة بالدفاعات الجوية الروسية القادرة على إحباط أي عدوان وإفشاله.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية